غزة – محمد حبيب
يرى مراقبون فلسطينيون أنّ حركة حماس تسعى لفرض "معادلة اشتباك جديدة" مع إسرائيل في قطاع غزة رغم مخاطر أن يقود ذلك إلى تسريع مواجهة جديدة بينهما وهدّدت كتائب القسّام الجناح العسكري لحركة حماس أخيرًا بالرد على أي تصعيد إسرائيلي قادم ضد قطاع غزة الذي تسيطر عليه الحركة منذ منتصف عام 2007. وجاء تهديد كتائب القسام بعد يوم من شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات على مناطق متفرقة في قطاع غزة أسفرت عن إصابة أربعة فلسطينيين بجروح متوسطة بدعوى الرد على إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع على جنوب إسرائيل. واعتادت إسرائيل الرد على الإطلاق المتقطع للقذائف الصاروخية من قطاع غزة بشن غارات على أهداف موضعية تتمثل بمواقع تدريب ونقاط رصد لكتائب القسّام، أغلبها في مناطق حدودية من القطاع.
واعتبر المحلل السياسي من غزة حمزة أبو شنب، أنّ تهديدات القسّام بالرد على أي تصعيد إسرائيلي مقبل "تعني بأن قواعد الاشتباك بين المقاومة في قطاع غزة وإسرائيل ستتغير في المرحلة المقبلة". وذكر أبو شنب أنّ تهديدات القسّام "رسالة لإسرائيل بالدرجة الأساسية بأن لا تلعب بالنار، وبتقديري فإن إسرائيل ستفهم الرسالة"وأضاف "بخلاف التقديرات السابقة التي تحدثت عن أن المقاومة تستطيع أن تمتص أي استفزازات إسرائيلية في قطاع غزة، فإن التوجه العام حاليًا بات يُنذر بمرحلة ثانية وفرض حل يوقف أي تصعيد إسرائيلي". ويشير أبو شنب، إلى أنه "إن كانت إسرائيل تريد مزيدًا من التهدئة على جبهة غزة، فإن رسالة كتائب القسّام تريد أن تؤكد أن عليها إدراك أن المعادلة ستختلف، وربما تأخذ منحى القصف بالقصف وموقع عسكري بموقع عسكري".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي من غزة أكرم عطا الله، أنّ تهديدات القسّام الأخيرة "رسالة تأكيد على جاهزيتها التامة للتصدي لأي عدوان إسرائيلي جديد على قطاع غزة، ورفضها معادلة الضغط على المقاومة" وتابع عطا الله أن "طبيعة الصراع بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي فرضت على كتائب القسام أن تعلن عن جاهزيتها العسكرية لمواجهة أي عدوان جديد، والتهديدات المتبادلة باستخدام القوة تأتي في سياق الاستغناء عن استخدامها". وأضاف أن إسرائيل "حاولت مرارًا فرض معادلات مع قطاع غزة، تارة الأمن مقابل الغذاء، وأخرى الصاروخ سيواجه بعدوان موسّع، وهو ما تحاول كتائب القسام التصدي له ولجم أي توتر متصاعد ينتهي بمواجهة شاملة".
وسبق أن شنّت إسرائيل ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة، الأولى نهاية العام 2008 وبداية عام 2009، والثانية في تشرين ثاني/نوفمبر 2012 وصولًا إلى الهجوم الأخير صيف عام 2014 وأسفر الهجوم الأخير الذي استمر 50 يومًا عن مقتل أكثر من ألفي فلسطيني وجرح ما يزيد عن 10 آلاف آخرين، وانتهى بوساطة من مصر بإعلانها اتفاقًا لوقف إطلاق النار.
ويرى مراقبون أن تنامي حوادث التوتر في المرحلة المُقبلة خاصة بعد تهديد كتائب القسّام بالرد على أي تصعيد إسرائيلي من شأنه أن يفتح الباب واسعًا أمام تسريع مواجهة شاملة جديدة في قطاع غزة مع إسرائيل وأشار الكاتب والمُحلل السياسي من غزة عدنان أبو عامر، إلى أن "كافة المؤشرات في المرحلة الأخيرة تظهر أن الأوضاع الميدانية في قطاع غزة تتجه إلى مزيد من التسخين مع إسرائيل ".وأوضح أنه "في ظل غياب توافق معين سواء فلسطيني داخلي، أو فلسطيني إسرائيلي على ضبط الأوضاع الميدانية فإن الأمور مرشحة لمزيد من التصعيد".
ولفت إلى أن "هذا التصعيد يمكن أن يقود الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى نهايات لا أحد يرغبها، ورغم عدم وجود رغبة مشتركة بين حماس وإسرائيل بالتسريع للذهاب لمواجهة جديدة، إلا أنه قد تكون هناك أطراف خارجة عن إرادتهما لها مصلحة في اشتعال الأوضاع أكثر مع مرور الوقت" ويعتبر أبو عامر، أن من أبرز دوافع مواجهة جديدة في غزة "الضغط الاقتصادي الحاصل في القطاع، بفعل استمرار تشديد الحصار الإسرائيلي، أو تنامي قوة مجموعات سلفية خارجة عن سيطرة حماس، فيما تبقى التوقعات بمواجهة وشيكة من عدمها مرتبطة بالتطورات الميدانية كليا".