واشنطن ـ عادل سلامة
أبدى نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، استعداد الولايات المتحدة الأميركية وتركيا للجوء إلى حل عسكري لدحر خطر تنظيم "داعش" المتطرف في سورية إذا لم يكن التوصل إلى تسوية سياسية ممكنًا.
وأكد بايدن، في مؤتمر صحافي بعد اجتماع مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، السبت الماضي، أنه من الأفضل التوصل إلى حل سياسي ولكن واشنطن وأنقرة مستعدتان... إذا لم يكن ذلك ممكنًا لأن يكون هناك حل عسكري لهذه العملية وطرد داعش.
وأوضح مسؤول أميركي أن بايدن حرص على الإيضاح بأنه لا يوجد أي تغيير في السياسة الأميركية، وأنه متمسك بعملية البحث "عن حل سياسي" للنزاع السوري بموازاة "الحل العسكري" ضد تنظيم "داعش"، بينما استبعدت المعارضة السورية، المدعومة من السعودية، إجراء محادثات ولو غير مباشرة، ما لم تتخذ دمشق خطوات تشمل وقف الغارات الجوية الروسية.
وناقش بايدن وأوغلو كيف يمكن للبلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي تقديم المزيد من الدعم لقوات المعارضة التي تقاتل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.
وقدم بايدن أيضًا دعمه لتركيا في حربها ضد "حزب العمال الكردستاني"، مضيفًا أن تنظيم داعش ليس التهديد الوجودي الوحيد لشعب تركيا، وأن حزب العمال الكردستاني يشكل أيضًا تهديدًا ونحن ندرك ذلك.
واستؤنفت المعارك بقوة بين القوات التركية والقوات الكردية في جنوب شرق البلاد بعد وقف لإطلاق النار استمر أكثر من عامين، ما أطاح مفاوضات السلام التي كانت قائمة بين الطرفين منذ نهاية العام 2012 لإنهاء نزاع أوقع أكثر من 40 ألف قتيل منذ العام 1984.
وأضاف بايدن بقوله: نعتقد أن غالبية كبيرة من الأكراد تريد العيش بسلام، ومن الواضح أن حزب العمال الكردستاني لم يكشف عن أيّة رغبة في هذا الإطار، وأعتبر أن حزب العمال ليس سوى مجموعة متطرفة، وما يواصل القيام به هو فضيحة بكل ما للكلمة من معنى.
وأشاد بايدن من جهة ثانية بـ"الإجراءات المهمة" التي اتخذتها تركيا لتعزيز الحرب ضد تنظيم داعش لاسيما على حدودها مع سورية، مضيفًا: بحثنا في سبل تعزيز الدعم المقدم إلى القوات العربية السنية "المعارضة السورية المصنفة معتدلة من الأميركيين" لإقفال المنافذ التي يسيطر عليها تنظيم داعش على الحدود التركية مع سورية.
وذكر أوغلو من جهته: لا نريد داعش ولا حزب العمال الكردستاني ولا قوات عسكرية تابعة لنظام الأسد، نحن على الخط نفسه بشأن هذه النقاط، وأشدِّد على ضرورة محاربة الجماعات المسلحة الكردية في سورية "وحدات حماية الشعب" التي وصفها بأنها منظمات متطرفة تشكل تهديدًا لتركيا على غرار "داعش".
وتجنب بايدن التطرق إلى الأكراد السوريين؛ لأن وجهات نظر واشنطن في شأنهم تختلف عن موقف أنقرة؛ فالأميركيون يقدمون السلاح والمساعدات إلى أكراد سورية، الذين يواجهون بقوة تنظيم "داعش"، إلا أن الأتراك يعتبرونهم مقربين من حزب العمال الكردستاني، ويخشون تمدد نفوذهم عبر الحدود بين سورية وتركيا، كما ترفض تركيا إشراك أكراد سورية في المفاوضات المرتقبة بين المعارضة والنظام السوري بهدف التوصل إلى حل سياسي.
وأكد صالح مسلم، الذي يشارك في رئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو التجمع الكردي الرئيسي في سورية، أن محادثات السلام السورية ستفشل إذا لم يكن الأكراد ممثلين.
وميدانيًّا، يعمل الأميركيون على تجهيز مطار في محافظة الحسكة، شمال شرق سورية؛ لاستخدامه كقاعدة عسكرية لطائراتهم المروحية التي تقل عشرات المستشارين والعناصر الذين دخلوا البلاد أخيرًا، وفق ما أفادت به مصادر متطابقة.
ونفت القيادة العسكرية الأميركية سيطرتها على أي مطار في سورية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنها تسعى باستمرار إلى زيادة فاعلية الدعم اللوجيستي لقواتها في سورية.
وذكر مصدر عسكري سوري أن الأميركيين يجهزون قاعدة عسكرية في منطقة تدعى أبوحجر جنوب رميلان "ريف الحسكة الشمالي الشرقي" منذ أكثر من 3 أشهر، وأن عشرات الخبراء الأميركيين يشاركون "في تجهيز القاعدة" بمشاركة وحدات حماية الشعب الكردية، وقد باتت شبه جاهزة للعمل.
وأضاف المصدر أن هذه ليست المرة الأولى التي ينتهك فيها الأميركيون السيادة السورية، فالقاعدة معدة لاستقبال مروحيات وطائرات شحن، ويبلغ طول مدرجاتها 2700 متر، وهي مؤهلة لأن تتحول إلى مهبط لطائرات عدة تقل عتاد وذخائر، لكنه أكد عدم وجود أيّة طائرات حربية مقاتلة فيها كما لم يتم استخدامها حتى الآن في عمليات عسكرية.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن المطار لم يستخدم في عمليات عسكرية حتى الآن، أي للغارات الجوية التي تنفذها طائرات الائتلاف الدولي بقيادة أميركية على مواقع جهاديين في سورية، وأن مطار رميلان بات شبه جاهزًا للاستخدام، وتم توسيع مدرجه خلال الأسابيع الماضية بالتزامن مع هبوط وإقلاع طائرات مروحية أميركية.
وأضاف المرصد أنه من شأن المطار أن يتحول إلى مقر للمستشارين الأميركيين الذين دخلوا الأراضي السورية قبل شهرين، وكشف في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عن دخول عسكريين أميركيين إلى مناطق يسيطر عليها الأكراد حدودية مع تركيا لتدريب ودعم المقاتلين الأكراد في عمليات ضد تنظيم "داعش".
وأكد مسؤولون أميركيون إرسال "قوات خاصة" إلى سورية والعراق؛ للمساهمة في تنفيذ عمليات محددة ضد التنظيم المتطرف، بينما ذكر مصدر أمني سوري أن القوات الخاصة والمستشارين الأميركيين يستخدمون مطار رميلان مقرًا، وتنقلهم طوافات منه إلى جبهات القتال.
ونفى الناطق باسم قوات سورية الديمقراطية، طلال سلو، وهو تحالف من فصائل عربية وكردية شمال سورية مدعوم من الولايات المتحدة، ردًا على سؤال بشأن تحول مطار رميلان إلى قاعدة أميركية، مؤكدًا أنه "لا يزال مطارًا زراعيًا".
وأوضح الناطق باسم القيادة الأميركية الوسطى، الكولونيل بات رايدر، أن القوات المسلحة الأميركية لم تسيطر على أيّة قاعدة جوية في سورية، مشددًا على أنه لم يحصل أي تعديل على حجم أو مهمة الوجود الأميركي في سورية، وأن القوات الأميركية في سورية تعمل دائمًا على تحسين فاعلية الدعم اللوجيستي لقواتها.