القدس المحتلة - فلسطين اليوم
تسيطر سلطات الاحتلال الصهيوني على جزء كبير ومهم من الموارد السياحية في القدس؛ كسور المدينة وقلعتها، ومتحف الآثار الفلسطيني، والأنفاق الأرضية، ومغارة سليمان، وقنوات المياه، في حرب من نوع مختلف على الإرث الديني والحضاري والتاريخي في المدينة المحتلة.وتحتضن مدينة القدس في حاراتها وشوارعها وأزقتها العديد من الأماكن الدينية من كنائس ومساجد وأديرة وتكايا، إضافة للعديد من المقامات والمزارات والمتاحف والمكتبات.
ويرفض الاحتلال منح التراخيص لإنشاء أو توسعة الفنادق للمقدسيين ومنحهم التسهيلات المالية من البنوك، في حين يجري منح الأفضلية التنافسية لقطاع السياحة الصهيوني كالقروض طويلة الأجل والإعفاءات الضريبية.يقول رئيس التجمع السياحي المقدسي في المدينة رائد سعادة إن إسرائيل تسيطر على البرنامج السياحي في القدس، وبما أن المدينة تشكل قلب السياحة الفلسطينية فهناك توجه لدى الاحتلال لتهميش المؤسسة الاقتصادية الفلسطينية في القدس لأنها تحت السيطرة الصهيونية وتحويلها كحارة كما حدث في مدينة يافا، حيث كانت مدينة مهمة وأصبحت حارة وجزءًا من تل أبيب، واليوم يقبل المستثمرون الصهاينة في يافا للاستثمار، لذا أصبح المنتوج صهيونيًا".
وأشار في حديث لـ"المركز الفلسطيني للاعلام" إلى أن الاحتلال يحاول تطبيق هذه التجربة على مدينة القدس من خلال عدة مراحل أبرزها التهميش والضم والأسرلة والتهجير من خلال استبدال رأس المال المستثمر برأس مال صهيوني، وشراء المواقع في المنطقة المستهدفة وهي البلدة القديمة وما حولها".
الفنادق
وأوضح سعادة أن الاحتلال يسعى إلى استهداف منطقة البلدة القديمة حتى لا تزدهر فلسطينيًا، وأكبر مثال على ذلك بقاء 20 فندقًا فقط من مجموع 40"، مشيرًا إلى أن الاحتلال يضمن بقاء البرامج السياحية صهيونية.ويبلغ عدد الأدلّاء السياحيين الإسرائيليين حوالي 7 آلاف مقابل 250 دليلًا سياحيًا فلسطينيًا، وفق سعادة.ويرى أن الفنادق الصهيونية التي أقيمت قبل سنوات في الحد الفاصل بين شطري القدس تنافس حاليًا الفنادق العربية في شرق القدس".
مواجهة مخططات الاحتلال
والمطلوب فلسطينيًا لمواجهة سيطرة الاحتلال على السياحة في القدس؛ أولًا استعادة مركزية السياحة والثقافة في القدس، ومن أجل تنفيذ ذلك ينبغي إنشاء هيئة تنشيط السياحة في المدينة".
ثانيًا: يجب التركيز على الهوية الفلسطينية، وإعداد برامج، والاستثمار في جودة الخدمة بحيث إن مصداقية الخدمة المقدسية تلاقي سمعة جيدة عند السيّاح، والترويج للبرامج السياحية الفلسطينية، كما يقول سعادة.وطالب الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات بإنعاش قطاع السياحة في مدينة القدس المحتلة ودعمه، وذلك لمواجهة سياسات الاحتلال وسلطاته ومخططاته التهويدية ضد المدينة المقدسة.
وحذر من أن المدينة أصبحت شبه مغلقة لا يدخلها إلا من أرادت له "إسرائيل" الدخول". وقال "استمرار الاحتلال من أهم المعوقات التي تواجه نمو القطاع السياحي في القدس والأراضي الفلسطينية عمومًا؛ فهو يحول دون استغلال الموارد السياحية في القدس، ولذلك فإن زوال الاحتلال هو شرط أساسي لربط القطاع السياحي بتنمية اقتصادية مستدامة".
وأضاف عيسى "القطاع السياحي في القدس مصدر رزق لعدد كبير من التجار المقدسيين، لاعتماد تجارتهم على نوعين من السياحة؛ سياحة داخلية بحيث يتوافد للمدينة الزوار من جميع القرى والمدن المحيطة، وتعتمد عليهم المدينة قوى شرائية منعشة للاقتصاد فيها، وسياحة خارجية بشقها التاريخي لأهمية المدينة على مر العصور، والديني وهو الأهم؛ لكون المدينة تعدّ مهدًا للديانات السماوية الثلاث، وقد بقي هذان النوعان من السياحة يثلجان قلب التجار المقدسيين حتى عام 1967 واحتلال المدينة المقدسة".
وتابع عيسى "تعدّ مدينة القدس المحتلة إرثاً دينياً وحضارياً وتاريخياً؛ حيث يوجد فيها حوالي 742 موقعًا، بما في ذلك 60 موقعًا أثريًّا رئيسًا، وحوالي 682 معلمًا تراثيا كالقبور والكهوف والقنوات وبرك المياه والمنشآت الصناعية، إضافة إلى ما يربو عن 700 مبنى تاريخي، جعل منها قبلة للسياح من شتى بقاع الأرض، للوقوف على حضارات تعاقبت، وأمم تلاحقت للسكن في هذه البقعة المقدسة من الأرض".
وأوضح عيسى أن المحتل "الإسرائيلي" الغاشم باحتلاله وما أقامه من تجمعات وبؤر استيطانية، وما بناه من جدران إسمنتية أحاطت القدس وكبّلتها، شوّه هدوء المدينة وروعتها، وحجب جمالها عن العالم بأسره لتكون مدينة حصرية لليهود، حيث يعملون ليل نهار على سرقة تاريخها العربي وحضارتها الإسلامية، وتزوير حقائقها ومعالمها لتصبح القدس كما يتمنون ويحلمون، حاضنة لكنسهم وحدائقهم التلمودية".
وأشار عيسى إلى أن عزل الاحتلال للمدينة المقدسة عن محيطها عقب توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، التي أجّلت قضية القدس للمفاوضات الأخيرة، تسبب بإغلاق نحو 37 متجرًا، وإضعاف نحو 50٪ من قوتها الشرائية، لتسطر حكاية معاناة القطاع السياحي في مدينة القدس".