كتاب "العلاقات الإسرائيلية الأميركية"

أطلق المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، كتاب "العلاقات الإسرائيلية الأميركية في شرق أوسط متغير" للباحث الشاب عبد الجواد عمر، وذلك ضمن برنامج "دراسة المشروع الصهيوني" الذي يعمل عليه المركز.

جاء ذلك خلال ندوة نظمها المركز، بمشاركة عشرات الشخصيات السياسية والأكاديمية والشبابية، في مقريه بالبيرة وغزة، عبر نظام "الفيديو كونفرنس"، وأدارها في البيرة الباحث في المركز رازي نابلسي، وفي غزة مدير المكتب صلاح عبد العاطي.

وافتتح نابلسي الندوة، مشيرا إلى أن هذا الإصدار يأتي ضمن برنامج "دراسة المشروع الصهيوني"، الذي أطلقه المركز منذ نحو عامين، وصدر عنه حتى اليوم أربعة إصدارات بحثية تتناول مجالات مختلفة، منها إسرائيل والبيئة الإقليمية، والإعلام الإسرائيلي، بالإضافة إلى بحث آخر عن الاستيطان وسياسات إنتاج المعازل، منوها إلى أبرز العناوين التي تتناولها الأبحاث المتوقع إنجازها في وقت قريب.

وشدد على أن هذا البرنامج هو بحثي سياساتي يدرس إسرائيل من نقطة انطلاق فلسطينية، بالتركيز على دراسة منظومات السيطرة الاستعمارية الاستيطانية وتقديم توصيات سياساتية لمواجهتها، ليشكل بذلك مساندا للفلسطيني في صراعه مع الاستعمار الصهيوني، ويقرأ البرنامج إسرائيل كنظام استعماري بهدف تفكيكه، ولا يدرسه لمجرد الدراسة، مضيفا أن البرنامج يلتقي مع برامج المركز الأخرى ويشكل مكملا لها.

واستعرض الباحث عمر، أبرز خلاصات البحث الذي أعده حول العلاقات الأميركية الإسرائيلية، وذكر: أن الموضوع شائك جدا ويتداخل في مواقع عدة، فهو يتعلق بتغيرات خارجية دولية، وأيضا داخلية لها علاقة بالتغيرات التي تحصل في المجتمعات الداخلية في كلا البلدين، منوها إلى أن "النفط هو أحد العوامل المهمة جدا في العلاقات الإسرائيلية الأميركية، إذ إن وجود إسرائيل كقوة مهيمنة على المنطقة عسكريا، والحفاظ على تفوقها، يضمن ويضبط عدم بروز قوة عربية أخرى في المنطقة من شأنها أن تهيمن على تدفق النفط إلى العالم الغربي والعالم الرأسمالي عموما، وأن تحد من هيمنة أميركا على سوق النفط العربي".

وأشار إلى عامل آخر يلعب دورا مهما، وهو "التشابك الثقافي بين البلدين، والمتمثل في شريحة واسعة من النخب الفكرية التي ترى إسرائيل حليفا استراتيجيا وانعكاسا لأميركا وثقافتها في الشرق الأوسط".

واعتبر أن "التغيرات في المجتمعين الصهيوني والأميركي تجعل من هذه العلاقة مركبة وغير متوقعة بعض الشيء، ففوز دونالد ترامب مثلا لم يكن هو الخيار الوحيد، وكان من الممكن أن يفوز أيضا بيرني ساندرز الذي يعد على يسار الحزب الديمقراطي، حيث كنا سنشهد تباعدا أكثر في العلاقة بين البلدين، إلا أن فوز ترامب أدى إلى تقارب، ما يدل على أن العلاقات ما بين البلدين تتعلق إلى حد كبير بالتغيرات الديمغرافية ونتائج الانتخابات في كلا البلدين".

وأكد عمر أن "هذا التقارب والتباعد لا ينذر بقطيعة نهائيا، بل يدلل على توجهات مختلفة، ولكن حاجة إسرائيل إلى قوة عظمى تساندها في وجودها بمنطقة ترفضها هي ضرورة وجودية بالنسبة إلى الكيان الصهيوني، وحاجة أميركا إلى إسرائيل لا تزال مهمة جدا"، مستبعدا أن تلعب أميركا دور الضاغط الجدي للوصول إلى حل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.

وطرح الجمهور بعض المداخلات والأسئلة، حيث قال الباحث في رده إن إسرائيل "تحتاج أميركا لتستمر في وجودها، وإن لم تكن أميركا فإنها تبحث دائما عن قوة عظمى تساندها، وهي لا تستطيع الاستمرار بالوجود في المنطقة دون هذا الدعم".

ولفت إلى أن إسرائيل ورغم التضخيم لمكانتها وتأثيرها على السياسة الأميركية، إلا أنها لا تزال الحلقة الأصغر في هذه العلاقة، لاسيما بعد الخلافات التي بدأت تبرز ما بين النخب اليهودية في أميركا وبين الدولة الإسرائيلية، والتي تتعلق بالتغيرات الديمغرافية وسيطرة اليمين القومي والديني في إسرائيل، مقابل نخب ليبرالية يهودية لا تزال تسيطر على اللوبي الصهيوني الأميركي، مبينا أن هذا الخلاف "لا يرقى إلى حد العداء، ففي النهاية هم صهاينة ومهما يختلفون مع إسرائيل تبقى هي الدولة اليهودية التي سوف يساندونها ويدعمون وجودها".