رحلة علاج ينتقل بها جريح فلسطيني

رغم البعد الجغرافي بين شقي الوطن، والعوائق التي يضعها الاحتلال لمنع التواصل بين أهل الشقّين، إلا أن الضفة الغربية وقطاع غزة لم يرضخا لهذا الواقع، وحرص أهلهما على التكاتف والتعاون رغم كل شيء، ويظهر ذلك في مواقف عدّة، منها استقبال الفلسطينيين في الضفة للمرضى والجرحى المتجهين من غزة لتلقي العلاج في مستشفيات الضفة، وقد تجدد هذا المشهد مع توالي سقوط الإصابات في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار.

ففي كل رحلة علاج ينتقل بها جريح فلسطيني من غزة للضفة، يقرر فلسطينيو الضفة استقباله بأبهى صورة، فيجتمع العديد منهم ليكونوا الحضن الدافئ له، بعد أن ترك حياته وأهله في غزة، خاصة إن رفض الاحتلال إدخال مرافق معه.

الاستعداد لفعاليات الاستقبال يبدأ فور نشر خبر نقل مُصاب ما من غزة للضفة، ويستخدم النشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لحشد الراغبين بالتطوع في الاستقبال، الذي يحاول كل منهم أن يضع بصمة في التخفيف عن الجريح، إيمانًا منه بأن الأثر الذي يتركه كبير جدًا، وغالبا ما تتم هذه الفعاليات بجهود فردية، أو من خلال فرق شبابية بسيطة.

مسؤولية
الناشط المقدسي أسامة برهم قال: إن "عزل القطاع عن باقي فلسطين تسبب بشعورنا بالعجز تجاه ما يحدث فيه، ونشعر بالتقصير تجاه أهله، لذا فإننا نحاول تعويض ذلك بطرق مختلفة، منها أن نقف إلى جانب كل شخص يأتي من القطاع، فنزور الجرحى الذي يتلقون العلاج هنا".

وأضاف لـ"فلسطين": "الروابط الاجتماعية، مثل علاقات النسب، بدأت تختفي بسبب الحدود، حتى أسرى غزة في السجون الإسرائيلية لا نستطيع زيارتهم، ولو فتح الاحتلال الباب أمامنا لزيارتهم، سنجد الآلاف ينتظرون على أبواب السجون من أجل التضامن مع الأسرى".

وتابع: "لذا، وجدنا أن أفضل وسيلة تمككنا من التواصل مع أهلنا في القطاع، هي أن نكون معهم في المستشفيات".

وواصل: "الجميل في الأمر أن قضية الترابط مع الجرحى غير حزبية، بل هي فردية فقط".

وأوضح برهم: "أغلب فلسطينيي الضفة يشعرون بالمسئولية تجاه المرضى والجرحى القادمين من غزة لتلقي العلاج"، مبينا: "عند نشر أي خبر عن نقل غزّي لمستشفيات القدس أو الضفة، نجد حشودًا من المدن المجاورة أتت لاستقباله، وذلك بمبادرة شخصية دون دعوة من أي فريق أو جمعية أو مؤسسة".

وقال: "كذلك نحن كناشطين، نجتمع بكثرة عندما نسمع بوجود طفل مريض يُنقل إلى الضفة أو القدس بعد منع مرافقه من الدخول معه، نتجمع بشكل شخصي من أجل أن نكون نحن مع هذا الطفل".

وأشار برهم إلى أن قصص الجرحى تأخذ صدى أكبر ودعمًا أكثر من قصص المرضى، على اعتبار أن الجريح قد أُصيب من أجل القضية وبالتالي لا بد من الوقوف معه.

وبين: "نحن ندرك تماماً حجم العجز في المستشفيات في غزة وقلة الإمكانيات المتوفرة فيها، ومن هذا المنطلق نشعر أن الجرحى بحاجة لدعم كبير".

دعم معنوي
في ذات السياق، ينفذ فريق "بسمة أمل" نشاطات مختلفة لأجل الجرحى والمرضي المتجهين من القطاع للضفة للحصول على العلاج في مستشفياتها، ويحاول الفريق إدخال الفرح على قلوب الأطفال تحديدا.

مدير الفريق محمد الزين قال: "نحن مجموعة فردية شبابية، الهدف من عملنا مساعدة الأطفال الجرحى أو المرضى وأبناء الشهداء والأيتام الذين يأتون من القطاع لتلقي العلاج في الضفة الغربية".

وأضاف لـ"فلسطين" أن الفريق ينفّذ عدة نشاطات لهؤلاء الأطفال للتفريغ النفسي عنهم، وذلك من خلال ارتداء ملابس تشبه شخصيات الرسوم المتحركة واللعب معهم والخروج من جو المرض والمستشفى.

وتابع: "نشتري ألعابًا وهدايا ونقدمها للأطفال، في محاولة منّا لخلق أجواء من الفرح، وننظم حفلات صغيرة لهم، وهو يمثل دعمًا معنويًا أكثر من كونه دعمًا ماديًا".

وأكّد: "كل ما نقوم به هو مبادرات بجهود ذاتية منّا نحن أعضاء الفريق فقط، فنحن لا نتبع لأي جهة خاصة أو منظمة".

وكان من آخر نشاطات الفريق، زيارة الطفل عبد الرحمن نوفل، الذي أصيب أثناء مشاركته في مسيرة العودة، ونُقل لتلقي العلاج في مستشفيات الضفة، وبُترَت قدمه، وعنه، قال الزين: "حالة عبد الرحمن النفسية كانت سيئة، وحاولنا التخفيف عنه قدر المستطاع".