جنين ـ فلسطين اليوم
لا تزال الدبابات الإسرائيلية تتمركز في حي الجابريات المطل على مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية المحتلة، لليوم الثاني على التوالي، بعد أن نفذت القوات الإسرائيلية عدة اقتحامات ومداهمات لمناطق مختلفة في المدينة فجر الاثنين.جاء ذلك بعد أن صعّد الجيش الإسرائيلي الأحد، عملياته العسكرية في شمال الضفة الغربية المحتلة ضمن ما سمّاها عملية "السور الحديدي"، حيث دخلت مدرعات عسكرية إلى الضفة الغربية المحتلة، لأول مرة منذ 2002.
وأكدت مصادر محلية لبي بي سي، إحراق الجيش الإسرائيلي عدداً من المنازل داخل مخيم جنين المحاصر، الذي شهد خلال الأسابيع الماضية على نسف أحياء سكنية بأكملها وتدمير أكثر من 100 منزل بشكل كامل، ما أدى إلى نزوح قسري لعشرات الآلاف من داخل المخيم.
وتقول وزارة الصحة الفلسطينية إن 27 فلسطينياً قُتِلوا خلال تلك العملية العسكرية.
كما وسع الجيش الإسرائيلي من عملياته واقتحم عدة قرى في ريف جنين "قباطية واليامون وبرقين"، مع استمرار عمليات التجريف للشوارع والبنية التحتية في القرى المحيطة لجنين، بالإضافة لمداهمة المنازل وشن حملة اعتقال لعدد من الفلسطينيين.
وكان نشطاء وصحفيون رصدوا فجر الاثنين دخول أربع دبابات إسرائيلية من بوابة المقيبلة في سهل مرج ابن عامر باتجاه مدينة جنين ومخيمها، الذي تتواصل فيه العملية العسكرية الإسرائيلية لليوم الـ35 على التوالي.
وبحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي فإن القوات الإسرائيلية تعمل على توسيع نطاق عملياتها الهجومية في المنطقة بهدف إحباط الهجمات المسلحة، إذ تشارك في العمليات قوات من لواء "ناحال" ووحدة "دوفدفان" في قرى بمنطقة جنين التابعة للواء "منشيه"، إلى جانب وحدة مدرعة تضم مدرعات قتالية لدعم الجهود العسكرية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن إدخال المدرعات إلى شمال الضفة الغربية المحتلة جاء نتيجة لضغوط من المستوى السياسي على الجيش الإسرائيلي.
إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن هذا الانتشار "يعني شيئاً واحداً، وهو أننا سنكافح الإرهاب بكل الوسائل وأينما كان".
وفي زيارة غير مسبوقة، تفقد نتنياهو الجمعة، القوات الإسرائيلية في مخيم طولكرم للاجئين في الضفة الغربية المحتلة، حيث أمرهم بتكثيف العملية العسكرية الجارية هناك.
وتزامناً مع ذلك، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، "إجلاء 40 ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم ونور شمس"، موضحاً أنها "أصبحت الآن خالية من السكان".
وأشار كاتس إلى أن "التعليمات أُصدرت للجنود للاستعداد لإقامة طويلة في المخيمات التي تم أخلاؤها، لعام من الآن، وعدم السماح بعودة قاطنيها وعودة الإرهاب".
من جانبها، استنكرت وزارة الخارجية الفلسطينية "استقدام الجيش الإسرائيلي دبابات ثقيلة إلى محيط جنين"، معتبرة ذلك "مقدمة لتعميق عمليته العسكرية في شمال الضفة الغربية ومخيماتها".
واعتبرت الوزارة تصريحات وزير الدفاع يسرائيل كاتس بمنع عودة الفلسطينيين للمناطق التي تمّ إخلاءها، وبقاء الجيش الإسرائيلي فترة طويلة فيها، تصعيداً خطيراً للأوضاع في الضفة، و"محاولة مكشوفة لتكريس حرب الإبادة والتهجير ضد شعب اعزل" بحسب بيان لها.
وطالبت الوزارة بضرورة تدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل، وإجبار إسرائيل على وقف "عدوانها على الفلسطينيين".
بدورها، اتّهمت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الاثنين، إسرائيل بالعمل على "ضمّ الضفة الغربية بالقوة"، بعد طردها سكان ثلاثة مخيمات فلسطينية في الضفة المحتلة من دون إمكانية العودة إليها.
وقالت حركة الجهاد التي قاتلت مع حركة حماس في قطاع غزة ضد إسرائيل في بيان، إن "إقدام قوات الاحتلال على استخدام الدبابات كآلة بطش إضافية في تصعيدها المستمر ضد أبناء شعبنا في الضفة، وقرارات إخلاء ثلاثة مخيمات فلسطينية هي خطوة عدوانية جديدة تهدف إلى اقتلاع شعبنا من أرضه".
كما اتهمت إسرائيل بمحاولة "ترسيخ الهيمنة العسكرية عبر شقّ محاور استيطانية تعزّز فصل مدن الضفة ومخيماتها".
واعتبرت أن "مخطط التهجير لا علاقة له بعملية طوفان الأقصى"، وهو الاسم الذي أطلقته حركة حماس على هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، معتبرة أنه "جزء من استراتيجية قائمة على التطهير العرقي والإبادة وسرقة الأراضي الفلسطينية"، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
من ناحيته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن "قلقه العميق إزاء تصاعد العنف في الضفة الغربية، داعيا إلى احترام القانون الدولي، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وضمان قيام دولة فلسطينية مستقلة، تكون غزة جزءاً لا يتجزأ منها".
وقال غوتيريش في كلمته الافتتاحية للدورة الـ 58 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المنعقدة في جنيف، إن "الصراعات الدائرة في العالم، ومن بينها الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تمثل مصادر قلق خطيرة، إذ تتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان، ويتزايد عدد الضحايا المدنيين".
وأسفرت عملية "السور الحديدي" التي بدأها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة منذ أكثر من شهر، عن مقتل 51 فلسطينياً على الأقل، من بينهم سبعة أطفال.
فيما قتل ما لا يقل عن ثلاثة جنود إسرائيليين بحسب الأمم المتحدة التي استنكرت "وجود عشرات الآلاف من سكان مخيمات اللاجئين، الذين لا يزالون نازحين" بعد شهر على بدء العملية.
وخلال العملية، دمّر الجيش الإسرائيلي عشرات المنازل لفتح ممرات داخل المخيمات المكتظة بالسكان في طولكرم وجنين.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة، حيث قتل ما لا يقل عن 900 فلسطيني خلال عمليات للجيش الإسرائيلي أو هجمات مستوطنين إسرائيليين بحسب أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.
بينما قتل ما لا يقل عن 32 إسرائيلياً بينهم جنود، في هجمات فلسطينية أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، بحسب البيانات الإسرائيلية.
قد يهمك أيضا :