سجون الاحتلال الإسرائيلي

باتت قضية "النطف المهربة" من سجون الاحتلال الإسرائيلي هي عنوان لأحدث معركة انتصر فيها الأسرى الفلسطينيين على السجان الإسرائيلي.

ويرى هؤلاء الأسرى المحكوم عليهم بسنوات طوال خلف القضبان قد تستمر طيلة حياتهم، بصيصًا من الأمل عندما تترجم عزيمتهم إلى أطفال يولدون من أرحام زوجاتهم المخصبة بنطفهم "المهربة" رغم أنف السجان الإسرائيلي.

وأفادت والدة الأسير فهمي صلاح لمركز "الأسرى للدراسات"، الأثنين، في اعتصام الصليب الأحمر في قطاع غزة وهى تحتضن حفيدها أسعد بعد أيام من عيد ميلاده الأول، أن الطفل أسعد يعوضني نسبيًا عن غياب أبيه، وأنه جذر العلاقة ما بين الأسير وزوجته بعد الإنجاب.

  وأردفت أن البيت بعد أن كان يعيش لحظات معاناة وكآبة تحول إلى حياة أمل وفرحة وسعادة، وهذا ينطبق على ما يقارب من 30 طفلًا تم إنجابهم بتلك الطريقة تحديًا للسجان .

فيما أكد الأسير عمار الزبن المعتقل منذ عام 1998 والمحكوم عليه بـ26 سنة مؤبد ووالد أول طفل "مهرب" من السجون، "أنني لن أنسى أول لحظات لقاء ابني الذي جاء للدنيا بمعجزة، حينما دخل عندي في أول زيارة.

وأوضح قائلًا "كانت مشاعري مختلطة، وكان ينظر إليّ ابني باستغراب ولكني كنت أشعر بمعرفته لي، ولقد قبلته مرارًا، وأذكر أني قد وضعت يده الصغيرة في فمي، كنت أشعر بالسعادة وبالحرية في آن واحد رغم سجني .

وبين الخبير في شؤون الأسرى الأسير المحرر رأفت حمدونة، أن قضية النطف "المهربة" وإنجاب الأطفال تشكل ثورة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ حركات التحرر العالمية، في إشارة إلى عملية مواجهة إنسانية مع الاحتلال الذي يحرم الأسرى من حقهم الطبيعي في الإنجاب، وأن أطفال النطف المهربة سفراء حرية للعالم ورسل سعادة للأسرى ولذويهم .

وأثمرت فكرة تهريب نطف الأسرى من السجون الإسرائيلية حتى الآن عن إنجاب ثمانية أطفال بطريقة التلقيح الصناعي، كما أن زوجات نحو 14 أسيرًا نجحن في الحمل بهذه الطريقة وينتظرن الولادة في أية لحظة، فضلًا عن وجود إقبال كبير من أخريات على إجراء العملية ليحققن حلم أزواجهن في وجود ذرية لهم تكمل مشوارهم النضالي الذي كتب عليهم في هذه الحياة.

ويوجد الآن ما لا يقل عن 60 نطفة أخرى محفوظة لأسرى تخضع زوجاتهم للعلاج حاليًا استعدادًا لعملية التلقيح الصناعي لعلها تكلل بالنجاح مثل زوجات الأسرى اللاتي أنجبن بهذه الطريقة في السابق.

وبدأ الأسرى وزوجاتهم ينتزعون حقًا مشروعًا أجازته الشريعة الإسلامية، دون الإكتراث بالمجتمع الفلسطيني الذي شعر "بالصدمة" عند ولادة الطفل الأول مهند الزبن بهذه الطريقة، ثم ما لبث وأن بدأ يقتنع بالفكرة.

وترغب بعض زوجات الأسرى اللاتي أنجبن مرة عن طريق نطف أزواجهن المهربة بتكرار تجربة الإنجاب بهذه الطريقة مرة أخرى بعد الاتفاق مع الزوج بالطبع.

ومن بينهن زوجة الأسير عبد الكريم ريماوي الذي حكم عليه بالسجن 25 عامًا ونجحت بعد إجراء عملية التلقيح الصناعي في إنجاب طفلها "مجد" العام الماضي وتنوي تكرار التجربة ليكون لديها أسرة كبيرة تعوضها غياب زوجها.

وذكرت ليديا ريماوي أنها كانت قد أنجبت من زوجها ابنة واحدة قبل اعتقاله في 2001 وأنه اقترح عليها في بداية سجنه محاولة الإنجاب بهذه الطريقة لكنها رفضت لاعتقادها أن فترة سجنه لن تطول، لكنها حسمت أمرها في 2012.

 وتم تهريب نطفة من زوجها وخضعت لعملية التلقيح الصناعي بنجاح لتنجب مجد الذي أعاد إليها فرحتها، وتعتزم تكرار التجربة هذا العام.

وتعرضت ليديا ريماوي وغيرها من زوجات الأسرى لنوع بشع من الظلم من إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية التي ترفض الاعتراف بأبناء "النطف المهربة" وتعتبرهم "أطفالًا غير شرعيين".

وأفادت ريماوي أن إدارة السجن رفضت أن يرى زوجها طفله "مجد"، متسائلة كيف يمكن لعبدالكريم ريماوي إنجاب طفل وهو قابع في السجن منذ أكثر من 12 عامًا، موضحة أن الإدارة طلبت إجراء تحليل "دي إن إيه" لإثبات نسب الطفل إلى أبيه، وهو ما قوبل بالرفض من جانبها.

ويطالب حقوقيون فلسطينيون بتحرك قانوني جاد يكفل حق هؤلاء الأسرى ويضمن حماية أطفالهم وعدم الإساءة لهم.

وتعاقب إسرائيل هؤلاء الأطفال بوصفهم "غير شرعيين" وتمنعهم من الزيارات لحرمان آبائهم من رؤيتهم.

ولم تسمح هذه القيود بإحباط عزيمة الأسرى في إنجاب أطفال يخلدون ذكراهم حتى وإن حرموا من رؤيتهم.

 وانتشرت فكرة تهريب النطف لدرجة أن بعض الأسرى غير المتزوجين يفكرون في مخرج شرعي وقانوني يمكنهم من الزواج والإنجاب بهذه الطريقة ويبحثون عن فتيات توافقن على هذا الوضع.