غزة ـ فلسطين اليوم
يجلس أبو محمد سكر وهو في العقد الخمسين من عمره تحت خيمته البسيطة التي بناها هو وأخوته وأولادهم فوق ركام منزلة المدمر، يتسامرون ويتذكرون معالم المنطقة التي أصبحت ركاماً متناثرة على طول الطريق.
شبك يديه ببعضهما وبدأ يروي لحظات نجاته من الموت المحقق بأعجوبة، في أعقاب تعرض منزل عائلته المكون من سبعة طوابق ومحلين بفعل الاستهداف المباشر لطائرات الاحتلال الاسرائيلي للمنطقة بشكل عشوائي وعنيف.
وشنت طائرات ودبابات الاحتلال في اليوم الثالث عشر للعدوان الاسرائيلي غارات عنيفة على منازل المواطنين في حي الشجاعية بشكل عشوائي ما أدى الى تغير ملامح المنطقة الشرقية بشكل كامل وارتقاء أكثر من 70 شهيداً في ليلة واحدة ما أطلق عليها "مجزرة الشجاعية".
ويقول : " جلسنا جميعنا على مائدة الإفطار في شهر رمضان المبارك على صوت المدافع الإسرائيلية التي تستهدف محيط الخط الفاصل شرق الشجاعية، كانت الاستهدافات مسموعة لكنها بعيدة عن المنازل والمواطنين، انتهينا من الافطار وما هي إلا ساعات حتى بدأت القذائف تستهدف السكان بشكل عشوائي ومباشر".
ويضيف " بدأت اصوات المواطنين تعلو بأن الاستهدافات على المواطنين ويجب علينا الهروب فوراً، وما أن بدأنا بتجهيز أدواتنا للهروب حتى بدأت المدفعية بقصف شارع النزاز وشارع البلتاجي بطريقة جنونية استمرت حتى ساعات الفجر الأولى لكي تمنعنا من النجاة بأطفالنا".
ومع ساعات فجر يوم المجزرة، تمكن الحاج أبو محمد من الهرب مع عائلته تاركاً خلفه نجله محمد وتوجه نحو مدراس "الأونروا".
ويعاني أبو محمد وعائلته من نقص كثيراً في المواد الغذائية التي تقدمها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين في مدارس الايواء، فهي تقدم وجبات محدودة جداً في الاطعمة وقله الأدوية ومواد التنظيف.
وشنت "إسرائيل" منذ السابع من شهر يوليو عدوان شرس استمر على مدار 51 يوماً استشهد خلاله أكثر من 2200 فلسطيني، وأصيبت أكثر من 10 آلاف أخرين معظمهم من النساء والأطفال والمسنين، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة.
استشهاد محمد
لم يتمالك أبو محمد نفسة وهو يروي عن نجله الشهيد محمد، وبدأت عيونه تدمع بحرقة، ويقول : " بعد جلوسنا بالمدراس علمت بخبر استشهاد محمد، لم أستطع اخراجه ونقلة إلى مثواه الأخير بسبب استمرار العدوان إلا في اليوم الرابع من شهر 8 بعد أن هدنة انسانية بين المقاومة والاحتلال".
و الشهيد محمد متزوج حديثاً ولدية من الابناء اثنان هما حسني الذي ولد في العام 2011 ومعاذ ولد في عام 2012.
ويقول لـ" صفا" : " لا شك بأن الشعب الفلسطيني جريح ولا أحد يستطيع انكار ذلك، ولكن هذا قضاء الله وقدرة وما يأتينا من الله خيراً ويجب علينا التحلي بالصبر من أجل التحرير".
ويشير أبو محمد إلى أن الاحتلال الاسرائيلي بات يعرف جيداً بأن المقاومة الفلسطينية الأن مستعدة له أكثر، وما تعرض له ما هو إلا قليل جداً.
ويؤكد أبو محمد بالرغم من الابتلاء الكبير الذي حل به من تدمير منزله وفقدان نجله محمد أن المقاومة الفلسطينية انتصرت لمحمد وللشعب الصابر.
وتوجه الحاج ببعض الكلمات إلى العالم من أجل نصرة غزة وشعبنها واطفالها الذين لا يختلفون كثيراً عن شعوب العالم، " فالجميع يحلم بالحرية والعيش بكرامة بدون احتلال متغطرس".
(واس)