القدس المحتلة ـ فلسطين اليوم
في ظل القرار الإسرائيلي بحظر أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، شهدت القدس الغربية تجمعًا لنائب رئيس بلدية المدينة أريه كينغ، وهو من التيار اليميني المتطرف، مع عدد من أنصاره أمام مكاتب الوكالة، حيث احتفلوا ببدء سريان الحظر المفروض على عملها داخل إسرائيل. لكن في المقابل، كشفت مصادر في تل أبيب عن حالة من التخبط داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن آلية تطبيق القرار ومن سيتولى تقديم الخدمات التي كانت تقدمها الوكالة، ما دفع بعض الجهات الحكومية إلى طلب تدخل وزارة الخارجية الأمريكية لإجراء اتصالات مع الأطراف الدولية المعنية بالملف.
تسود المخاوف في الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء من التداعيات الإنسانية لهذا القرار، إذ من المتوقع أن يؤدي إلى نشوء فراغ كبير في تقديم الخدمات الطبية والتعليمية والبيئية داخل مخيمات اللاجئين، اعتبارًا من مطلع فبراير المقبل، خاصة مع مغادرة كبار موظفي الوكالة ووقف عملياتها في المناطق التي كانت تخدمها.
في الثامن والعشرين من أكتوبر من العام الماضي، أقرّ الكنيست الإسرائيلي قانونين يهدفان إلى إنهاء وجود "أونروا" داخل الأراضي التي تعتبرها إسرائيل تحت سيادتها. الأول ينص على حظر أي أنشطة مباشرة أو غير مباشرة للوكالة داخل إسرائيل، وهو ما يعني فعليًا إنهاء جميع عملياتها في القدس الشرقية، بينما يحظر القانون الثاني على أي مسؤول إسرائيلي، سواء في الحكومة أو المؤسسات العامة، التواصل مع ممثلي الوكالة بأي شكل من الأشكال.
نتيجة لذلك، اعتبارًا من نهاية شهر يناير، ستُمنع وزارتا الخارجية والداخلية الإسرائيليتان من إصدار تصاريح دخول أو عمل لموظفي "أونروا"، كما ستُمنع الوكالة من إدخال أو إخراج بضائع عبر الموانئ والجمارك الإسرائيلية. ومن المتوقع أن تواجه البنوك صعوبة في التعامل مع أموالها، في حين سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى قطع أي علاقات تشغيلية معها، مما سيؤثر على آلية التنسيق مع الجهات الفلسطينية.
غير أن تنفيذ هذه القوانين لا يزال يواجه عقبات كبيرة، إذ لا يوجد تصور واضح داخل إسرائيل لكيفية تطبيقها على أرض الواقع. فخلال جلسة عُقدت في لجنة المالية بالكنيست، أبدى ممثلو بنك إسرائيل حيرة بشأن ما إذا كان حظر التعامل مع "أونروا" يشمل البنوك الإسرائيلية أيضًا. وبالفعل، قام بنك "لئومي" بتجميد 2.8 مليون دولار من أموال الوكالة، دون وجود سياسة واضحة حول كيفية التعامل مع المسألة مستقبلاً.
وفيما تؤكد الوكالة رفضها إخلاء مقراتها في القدس الشرقية، وسط دعم أمريكي لمطلب إسرائيل بهذا الشأن، فإن هذه المسألة قد تتسبب في توترات داخل المدينة، مع احتمال اندلاع مواجهات بين الجهات المتضررة من القرار والسلطات الإسرائيلية. وبحسب ما نشرته صحيفة "هآرتس"، فإن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى استبدال "أونروا" بهيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة، لكن المنظمة الدولية ترفض ذلك، معتبرة أن تفويض "أونروا" لا يمكن استبداله أو تعديله إلا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو أمر لا يبدو أنه سيحدث في المدى القريب.
في الوقت ذاته، تؤكد مصادر داخل الأمم المتحدة أن الوظيفة الأساسية لـ"أونروا"، التي تشمل تشغيل عشرات الآلاف من أحفاد اللاجئين الفلسطينيين، لا يمكن نقلها إلى أي جهة أخرى إلا عبر حل سياسي، مثل إقامة دولة فلسطينية تتولى هذه المسؤوليات، وهو أمر تسعى حكومة نتنياهو إلى تعطيله.
من منظور تاريخي وسياسي، يُنظر إلى محاولات إسرائيل إلغاء دور "أونروا" على أنها محاولة لإخراج قضية اللاجئين الفلسطينيين من المشهد، غير أن هذه القضية لن تُحل فعليًا إلا في سياق إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ولذلك، فإن مساعي إسرائيل لإنهاء عمل الوكالة قد تؤدي فقط إلى مزيد من الفوضى والتوترات في الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة في ظل الحاجة الماسة إلى الاستقرار الأمني في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ المنطقة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الأمم المتحدة تشير إلى مسؤولية إسرائيل في إيجاد بديل لوكالة الأونروا
الأونروا تحذر من كارثة إنسانية في غزة بسبب تدمير المستشفيات وعرقلة إدخال المساعدات