مدينة تدمر

نفذ تنظيم "داعش" المتطرف بعد سيطرته الكاملة على مدينة تدمر السورية التاريخية، عمليات إعدام وذبح ميدانية لأعضاء قبائل متمردة، فضلًا عن فرض حظر للتجوال في المدينة وشن حملات تفتيش واسعة بحثًا عن مؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد.

ويقترب التنظيم المتطرف من معاقل القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في حمص ودمشق ويقطعون خطوط الإمداد إلى مدينة دير الزور في شرق البلاد، بعد السيطرة على تدمر، الأربعاء الماضي، بعد حصار دام أسبوعًا أدى إلى انهيار القوات الموالية للرئيس الأسد.

وبات "داعش" الآن يسيطر على أكثر من نصف مساحة سورية، أي ما يعادل 95 آلف كيلومتر مربع، أو أكثر بعد إحكام قبضته على تدمر التي أثارت مخاوف بتدمير أجزاء كبيرة من التراث السوري كما فعل في العراق.

وصرَّح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، قائلًا: "لا توجد قوات تمنع داعش من دخول أطلال تدمر ولكن الشيء المهم هو أنهم يسيطرون حاليا على 50٪ من سوريا"، مشيرًا إلى أن هناك تسجيلات تبرز إضرام مسلحي "داعش" النار في صورة ضخمة للرئيس السوري بشار الأسد بعد اجتياح مدينة تدمر الأثرية.

وظهرت صور مثيرة للقلق على موقع "تويتر" تظهر جثث المدنيين الذين تم قتلهم بوحشية على يد "داعش" بعد اجتياح تدمر، حيث قتل تسعة أطفال بالرصاص بالقرب من الموقع الذي تاريخه أكثر من ألفي عام.

وأفاد نشطاء محليون بأنَّ "داعش" فرض حظرًا للتجوال ويبحث عن فلول قوات الأسد في المدينة، لافتين إلى أنَّ التنظيم قتل أعضاء قبيلة تقاتل إلى جانب القوات الموالية للرئيس الأسد في تدمر وبالتحديد 800 من أبناء القبائل.

كما يسيطر التنظيم أيضًا على حقول الغاز قرب تدمر، وعلى جزء كبير من إمدادات الكهرباء في البلاد والغالبية العظمى من محافظة الرقة، وأجزاء من دير الزور، و الحسكة وريف حلب، و الصحراء السورية وكذلك أجزاء من ريف حمص ومخيم اليرموك في جنوب دمشق.

وتعتبر تدمر واحدة من أقدم المراكز الثقافية في العالم ولها مكانة في تاريخ سورية، وهي موطن لمجموعة من الآثار من العصور القديمة، بما في ذلك معبد بل، الذي بني في القرن الأول الميلادي، ويرى "داعش" الحفاظ على هذه الأطلال التاريخية شكلا من أشكال الوثنية، حيث يعمل على تدمير المعابد والآثار التاريخية، وكذلك المواقع الآشورية القديمة في العراق.

كما استفاد التنظيم من نهب هذه الكنوز، بالإضافة إلى الدعاية من خلال التدمير الوحشي للمواقع الأثرية في العراق، ومن المرجح أن تواجه تدمر مصيرًا مشابهًا، وثير سقوط المدينة تساؤلات حول قدرة ما تبقى من القوات الموالية للرئيس السوري على القتال، حيث تفاجأ المراقبون بالانهيار السريع لقوات الأسد، مع الإشارة للأهمية الإستراتيجية لتدمر.

وأوضحت خبيرة التطرف في جامعة "نوتنغهام ترنت" الدكتورة ناتاشا أندرهيل، في حوار صحافي أن أحدث هجوم لتنظيم "داعش" يعكس القوة الإستراتيجية للمجموعة، وخططها لمزيد من التحرك.

وأضافت الدكتورة أندرهيل أنَّ هذه الحملة الجديدة تسلط الضوء على حقيقة أنَّ "داعش" ليس ضعيفًا كما أعلنت الحكومة الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وأنَّ الخطر الرئيسي لهذه المجموعة يمكن في تخطيطهم الإستراتيجي ومعرفة وقت التراجع.

وأشارت إلى أنَّ السيطرة على تدمر تعني تقدمًا كبيرًا في خطة "داعش" لإقامة دولة كبيرة عبر العراق وسورية، وأن القطع الأثرية سيتم تدميرها كوسيلة لتجريد البلاد من تاريخها وتمكين "داعش" من إعادة بناء سورية بالطريقة التي يريدها، من دون علامات تاريخية أو صلة مع العالم الحديث.

ونفى حاكم المقاطعة الوسطى في حمص في تصريحات صحافية وجود أنباء عن تدمير المواقع التاريخية، مشيرًا إلى أن عدد سكان مدينة تدمر يبلغ 65 ألف شخص، وفر منهم حوالي ألف و300 شخص، ويحاول عدد آخر الفرار.

ويعتقد بأنَّ المتشددين يسيطرون على مقر القاعدة الجوية والسجون ومقر المخابرات العسكرية في تدمر ويركز "داعش" الكثير من اهتمامه على تدمير الآثار القديمة والمعالم الأثرية.

وتحتوي مدينة تدمر على القطع الأثرية الشهيرة في العالم والمعالم الأثرية التي قد يتم تجريفها على يد "داعش" وفقًا لمخاوف "اليونسكو" حيث دمر "داعش" بالفعل مواقع من العصر الروماني الآشوري في العراق.