إعمار غزة


أكّد مختصون في غزة، أنَّ بدائل الإعمار لن تحل أزمة الإسكان المتفاقمة في القطاع، وأنَّ الحل الوحيد هو العمل على فتح المعابر وإدخال مواد الإعمار بما يسمح بإعادة ما دمره الاحتلال.
 
وأكّد المختصون، أنَّ البدائل المطروحة تعتمد على مواد طبيعية غير قابلة للتجديد، وأنَّ بعض هذه البدائل عمره الزمنى محدود.
 
وأضافوا،  أنَّ إيجاد بدائل سكنية للمواطنين لا يرفع عن الاحتلال الإسرائيلي مسؤولياته الكاملة عن الجرائم التي اقترفها بحق الغزيين بفتح المعابر.
 
وشدّدوا على أن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى انتزاع قرار مفاده أن بدائل الاعمار تحقق الهدف المنشود لتشييد ما تم تدميره.
 
جاء ذلك، خلال ورشة عمل نظمها مركز العمل التنموي"معًا"، بعنوان" إنشاء المنازل من مواد طبيعية: الايجابيات والسلبيات"، بحضور ثلاثة من الخبراء، وأصحاب براءات الاختراع والمختصين في مقر المركز، اليوم السبت.
 
واستهلت الورشة، بعرض تجارب لإنشاء مساكن من مادة الكركار و الطين والخشب المُعدم، مؤكّدين أنَّها لم ولن تكن بديلًا عن إعادة الإعمار، وهي ليست وليدة اللحظة، إذ بدأت تلك الأفكار ترى النور عقب عدوان 2008 والتي جاءت كحل مؤقت للإيواء.
 
بدوره، قال خبير استخدام التربة في العمارة البديلة عماد الخالدي: " إنَّ فكرة إنشاء المنازل من المواد الطبيعية انطلقت بعد اشتداد الحصار الإسرائيلي على القطاع، وارتفاع أسعار مواد البناء".
 
وتابع الخبير: "اعتمدنا على عنصر التربة الموجود، بعد القيام بمعالجته في إطار الخصائص الهندسية المطلوبة".
 
وأضاف الخالدي، أنَّه جرى اعتماد النظام المعماري القديم الذي يحتوى على الأقواس والأقبية والأشكال الهندسية التي تعرف بـ "بيت العقد"،  منوهًا إلى أنَّهم نجحوا في التعاقد لإنشاء 3000 وحدة سكنية بعد عدوان 2008.
 
وأوضح:" لم أتمكن من بناء سوى عشرة وحدات سكنية وتوقف العمل في الشركة، بسبب أسباب سياسية من أصحاب القرار".
 
وبيّن: "نجحنا في إنتاج تقنيات جديدة غير الحجر، وهي تكوين ألواح تربة، من خلال تركيب مونة من دون أسمنت، وجرى تطوير الحجر، ولاقى هذا المشروع تجاوبًا من قبل المانحين، الدول العربية، ولكن جوبه المشروع بالرفض لأسباب سياسية أيضًا".
 
من جانبه، قال مدير المشاريع في الجامعة الإسلامية المهندس إسماعيل أبو سخيلة: "بناء البيوت من الطين والقش، والذي واجه عدم قبول من قبل الناس، للسكن، أنتجنا أول وحدة كانت لمركز شرطة في مدينة الشيخ زايد في محافظة الشمال".
 
وتابع: "التجربة مكلفة للغاية وهي ليست في متناول المواطن، في ظل عدم وجود دعم لتلك المشاريع والتي تحتاج لمساحات شاسعة وهذه الفكرة انطلقت بعد عدوان 2008 كحل مؤقت لإيواء الناس وليس بشكل دائم".
 
وعرض يوسف، تجربته في بناء أول منزل خشبي لأسرته عقب عدوان 2008 من استخدام الخشب المعدم، موضحًا أن كلفة البيت تبلغ ثلاثة آلاف دولار فقط جاهز للسكن .
 
وأضاف: "أنشأت حتى اللحظة 40 منزلًا 12 منزل شرق جباليا منطقة أبو صفية،وثلاث منازل في بيت حانون، وثلاثة في القرية البدوية، و12 منزلًا في القرية البدوية، وجاري إنشاء عدة منازل في الوقت الجاري في مدينة رفح".
 
واعتبر الجميع أنَّ فكرة المنازل الخشبية" الخيم الخشبية"، لاقت القبول، كونها في متناول الجميع، ومؤقتة للسكن، كون الخشب يناسب جميع الفصول.
 
من جهتها، رفضت منسقة مركز إيوان في الجامعة الإسلامية المهندسة نشوة الرملاوي، فكرة استخدام الموارد الطبيعية في بناء الوحدات السكنية، وأنَّ الجامعة تستخدم المواد الطبيعية فقط في ترميم المباني.
 
في سياق متصل، قدم مدير الإعلام في وزارة الاقتصاد طارق لبد، رؤية وزارته تجاه هذه الأفكار، مسجلًا اعتراضه عليها من خلال سوقه لعدة مبررات منها، وجود الاحتلال الإسرائيلي والذي يتذرع دومًا بإحكام الحصار في حالة وجود مثل تلك البدائل.
 
وأوضح لبد، أنَّ قطاع الإنشاءات من أكثر القطاعات المؤثرة على الدخل القومي، لافتًا إلى أنَّه في العام 2012 وصلت معدلات الربح من قطاع المقاولات 2 مليار و724 مليون في سنة واحدة بقيمة مضافة 380 مليون دولار، وتشغيل  2310 شركة مقاولات في غزة وخلق فرص عمل لنحو 39000 عامل.
 
وأضاف: "في العام 2013 انخفضت نسبة الشركات لتصل إلى  1356 فقط لقطاع المقاولات، وانخفاض الربح إلى 1 مليار و599 مليون دولار، وانخفاض عدد العاملين إلى 22000 ألف عامل، وانخفاض عدد الشركات في عام 2014  إلى 476 شركة مقاولات فقط، كما وصل عدد العمال إلى 8034 عامل، وهامش الربح إلى 5 مليون و612".
 
وبرر رفض الحكومة لمثل هذه المشاريع قائلًا: "قطاع غزة يعتمد على التوسع الرأسي وليس الأفقي؛ لقلة الأراضي في ظل وجود أكبر نسبة من اللاجئين الذين لا يمتلكون الأراضي عدا عن ارتفاع ثمنها، إذ يلجأ الشخص للحفاظ على أرضه".
 
وتابع: "لم أرفض الفكرة كفكرة، ولكني رفضها يأتي من منطلق عدم إقرارها لتصبح أمرًا واقعًا وبديلًا عن فك الحصار وإدخال جميع المواد الخام اللازمة للإعمار".