غزة ـ محمد حبيب
أكدَّت مصادر كنسية في غزة أنَّ أعداد المسيحيين في القطاع في تناقص منذ الاحتلال الإسرائيلي 1967 مروراً بانتفاضة الأقصى 2000 والحصار الإسرائيلي 2007 حيث أدَّت هذه الأسباب، بحسب تلك المصادر، إلى تناقص أعداد المسيحيين في قطاع غزة، وفلسطين كلها. ويبلغ عدد المسيحيين في قطاع غزة قرابة 3500 مواطن من بين مليون و700 ألف فلسطيني يقطنون القطاع، وقبل عام 1948، كانت نسبة المسيحيين 10% من سكان فلسطين كلها، إلا أنَّها اليوم لا تتجاوز 1.3%. وأرجع مدير العلاقات العامة في دائرة الشؤون المسيحية بكنيسة بيرفيروس في غزة كامل عيّاد تناقص أعداد المسيحيين إلى عدة أسباب من أهمها "هجرة عائلات مسيحية كثيرة عقب الاحتلال الإسرائيلي للقطاع منذ العام 1967 إلى دول غربية، بسبب الظروف الاقتصادية القاسية". وأضاف، في تصريحات صحافية، "بعد إنشاء السلطة الفلسطينية (1994 عقب اتفاقية أوسلو للسلام) كان هناك أمل باستقرار الوضع السياسي والاقتصادي مما شجع عددًا كبيرًا من المسيحيين على العودة". واستدرك "لكن نشوب الانتفاضة الثانية (نهاية عام 2000) وتشديد الحصار على القطاع عقب سيطرة حركة حماس عليه عام 2007، دفع المسيحيين للهجرة مجددًا". وشدد عياد على أنَّ "ظاهرة الهجرة منتشرة في صفوف المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين على حد سواء، لكن تأثيرها لا يظهر لدى المسلمين بسبب عددهم الكبير، وخصوبتهم العالية". وأردف "انخفاض عدد المواليد المسيحيين ساهم في التناقص الحاد في أعدادهم، فقد اكتفت العائلة المسيحية الواحدة بإنجاب طفل أو طفلين بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور جراء الحصار الإسرائيلي، فقد أنجب جدي ثمانية أطفال، فيما أنجب والدي أربعة أطفال، أما أنا فاكتفيت فقط بإنجاب ثلاثة". ورغم تناقص أعداد المسيحيين فإنَّهم حريصون على الاحتفال بأعياد الميلاد في كل عام، حسبما أكد عياد، مضيفًا "رغم الحصار، وتناقص أعداد المسيحيين، تتم الصلوات الدينية داخل كنيسة القديس برفيريوس كل عام، وتتضمن احتفالات خاصة بالأطفال كعرض مسرحية عن ميلاد السيد المسيح بالإضافة إلى تراتيل دينية ودبكة تراثية فلسطينية (..) وفي نهاية الاحتفال يتم توزيع هدايا رمزية للأطفال عبر شخصية بابا نويل، كما تضاء شجرة عيد الميلاد، بوجود المطران ووجهاء المجتمع المسيحي". وتابع "لا يمكن هنا أن نغفل دور إخواننا المسلمين في العيد حيث تأتي التنظيمات الوطنية والإسلامية والمخاتير (رؤساء العائلات) والجيران لتهنئة المجتمع المسيحي بالعيد المجيد". وذكر الأب مانويل مسلّم، راعي كنيسة دير اللاتين عن الطائفة الكاثوليكية، في تصريحات صحافية سابقة أنَّ عدد المسيحيين في (الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس) يبلغ 65 ألفًا يتوزعون بين طائفتين (أرثوذكس 70% وكاثوليك 30%)، يسكن منهم في الضفة الغربية أكثر من (51 ألفًا) وفي مدينة القدس أكثر من (10 آلاف) وفي قطاع غزة حوالي (3500 مسيحي)، بحسب مسلّم. وتوصف العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في قطاع غزة، بـ"الإيجابية"، حيث لم تسجّل عبر التاريخ الحديث أي إشكاليات تذكر، سوى احتجاجات نادرة لبعض العائلات المسيحية على إشهار بعض أبنائها لإسلامهم. ومن العائلات المسيحية الشهيرة في غزة "ترزي، خوري، عياد، الصايغ، الطويل، الصّراف". وما زال المسيحيون في قطاع غزة يحتفظون ببعض المؤسسات الأهلية البارزة، مثل: "جمعية الشبان المسيحية"، و"جمعية اتحاد مجلس كنائس الشرق الأوسط"، وهي جمعيات تقدم خدمات إنسانية للمسلمين والمسيحيين على حد سواء. كما يمتلكون عددًا من المدارس الخاصة ومنها "مدرسة العائلة المقدسة، ومدرسة البطريركية اللاتينية، ومدرسة راهبات الوردية، ومدرسة الروم الأرثوذكس"، غالبية طلابها والعاملين فيها مسلمون نظرًا لقلة عدد المسيحيين في القطاع. وتدل الاكتشافات الأثرية على وجود تراث مسيحي تاريخي في قطاع غزة، حيث اكتشفت آثار تعود إلى القرن الرابع الميلادي، منها دير القديس هيلاريون في مدينة النصيرات وسط القطاع، والذي يعتبر مؤسس المسيحية في فلسطين. ومن أهم الكنائس المسيحية كنيسة القديس بيرفيريوس في حي الزيتون شرق مدينة غزة، والتي بنيت في القرن الرابع الميلادي.