قوات الاحتلال الإسرائيلي

كشفت مصادر عبرية، السبت، أنَّ المستوى الأمني والسياسي لدى الاحتلال الإسرائيلي بات يتعامل مع أي كلمة لحسن نصر الله بشكل جدي وحقيقي وعلى أساس أنه قادر على فعل ما يقول.

وأوضحت المصادر أنَّه خلال الأعوام الماضية تعلَّم الاحتلال كيفية التعامل بجديّةٍ بالغة وبأهمية كثيرة مع خطاباته، في حين أنَّ هناك اعترافات مسؤولين عسكريين بارزين في جيش الاحتلال بأنَّ عملية الردع أصبحت متبادلة.

وصرَّح المُحلل العسكريّ لصحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هارئيل، بأنَّه على الرغم من أنّ الأمين العام لـ"حزب الله" حاول صنع توازن بين نتائج عملية القنيطرة، التي نُفذّت في الثامن عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي، والمنسوبة للاحتلال، وبين عملية مزارع شبعا، التي نفذّها "حزب الله"، وأدّت إلى قتل ضابط وجنديّ إسرائيليين وإصابة آخرين، فإنّه يُستشف من خطاب نصر الله، فإنَّ سياسة "حزب الله" في المستقبل المنظور تكريس الردع المتبادل.

وبحسب هارئيل، فإنّ نصر الله يُحاول تكريس معادلة الردع، التي كان فيها واضحًا جدًا إذا تعرّض لاعتداء من قبل "إسرائيل"، إنْ كان في لبنان أوْ في سوريّة، فإنّ الرد العسكريّ من "حزب الله" آتٍ لا محال.

وأكد المُحلل، المُقرّب جدًا من المؤسسة الأمنية والعسكريّة الإسرائيلية، أنَّه بغضّ النظر عن المناوشات التي وقعت أخيرًا بين "إسرائيل" و"حزب الله"، فلا يُمكن بأيّ حالٍ من الأحوال، التغاضي عن الترسبات العميقة التي تركتها حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006.

وأشار إلى أنّه خلافًا لإدعاءات "إسرائيل" و"حزب الله"، وكيفية عرض الأمور، فإنّ النتيجة الحتمية يؤكّد بشكل غيرُ قابلٍ للتأويل بأنّ الردع، وبصورة واضحة للغاية، قائم من كلا الطرفين، على حدّ قوله.

وأضاف إنّ الجيش الإسرائيليّ لن يتمكّن من إعطاء الدفاع عن كلّ شيء، ذلك لأنّ تنظيمًا مثل "حزب الله" سيجد دائمًا نقطة الاختراق، مع كلّ التحصينات الإسرائيليّة، وبالتالي يُمكن فهم أقوال نصر الله في خطابة الأخير، بأنّ "حزب الله" قادرُ على توجيه الضربة العسكريّة لإسرائيل، على الرغم من الاستعدادات التي يتخذها الجيش الإسرائيليّ.

ونوَّه هارئيل بأنّ عملية مزارع شبعا أثبتت بشكل لا لبس فيه أنّ "حزب الله" منظمة طموحة، ماهرة وبارعة، بحسب جميع المقاييس، مُشدّدًا على أنّ المسافة لم تكُن كبيرة بالمرّة من إلحاق إصابات كبيرة جدًا في صفوف الجيش الإسرائيليّ في عملية مزارع شبعا وفي العملية التي سبقتها في تشرين الثاني/ أكتوبر من العام الماضي ضدّ دوريّة للجيش الإسرائيليّ أيضًا في مزارع شبعا، على حدّ تعبيره.

وبيّن أنّه في هذه الفترة الزمنيّة بالذات، فإنّ "إسرائيل" و"حزب الله" ليسا معنيين من إعادة أعمال القتل والتدمير التي ميزّت حرب لبنان الثانية، لعلمها الأكيد، بأنّ النتائج المترتبة على المواجهة الجديدة سيكون لها أثارًا مدمرّة أكثر بكثير من مخلفات حرب لبنان الثانية، وذلك لأنّ الطرفين طورّا أسلحتهما بشكل كبير، إنْ كان ذلك نوعيًا أو كميًّا.

وأبرز أنّه بعد المناوشات الأخيرة يسود الانطباع بأنّ الحدود الشماليّة مع لبنان وسوريّة عادت إلى مجراها الطبيعيّ، ولكنّ التحدّي، الذي ما زال يقُضّ مضاجع كبار قادة الجيش الإسرائيليّ، ما زال قائمًا: كيف يُمكن لإسرائيل أنْ تُبقي أيّ صاروخ ضدّ الدبابات أو أيّ عبوة ناسفة في الإطار نفسه، ومنعهما من الانجراف إلى جبهات أخرى.

ولفت هارئيل إلى أنّه عندما تُقرر "إسرائيل"، وبالمُقابل "حزب الله" في الشمال وحركة المقاومة الإسلاميّة "حماس" في الجنوب، اتخاذ القرار بالهجوم، فإنّ المعادلة بعد الأحداث الأخيرة باتت واضحة المعالم: الدر سيكون، ولا أيّ شيء يمنعه.

وتابع "إنَّ الحكمة تكمن في دراسة تداعيات الضربة، وماذا سيكون المجال الثالث والرابع في التدحرج، أوْ بكلمات أخرى هل بقيت إمكانية لمنع التصعيد والانجرار إلى مواجهة كاملةٍ وواسعةٍ"، موضحًا أنّه في الشمال، أيْ مع "حزب الله"، قرر الاحتلال الإسرائيليّ و"حزب الله"، الحفاظ على الحكمة وعدم الانجرار إلى حرب واسعة.

أمّا فيما يتعلّق بفترة الجنرال غانتس في قيادة هيئة الأركان، أوضح المُحلل أنّ ما يُميزها هو الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزّة في صيف العام 2014، مُشدّدًا على أنّ الجولة الأخيرة من تبادل الضربات في الشمال كادت أنْ تُحولّه إلى قائد أركان مع حربين خلال فترته.

وكشف هارئيل النقاب عن أنّ الأيّام الأخيرة من فترة الجنرال غانتس، قبل أنْ يحّل مكانه الجنرال غادي أيزنكوط، أوّل جنرال من أصول مغربيّة، تتميّز بسبب الخشية الإسرائيليّة من عملية غير متوقعّة من "حزب الله"، أوْ من الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة، أو من التنظيمات الفلسطينيّة، لخلق البلبلة في صفوف الجيش الإسرائيليّ عشية تغيير القائد العام للجيش.