غزة - فلسطين اليوم
كشف مسؤولون فلسطينيون عن التوصل إلى تفاهمات مع الأمم المتحدة في شأن كل ما يتصل بعملها في قطاع غزة، خلال لقاء جمع الرئيس محمود عباس وممثل الأمم المتحدة الخاص في القدس نيكولاي ملادينوف في رام الله الأسبوع الماضي، وجاء بعد قطيعة بين الجانبين. وفيما وصل ملادينوف إلى القاهرة أمس لمحادثات حول غزة وجهود المصالحة بين حركتي «فتح» و «حماس»، أفادت أنباء إسرائيلية بأن الاتحاد الأوروبي يفحص للمرة الأولى إن كانت أموال الدعم التي يقدمها إلى السلطة الفلسطينية، يستفيد منها أهالي الأسرى والشهداء، علماً أن بياناً أوروبياً أكد أخيراً أن الاتحاد يدرس الدعم المالي للسلطة «لضمان صيغ ذات فاعلية تخدم هدف الدولتين».
وقال المسؤولون الفلسطينيون إن عباس وافق على لقاء ملادينوف، بعد محاولات عدة بذلها الأخير، بهدف الاستماع منه إلى حقيقة الدور المنوط بالمنظمة الدولية في غزة، والعلاقة بين مشروعها والخطة السياسية الأميركية للقطاع. وروى أحد المسؤولين أن عباس وجّه لوماً شديداً لممثل الأمم المتحدة على ما سمّاه «تساوقه مع الخطط الأميركية»، و «أبلغه بأنه يعمل في أراضي دولة فلسطين التي تحظى باعتراف الأمم المتحدة، وأن عمله في أراضي هذه الدولة يجب ان يتم تحت إشراف حكومة هذه الدولة»، محذراً من أن الخروج عن هذا التفويض يشكل خرقاً لقواعد عمل الأمم المتحدة.
وسبق اللقاء وصول رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمدالله قال فيها إن الأمم المتحدة ستضطر إلى الإشراف على المشاريع الإنسانية في غزة في حال رفض الحكومة الفلسطينية العودة إلى العمل في القطاع.
وقال المسؤولون إن ملادينوف أكد لعباس في هذا اللقاء إنه يعمل وفق التفويض الممنوح له في أراضي فلسطين، وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، كما برر عمله المنفصل في غزة، بانسحاب الحكومة الفلسطينية من القطاع نتيجة فشل المصالحة، لكنه أبدى استعداده للعمل مع السلطة في كل خطوة يقوم بها في غزة، مشدداً على أنها السلطة الشرعية في كل الأراضي الفلسطينية. كما شدد في اللقاء مع عباس على أهمية المصالحة وإنهاء الانقسام في معالجة المشكلات التي يعاني منها قطاع غزة بعيداً من التدخلات الخارجية. ويعتبر ملادينوف، في لقاءات خاصة، أن المصالحة ممر إجباري للحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية وحل المشكلات التي يعاني منها القطاع، وتنفيذ مشاريع الأمم المتحدة فيه.
ويدور صراع خفي بين الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية على دور الأمم المتحدة في قطاع غزة، ففيما تحاول واشنطن استخدام المنظمة الدولية لتنفيذ مشروعها السياسي في غزة، من خلال نقل إدارة القطاع إلى المنظمة الدولية تمهيداً لفصله عن الضفة الغربية، تعمل السلطة الفلسطينية على احتواء هذا الدور وتسخيره لمصلحتها، مدركة المرامي الأميركية من ورائه.
وكانت الإدارة الأميركية عقدت الشهر الماضي مؤتمراً خاصاً في واشنطن للبحث في «الحاجات الإنسانية» في قطاع غزة. وأعلن مسؤولون أميركيون عقب الاجتماع عن الشروع في جمع أموال بقيمة بليون دولار لتنفيذ مشاريع إنسانية في القطاع عبر الأمم المتحدة. لكن السلطة رأت في الخطة الأميركية محاولة لفصل غزة عن الضفة، وجعل القطاع مركزاً للحل السياسي، فيما تحدث البعض عن محاولة للضغط على السلطة من أجل العودة إلى المسار السياسي الذي أوقفته عقب اعتراف إدارة ترامب بالقدس «عاصمة لإسرائيل».
وأكد المسؤولون الفلسطينيون أن التفاهمات الأخيرة بين السلطة والأمم المتحدة تضع حداً للمساعي الأميركية الرامية إلى فصل القطاع عن الضفة، ضمن ما يسمى «صفقة القرن» الأميركية للسلام. وقال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الدكتور صائب عريقات في مؤتمر صحافي في رام الله، إن الخطة الأميركية- الإسرائيلية الجاري تطبيقها على الأرض، تقوم على فصل قطاع غزة، وضم القدس والمنطقة ج التي تساوي 60 في المئة من مساحة الضفة، وحصر السلطة في 40 في المئة من مساحة الضفة.
في غضون ذلك، أفادت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية أمس، بأن الاتحاد الأوروبي بدأ نقاشاً مع كبار المسؤولين في السلطة بهدف منع وصول الأموال التي يقدمها إلى الفلسطينيين، إلى عوائل منفذي الهجمات (الشهداء والجرحى والأسرى). وذكرت أنه للمرة الأولى يفحص الاتحاد الأوروبي إن كان الدعم المالي الذي يقدمه إلى السلطة يُستخدم لدفع رواتب عائلات الجرحى والأسرى. ونقلت الصحيفة عن المسؤولين الأوروبيين قولهم: «لا نعتقد أن العنف يستحق أي تشجيع أو مكافأة».
وفي بروكسيل، أكدت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية مايا كوزيناتجيتش «عدم وجود أي نية لخفض مستوى الدعم المالي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين، أو لمراجعة سياساته إزاء مسيرة السلام في الشرق الأوسط». وقالت لـ «الحياة» إن ديبلوماسيين أوروبيين يجرون هذا الأسبوع مشاورات مع كل من الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية في شأن تفعيل «صيغ المساعدة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي في الميدان بهدف دعم حل الدولتين».
ويعني مفهوم المراجعة الذي ورد في بيان الاتحاد الأوروبي الإثنين الماضي، «ضمان أن تكون الصيغ كافة ونشاطات الاتحاد الأوروبي وآلياته ذات فاعلية، وأن تخدم هدف الدولتين»، كما اعتبر البيان «قطاع غزة والضفة تراب الدولة الفلسطينية المنشودة»، وأكد «تمسك الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين الذي يمثل الحل الواقعي الوحيد والسبيل القابل للتنفيذ من أجل حل السلام العادل والدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
وكانت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) صوتت مساء الإثنين بشكل نهائي لصالح مشروع قانون خصم رواتب الشهداء والأسرى، وينص على خصم مبالغ مماثلة لما تدفعه السلطة الفلسطينية من مخصصات لعائلات الأسرى والشهداء، من عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة.