الرئيس رجب طيب أردوغان

حقّق الاقتصاد التركي نموًا بنسبة 7.4% على أساس سنوي في الربع الأول من 2018، متجاوزًا التوقعات السابقة، فيما واصل العجز في الحساب الجاري تصاعده، وأعلن المصرف المركزي أمس الاثنين، أن عجز ميزان المعاملات الجارية اتسع إلى 5.426 مليار دولار في أبريل (نيسان) الماضي، ليتجاوز توقعات سابقة بلغت 5.3 مليار دولار. وكان العجز سجل 4.8 مليار دولار في مارس (آذار) الماضي، فيما كان قد بلغ 47.1 مليار دولار في عام 2017 بأكمله.

ويشكّل العجز في المعاملات الجارية، إلى جانب التضخم الذي يقبع في خانة العشرات، بعض عوامل الضغط على الليرة التركية التي فقدت 21% من قيمتها منذ مطلع العام الحالي، ما دفع البنك المركزي إلى التدخل بسلسلة إجراءات تضمنت رفع أسعار الفائدة مرتين خلال أسبوعين، على الرغم من معارضة الرئيس رجب طيب أردوغان السابقة هذا الإجراء، واعتباره أن ارتفاع سعر الفائدة هو السبب في زيادة التضخم الذي سجل 12.15% خلال مايو (أيار) الماضي، كما قام البنك بتبسيط السياسة النقدية أيضًا من أجل تخفيف الضغط على الليرة التي بدأت تستعيد بعض قيمتها، وكسبت 2% في تعاملات الأسبوع الماضي بعد رفع الفائدة إلى 17.75% وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط.

في الوقت نفسه، أظهرت بيانات لهيئة الإحصاء التركية نمو الناتج المحلي الإجمالي لتركيا بنسبة 2% على أساس معدل في ضوء العوامل الموسمية وعوامل التقويم مقارنة مع الربع السابق، ليسجل الاقتصاد نموًا بنسبة 7.4%، متجاوزًا توقعات سابقة بتحقيق 6.9%.

وعلّق الرئيس التركي أردوغان على أرقام النمو الجديدة قائلًا إن الاقتصاد التركي يواصل نموه القوي "رغم جميع الألاعيب والهجمات" التي يتعرض لها. وأضاف في تغريدة على حسابه الخاص في "تويتر"، أن الاقتصاد التركي أظهر أداء جيدًا خلال الربع الأول من العام الحالي، لافتًا إلى أن اقتصاد بلاده حقق نموًا بالنسبة نفسها (7.4%) خلال العام الماضي 2017.

وخلال الربع الأول من 2018، حقق الاقتصاد التركي المرتبة الأولى في النمو بين دول منظمة التنمية الاقتصادية والتعاون، والثانية بين دول مجموعة العشرين الصناعية، علمًا أن البنك الدولي كان قد توقّع الأسبوع الماضي، أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد التركي 4.5% خلال العام الحالي، و4% خلال العامين المقبلين 2018 و2019.

وجاء في تقرير نشره البنك حول "التوقعات الاقتصادية العالمية" تحت عنوان "عودة المد والجزر"، أن الاقتصاد العالمي شهد اتجاهًا متوازنًا للنمو للمرة الأولى في السنوات العشر الأخيرة، رغم المخاطر المتزايدة التي تهدد الاستقرار. وأضاف التقرير أن الاقتصاد الأميركي سينمو بنسبة 2.7% هذا العام و2.5% في العام المقبل، والاقتصاد الياباني بنسبة 1%، فيما ستحقق منطقة اليورو نموًا بنسبة 2.1% العام الحالي.

وسّجل الاقتصاد التركي معدل نمو فاق التوقعات بلغ 7.4%، في حين عدلت المؤسسات المالية ووكالات التصنيف الدولية توقعاتها، وتوقعت معدلات منخفضة لنمو الاقتصاد التركي هذا العام والعام المقبل على خلفية التراجع الحاد في أسعار الصرف وزيادة العجز في المعاملات الجارية والميزان التجاري واستمرار التضخم في خانة العشرات، في حين خفّضت وكالة "موديز" الدولية للتصنيف الائتماني، الأسبوع الماضي، توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي للعام الحالي إلى 2.5%، من توقعاتها السابقة البالغة 4%، في الوقت الذي يؤثر فيه ارتفاع أسعار النفط والتراجع الحاد في قيمة الليرة سلبًا على النمو الكلي في النصف الثاني من العام.

وأرجعت الوكالة قرارها إلى إعلان أردوغان أخيرًا عزمه السيطرة على السياسة النقدية بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة المقررة في 24 يونيو (حزيران) الحالي، ورأت أن ذلك أضعف من استقلالية البنك المركزي التركي، وجاء قرار تخفيض توقعات النمو التركي، بعد أن سبق لوكالتي "ستاندرد آند بورز" و"فيتش" تخفيض تصنيفيهما للديون السيادية وللبنوك التركية للسبب نفسه.

وأعلنت وكالة "ستاندرد آند بورز"، مطلع مايو/أيار الماضي، خفض تصنيف الديون السيادية لتركيا، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وقالت إنها خفضت درجة الديون السيادية التركية طويلة الأجل من "بي بي" إلى "- بي بي"، والديون قصيرة الأجل من "+ بي بي" إلى "بي بي" مع نظرة مستقبلية مستقرة، وأوضحت أن ثمة اختلالات اقتصادية تعاني منها مالية البلاد، بما في ذلك ازدياد التضخم، مشيرة إلى أن هذه العوامل السلبية تتراكم، في حين أن حصة الديون تتزايد.

وخفضت "موديز" الأسبوع الماضي تصنيفها لـ17 بنكًا تركيًا ووضعتها وشركتي تمويل قيد المراجعة، في خطوة تمهد لمزيد من تخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد التركي، وذكرت الوكالة، في بيان، أن التصنيفات المتراجعة تعكس وجهة نظرها بأن بيئة التشغيل في تركيا قد تدهورت مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على ملامح تمويل المؤسسات.

ووضعت "موديز"، الأسبوع الماضي، تصنيف تركيا السيادي تحت المراقبة، لافتة إلى مخاوف بشأن الإدارة الاقتصادية وتآكل ثقة المستثمرين في استقلالية البنك المركزي، لا سيما بعد تصريحات للرئيس رجب طيب أردوغان أخيرًا أكد فيها عزمه على إحكام سيطرته على السياسة النقدية للبلاد عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي ستُجرى في 24 يونيو الحالي، والتي أعرب عن ثقته بفوزه وفوز حزبه فيها.

وأعلنت الوكالة أنها ستراجع التصنيف الائتماني لتركيا، لاتخاذ قرار بشأنه، وذكرت أن "قرارها بخصوص التصنيف الحالي (بي إيه 2) هو قيد المراجعة، ويعكس حالة من عدم اليقين المتصاعد فيما يتعلق بالاتجاه المستقبلي لسياسة الاقتصاد الكلي في البلاد"، وأضافت أن "وضع تركيا الخارجي الضعيف أصلًا سوف يزيد من خطر الضغوط الشديدة على ميزان المدفوعات إلى مستوى لم يعد متوافقًا مع التصنيف الحالي".

وكانت "موديز" خفضت، في 8 مارس الماضي، التصنيف السيادي لتركيا من درجة "بي إيه 1" إلى "بي إيه 2" في خطوة غير متوقعة أثارت غضب المسؤولين الأتراك وهزت ثقة المستثمرين في الاقتصاد التركي، كما غذّت موجة التراجع الحاد في سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، فيما أدرجت وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني 25 بنكًا تركيًا تحت المراقبة بعد تدهور سعر الليرة التركية منذ مطلع العام الحالي وفقدانها نحو 21% من قيمتها، منبهة إلى أخطار تهدد الأصول وسيولة المؤسسات المصرفية.