الذكرى الخامسة للثورة التونسية

بعد مرور خمسة أعوام على اندلاع الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، يرى الكثير من التونسيين أن الثورة لم تحقق النتائج المرجوة منها، رغم أن البلاد شهدت عقب ذلك حرية لم تعرفها من قبل، حسب محللين سياسيين.

وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر 2010، أشعل محمد البوعزيزي شرارة الثورة بعدما أحرق نفسه، لتعم البلاد بعد ذلك احتجاجات انتهت  بهروب بن علي.

ويقول الباحث والمؤرخ عبد اللطيف الحناشي، في تقييمه لنتائج الثورة، في الذكرى الخامسة لها، إن “أهم ما تحقق هي هذه الحرية التي ننعم بها، وتتمثل في حرية التعبير وحرية التعدد الحزبي، وهي مكسب كبير، ما كان ليتحقق لولا الثورة”.

وأشار الحناشي، إلى أن “الانتخابات التي عرفتها تونس بعد الثورة، تمخضت عن مجلس تأسيسي، ثم انتخابات تشريعية وأخرى رئاسية في دورتين في نهاية 2014، وتمت بشكل عام، في نزاهة وشفافية وسلمية برغم التطورات الأمنية، والأهم من كل ذلك أنه تمت كتابة دستور تاريخي وفريد حتى في الدول المتقدمة، حيث تفاعل البرلمانيون مع كل التطورات العالمية على صعيد حقوق الإنسان، إلى جانب قضايا مهمة ذات أهمية بالنسبة للتونسيين جميعاً”.

لكنه رأى أن “النخبة التونسية التي حكمت البلاد منذ الثورة، عجزت عن معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ليس فقط في الجهات الداخلية ولكن في تونس العاصمة والمدن الساحلية، وهذا يرتبط بعدم وجود رؤية واضحة ذات بعد استراتيجي”.

وأضاف أن “الصراع والتجاذبات السياسية لم تكن على برامج اقتصادية واجتماعية بل في كثير من الأحيان على قضايا سياسية وحزبية ضيقة، وهو ما عطل الكثير من المشاريع، رغم أن هذه الأحزاب قدمت في برامجها السياسية، قبل الانتخابات، وعوداً كبيرة، لكنها لم تتمكن من تحقيق الحد الأدنى منها، ولذلك نلاحظ أن البطالة ارتفعت خاصة عند الشباب أصحاب الشهادات العليا، كما تضاعفت نسب الفقر في العديد من الجهات وخاصة الداخلية منها”.

واعتبر أن “الأخطر من كل هذه النقائص، التي يمكن معالجتها، الفساد الذي استشرى بين أطراف المجتمع ولم يعد مقتصراً على عائلة دون أخرى مثلما كان عليه الحال قبل الثورة”، مؤكداً أن “الدولة، للأسف لم تعد قادرة على ضبطه حتى تتمكن من القضاء عليه، من خلال بناء استراتيجية وطنية تعنى بذلك”.

وتابع الباحث أن “هناك تحديات أخرى قد تعطل مسارات الإصلاح، ومنها انعكاسات وتداعيات الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية في ليبيا”، منوهاً إلى أن تونس “تعتمد في جانب كبير من اقتصادها، على مستوى التصدير، بعد توقف العديد من المؤسسات التونسية التي كانت تنشط في ليبيا قبل الثورة، عن العمل”.

وأشار إلى “تضرر القطاع السياحي في تونس، بسبب العمليات الإرهابية”، مشدداً على أن “أخطر ما يهدد تونس حالياً، هو الإرهاب الذي كان مرتكزاً في بدايته في الجبال، ثم بدأ يصل إلى المدن”.

من جانبه، قال حسين العباسي، أمين عام اتحاد الشغل في ولاية “سيدي بوزيد” إن “مطالب شباب هذه الولاية الذين ساهموا في اندلاع الثورة، لم يتحقق منها سوى الحرية، رغم مرور خمسة أعوام على اندلاع شرارة الثورة”.

بارقة أمل

ورغم عدم تحقق الكثير من مطالب الثورة، والمشكلات التي أعقبت اندلاعها، يرى عبد اللطيف الحناشي أنه “برغم هذا الارتباك الذي ميز النخبة السياسية التونسية التي حكمت البلاد بعد الثورة التونسية، هناك أمل كبير في تجاوز كل هذه الصعوبات، وذلك بالاستناد خاصة على وعي المواطنين”.

وأشار إلى أن “هذه التجربة، مرت بها العديد من الدول، وتطلبت وقتاً أطول مما تطلبته في تونس”، معرباً عن “تفاؤله بدعم ومساندة الدول الشقيقة والصديقة، وتجاوز الصعوبات والعراقيل”.

بدوره، قال الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، كمال الجندوبي، في تصريح إذاعي، إن “ضعف الدولة لا يعني عدم وجود الحلول، ولا يدل على أننا ليس لدينا القدرة على اتخاذ القرارات والخروج من هذا الضعف الذي لا يزال متواصلاً منذ الثورة”.

ودعا الجندوبي إلى “ضرورة إعادة الثقة بين الدولة والمواطن”، معتبراً أن انعدام الثقة بين الطرفين، “أمر خطير”