رام الله - فلسطين اليوم
نعت وزارة الثقافة، في بيان لها، الفنان الفلسطيني القدير عبد الرحمن أبو القاسم الذي وافته المنية، أمس، عن عمر ناهز 78 عاماً في العاصمة السورية دمشق، ويعتبر الفنان أبو القاسم من مؤسسي المسرح العربي والفلسطيني في الشتات.
وجاء في البيان، أن أبو القاسم ساهم في تأسيس المسرح الوطني الفلسطيني، وعمل على نهضة الحركة المسرحية الفلسطينية بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، حيث آمن بدور المثقف والفنان في إسناد الفعل الكفاحي حماية لغايات وأهداف التحرر.
وجاء في البيان، على لسان الدكتور عاطف أبو سيف وزير الثقافة، أن الحركة الفنية العربية والساحة الثقافية الفلسطينية قد خسرت رمزاً من رموزها الإبداعية التي أثرت وأغنت بعملها الإبداعي المسارح والتلفزة العربية من خلال الإنتاجات الفنية الزاخرة والمميزة للراحل الكبير.
وأضاف أبو سيف: إن إسهامات أبو القاسم وأدواره المختلفة ستظل علامات فارقة تتعلم منها الأجيال القادمة، وستظل صفورية أرض الحلم والحقيقة تذكر عودته لها في العام 2012 وتذكر خطواته على ترابها، وإيقاع العائد الدائم العاشق لأرضها.
توفي أبو القاسم بعيداً عن مسقط رأسه بلدة صفورية المهجرة، بعد رحلة حافلة بالعطاء في المسرح والتلفزيون والسينما.
ولد الراحل في صفورية بالجليل عام 1942، ولم يكمل عامه السادس حتى اكتوى بنيران النكبة التي جعلته لاجئاً في لبنان، ثم انتقل بعدها للعيش في سورية.
وعن مرحلة اللجوء، يقول أبو القاسم: إنه على الرغم من مغادرته فلسطين وقريته صفورية في السادسة من عمره، إلا أنه عندما زارها قبل سنوات قليلة بدعوة من وزارة الثقافة الفلسطينية، شعر بأنه سيعود إليها مجدداً، وأنه سيتمكن من زيارة كل مدنها، مضيفاً: إنه خلال زيارته لكنيسة المهد، دخل وقت الصلاة فاستأذن الكاهن ليجيب الأخير، قائلاً: "هذا بيت الله صلِّ كما شئت"، فقام أبو القاسم بأداء صلاة العصر داخل الكنيسة.
وقال أبو القاسم: إنه خلال رحلة النزوح من فلسطين إلى بنت جبيل في لبنان، ومنها إلى دمشق، كان أكبر إخوته وكان في السادسة من عمره، واضطر لأن يتسوّل مع غيره من الأطفال ليتمكنوا من البقاء على قيد الحياة، وبعدما وصل إلى الشام عمل بائعاً للحلويات، ودخل المدرسة ليبدأ مشواره مع المسرح المدرسي.
وينظر الوسط الفني في سورية والعالم العربي إلى أبو القاسم بوصفه صاحب تاريخ مسرحي عريق واقتراحات وأفكار بناءة في مجال التلفزيون والمسرح.
كانت بداياته الفنية في المسرح، حيث يروي بنفسه عن ذلك بالقول: "بدأت العمل في المسرح المدرسي عام 1954، تحديداً في مدارس دمشق الابتدائية ومنها إلى الإعداد في مدرسة الصناعة".
ثم تنقل في عدد من الفرق السورية المحلية، ومنها الفرقة السورية للتمثيل، نادي الأزبكية، النوادي التي كانت تابعة لوكالة الغوث في المخيمات الفلسطينية. ثم انضم إلى فرقة مسرحية لحركة "فتح"، وكان اسمها "فرقة فتح المسرحية"، والتي أصبح اسمها لاحقاً "فرقة المسرح الوطني الفلسطيني".
وحول عشقه للمسرح وحرصه على تقديم مسرحيات جديدة كل موسم، قال أبو القاسم، قبل سنوات طويلة من رحيله: إن المسرح كان له الفضل الأكبر في صقل شخصيته كممثل؛ فقد منحه أن يكون من نجوم الصف الأول من الفنانين السوريين والوطن العربي، مضيفاً: "أنا أقتدي بقول نابليون بونابرت: أعطني مسرحاً أعطيك شعباً".
وفي التلفزيون سجل علامات فارقة، لا سيما في المسلسلات التاريخية التي شارك بالعشرات منها، ولعل أبرزها مسلسل "الجوارح" الذي لعب فيه دور ابن الرومية، الحكواتي بصوته الجهوري وأدائه الفائق الإتقان.
وعن سبب قلة أعماله الكوميدية رغم ميله للمرح، أكد أبو القاسم أكثر من مرة أن معظم ما يقدّم من كوميديا في العالم العربي ليس راقياً، باستثناء عبد السلام النابلسي، وياسر العظمة، وعادل إمام، ودريد لحام، فيما لا يحبّذ الكوميديا التي تعتمد فقط على إضحاك المشاهد، قائلاً: إن اسماعيل ياسين كان مهرّجاً، وفؤاد المهندس لم يضحكه يوماً.
في الحياة، كما الفن، كان الراحل وفياً لقناعاته وخياراته الشخصية والفنية، ولعل هذا ما سيخلد ذكراه في وجدان عشاق فنه.
وقد نعاه عدد كبير من الفنانين السوريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منهم سلافة معمار وتيم حسن وتولين البكري ومحمد خير جراح وجيني إسبر، وكذلك المذيع البارز مصطفى الآغا.
وكان الراحل قدم العديد من الأعمال التلفزيونية السورية، منها: (الكف والمخرز) و(العبابيد) و(الكواسر) و(أبو خليل القباني) و(الهنوف) و(بيت جدي) و(الأماني المرة) و(طوق البنات) و(شتاء ساخن).
جسّد بعض الشخصيات التاريخية، مثل عز الدين القسام في مسلسل (أنا القدس)، وابن الرومية في مسلسل (الجوارح)، كما شارك في أفلام سينمائية، منها: (الأبطال يولدون مرتين) و(صهيل الجهات) و(نسيم الروح) و(طعم الليمون) و(الأمانة)، إضافة إلى العديد من الأعمال الإذاعية.
قد يهمك ايضاً :
القنصل البريطاني العام يشيد بالجهود الفلسطينية في مواجهة فيروس كورونا
القواسمي يؤكد أنه لولا التكامل بين قطاعات شعبنا لما نجحنا بمحاربة (كورونا)