غزة – محمد حبيب
أفادت إحصائيّة نشرتها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية 'بتسيلم'، الأربعاء أن 1394 فلسطينيًا مدنيًا، أي نسبة 63%، لم يشاركوا في القتال، من بين 2٫202 فلسطينيين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلية أثناء الحرب الأخيرة على قطاع غزة في صيف العام 2014، الذي أطلق عليه الجيش الإسرائيلي اسم حملة 'الجُرف الصامد'.
وأفادت المنظمة الاسرائيلية في تقرير إحصائي أصدرته في الذكرى الثانية للحرب الإسرائيلية على غزة أن من بين هؤلاء 526، أي رُبع مجمل القتلى، كانوا قاصرون تحت سنّ الثامنة عشرة. إضافة الى ذلك٬ وفقا لـ'بتسيلم'، قُتِل 17 قاصرًا اشتركوا في القتال٬ أو أثناء تأديتهم وظائف قتالية دائمة في إحدى الأذرع العسكرية، وهناك 3 آخرون لم تتمكّن 'بتسيلم' من حسم مسألة مشاركتهم في القتال، ليصبح مجموع القتلى القاصرين 546 قاصرًا. ووفقًا للمنظمة، من بين 72 إسرائيليا قُتلوا في 'الجُرف الصامد'، 6 مدنيّين "أحدهم مواطن تايلندي"، من بينهم طفل عمره 4 أعوام و62 جنديًا، وثلاثة جنود آخرون قتلوا بنيران صديقة أطلقها زملاؤهم وواحد قتل في حادث.
وتستند إحصائيّات 'بتسيلم' إلى استقصاء ميداني معمق وشامل، أجراه باحثو المنظمة العاملون في قطاع غزة منذ انتهاء الحرب. وقالت 'بتسيلم' في بيانها، إن النسبة العالية للقتلى المدنيّين، وبينهم نساء وقاصرون وكبار السن، من مُجمل القتلى، 'تضع موضع الشك ادعاءات إسرائيل بأن جميع الأهداف التي استُهدفت كانت أهدافًا مشروعة'، والزعم بأنه 'حرص الجيش على تطبيق مبدأ التناسبيّة لدى ضرب تلك الأهداف، كما اتّخذ وسائل الحيطة للحدّ من الإصابات في صفوف المدنيّين'.
وكانت 'بتسيلم' حذرت في خضمّ الحرب من النتائج الفتاكة لسياسة إطلاق النار التي طبقها الجيش، بما في ذلك سياسة القصف الجوي للمساكن، والذي نجمت عنه إصابات واسعة في صفوف مدنيين لم يشاركوا بتاتا في الأعمال القتالية، وخاصة القاصرين.
ورغم هذه النتائج الوخيمة، ارتأى أصحاب القرار في إسرائيل مواصلة اتباع هذه السياسة. ومن بين القتلى الفلسطينيين الذين لم يشاركوا في القتال، 180 من الرُضّع والأطفال والأولاد تحت سنّ 6 أعوام، وقُتِل 346 من الأولاد والبنات في سن 6 إلى 17، و247 امرأة في سن 18 إلى 59.
أمّا عدد القتلى فوق سنّ 60 فقد بلغ 113. وفقًا لاستقصاء 'بتسيلم'، فإن 762 من القتلى الفلسطينيين سقطوا بنيران قوات الاحتلال أثناء مشاركتهم في القتال، أو أثناء تأديتهم وظائف قتالية دائمة في إحدى الأذرع العسكرية في القطاع. وهناك 46 قتيلاً لم تتمكّن 'بتسيلم' من حسم مسألة مشاركتهم في القتال.
وفيما يتعلق بيوم الجمعة السوداء "1 و2 آب/أغسطس"، فقد قتلت قوّات الاحتلال الإسرائيلي في رفح 207 شخصًا، من بينهم 154 لم يشاركوا في القتال، ومن هؤلاء 64 قاصرا و36 امرأة (فوق سنّ 18). ومن بين القتلى 50 شاركوا في القتال، بما فيهم 3 قاصرين، إضافة إلى 3 لم تتمكّن 'بتسيلم' من حسم مسألة مشاركتهم في القتال.
وعلى مدار يومين 19 و20 تمّوز/يوليو من القتال الذي دار في حيّ الشجاعية في مدينة غزّة، قتلت قوّات الاحتلال 134 فلسطينيًا، من بينهم 78 لم يشاركوا في القتال، ومن هؤلاء 26 قاصرًا، و19 امرأة (فوق سنّ 18)، ومن بين القتلى 55 كانوا مشاركين في القتال، من ضمنهم قاصرين اثنين، وهناك قتيل واحد لم تتمكن "بتسيلم" من حسم مسألة مشاركته في القتال.
وقالت بتسيلم "إن حركة حماس والفصائل الأخرى في القطاع ارتكبت مخالفات لمبادئ القانون الإنساني الدولي، من بينها استهداف مدنيّين إسرائيليين وشنّ هجوماتهم عليهم من مناطق سكنيّة مأهولة بكثافة'، لكن المنظمة الحقوقية أكدت على أن المزاعم الإسرائيلية بأن 'كل رد إسرائيلي على هجوم لحماس هو رد مشروع مهما كانت نتائجه، هو ادعاء خال من المعقولية، فمن المؤكّد أنّ انتهاك طرف ما للقانون لا يُبيح للطرف الآخر انتهاكه أيضا.
وأضافت "بتسيلم" أن هذه الحجة الإسرائيلية تستند حصريًّا إلى تصريحات صنّاع القرار ـ التي لا سبيل إلى التأكّد من صحّتها ـ وتتجاهل تمامًا نتائج أفعالهم حتى عندما تكون فتّاكة مرّة تِلوَ المرّة، في حين كانت قد اتّضحت تمامًا النتائج المتوقّعة لهذه السياسة بعد مرور أيّام عدّة فقط على اندلاع الحرب، فلقد تجاهل صُنّاع القرار ذلك مُواصلين اتّباع السياسة ذاتها؛ ومن هنا فالمسؤولية ـ الأخلاقية والقانونية ـ عن الخسائر الفادحة في صفوف المدنيّين تقع عليهم حصريًا.