غزة ـ محمد حبيب
هاجم أمين عام "المبادرة الوطنية الفلسطينية" مصطفى البرغوثي، تجميد حكومة الاحتلال تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية واصفًا القرار بالـ"قرصنة المالية واللصوصية"، مطالبًا السلطة الفلسطينية باتخاذ قرارات "لردع الاحتلال" من بينها وقف التنسيق الأمني. وشدَّد البرغوثي، في بيان صحافي الأحد، على أنَّ الطريقة المثلى لردع الاحتلال هي "فرض عقوبات عليها ومقاطعتها ووقف التنسيق الأمني معها"، داعيًا السلطة إلى الصمود في وجه الضغوط التي تحاول حكومة الاحتلال فرضها "لكسر الإرادة السياسية والكفاحية للشعب الفلسطيني".
وكانت وزارة المال الفلسطينية، أكدت تلقيها مساء السبت، إشعارًا رسميًا من قبل حكومة الاحتلال، بوقف تحويل عائدات الضرائب التي كان من المفترض تحويلها إلى حساب السلطة الفلسطينية بمقتضى الاتفاقات المبرمة بين الجانبين، والتي تقدر بنحو نصف مليار شيقل.
من جانب آخر، هدّدت حكومة الاحتلال بفرض مزيد من الخطوات العقابية التصعيدية ضد الفلسطينيين، ردًا على توجه السلطة الفلسطينية للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ونقلت القناة الثانية في التلفزيون العبري عن وزير داخلية الاحتلال، جلعاد أردان، قوله "إنَّ هناك خطوات أخرى يجري النظر في اتخاذها ضد الفلسطينيين"، وفق قوله.
كما نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية في عددها الصادر الأحد، عن مسؤول "إسرائيلي" رفيع المستوى، قوله "إنَّ قرار تجميد أموال عائدات الضرائب لم يكن إلا ردًا أوليًا، وأنَّ الرد الجدي والواسع سيأتي في وقت لاحق".
وأضاف أنَّ طواقم من مختلف الوزارات ستلتقي هذا الأسبوع لبحث سبل فرض العقوبات، وفي أعقاب ذلك سيجتمع المجلس الوزاري الأمني المصغر "الكابينيت" لإقرار عقوبات أوسع ضد السلطة الفلسطينية، مضيفا "إسرائيل لن تسكت على السلوك الفلسطيني، ونحن لا ننوي فقط الدفاع عن أنفسنا في الساحة الدولية أمام التصرفات الفلسطينية، وإنما سنهاجم ولدينا ما يكفي من الذخيرة"، حسب قوله.
وأوضحت الصحيفة، أنَّ من بين العقوبات المتوقعة، تقديم دعاوى قضائية ضد شخصيات فلسطينية من قبل حكومة الاحتلال رسميًا أو منظمات مؤيدة لها في مختلف دول العالم.
وكشفت "هآرتس"، عن محادثات جرت في الأيام الأخيرة بين مسؤولين في مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومسؤولين أميركيين بهدف التنسيق في ردود الفعل تجاه السلطة الفلسطينية في أعقاب توجهها إلى المنظمات الأممية.
ومن جهته استنكر رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري، قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي تجميد مبلغ نصف مليار شيقل من عائدات الضرائب الفلسطينية وعدم تحويلها ردًا على التوجه الفلسطيني إلى محكمة الجنايات الدولية، مؤكدًا أنَّ هذه الخطوة تخالف الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
وتابع الخضري في تصريح صحافي "إنَّ هذا القرار وممارسات إسرائيل العدوانية المستمرة عملية عنصرية منظمة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والداخل".
وطالب الخضري العالم بوقف هذا التطرف المختلفة أشكاله وأساليبه والهادفة في مجملها لتدمير الشعب الفلسطيني، داعيًا إلى ضرورة استثمار الاعترافات الدولية الأخيرة بدولة فلسطين لحمايته من هذه الإجراءات والسياسات.
وشدَّد على ضرورة التوحد الفلسطيني باعتباره أهم أسس مواجهة التحديات الإسرائيلية المختلفة، مشيرًا إلى أنَّ الوضع الفلسطيني في غاية الصعوبة ويتطلب العمل الجدي على مختلف الأصعدة لإنهاء الانقسام.
هذا وتصاعد التوتر بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، وذلك بعد قرار تجميد نحو 130 مليون دولار من أموال الضرائب الفلسطينية، ردًا على انضمام السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
واعتبرت السلطة الفلسطينية القرار بمثابة "جريمة حرب"، فيما أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أنَّ الخطوة الفلسطينية بطلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية ستكون لها تبعات مالية، فيما يبحث الاحتلال الإسرائيلي عن سبل لمقاضاة قادة فلسطينيين ردًا على تحركاتهم الأخيرة.
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أنَّ قرار الاحتلال الإسرائيلي تجميد أموال الضرائب الفلسطينية "قرصنة وجريمة حرب"، مشددًا على أنها عقوبة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.
كما ألمح عريقات إلى أنَّ السلطة ماضية في خطواتها ولن تخضع للابتزاز أو الضغوط، مضيفًا ، في اتصال مع قناة "العربية"، أنَّ السلطة ستستمر في خطواتها باتجاه تدويل قضية الشعب الفلسطيني، فضلًا عن بحث العودة إلى مجلس الأمن وطلب الحماية الدولية، إلى جانب تحديد العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي.
ورفضت الحكومة الفلسطينية التعليق على التهديدات الأميركية والإسرائيلية بشأن قطع المساعدات المالية أو التحويلات الضريبية إلى خزانة السلطة، كون هذه التهديدات لم تطبق فعليًا حتى الآن، وقد عادت هذه التهديدات إلى الواجهة بعد توقيع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على طلبات عدة للانضمام لمعاهدات ومنظمات دولية، منها المحكمة الجنائية الدولية.
وبرأي أستاذ العلوم السياسية في جامعة "بيرزيت" غسان الخطيب، فإنَّ هذه التهديدات جدية؛ ولكنه لا يعتقد أن تنفذ، لأن انهيار السلطة ليس مصلحة لأحد.
وتنفق الولايات المتحدة الأميركية على الفلسطينيين نحو 600 مليون دولار سنويًا، لكن غالبية هذه المساعدات تدار بواسطتها وتذهب لمشاريع البنية التحتية ومشاريع ذات علاقة بالأمن للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ونسبة ضئيلة من المساعدات تذهب مباشرة لخزانة السلطة، بعكس دول الاتحاد الأوروبي والتي تشكل مساعداتها العصب المالي لمؤسسات السلطة الفلسطينية.