إحياء ذكرى ضحايا الحرب

أعلن «منتدى العائلات الثكلى الفلسطيني - الإسرائيلي من أجل المصالحة والسلام»، أمس (الثلاثاء)، أن نحو 200 ألف شخص شاركوا عبر الشبكات الاجتماعية في وقائع المهرجان الرقمي المشترك، لإحياء ذكرى ضحايا الحرب من الشعبين، عادّاً أن هذا العدد الضخم من المشاركين «يعزز آمال السلام» ويؤكد ضرورة مضاعفة النشاط لمصلحة السلام. وقال بسام عرامين ورامي الحنان، اللذان يقودان هذا النشاط، إن «انتشار فيروس (كورونا) رغم مساوئه الكثيرة، جعلنا نلجأ إلى العالم الافتراضي، ولم نتوقع أن يكون التجاوب بهذا الحجم. يبدو أن وجود الفلسطينيين والإسرائيليين في خندق واحد وأمام عدو واحد هو (كورونا)، جعل الناس يعودون إلى رشدهم وإنسانيتهم ويدركون كم هي الحياة غالية وكم يجب أن نحافظ عليها بالسلام».

وكان هذا المنتدى قد أقام، في الليلة قبل الماضية، وللسنة الخامسة عشرة على التوالي، حفل تأبين لذكرى الذين سقطوا ضحايا للصراع من اليهود والفلسطينيين. وقد شارك في الحفل هذه المرة مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام، نيكولاي ملادينوف، الذي أرسل تحية مسجلة على شريط وجرى بثّها في المهرجان، وقال فيها: «شعبا البلاد بحاجة ماسة إلى قيادات تفعل مثلكم.

فهناك متطرفون في الجهتين يريدون إحراق كل الجسور بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتوسيع هوة الخلاف. وما تفعلونه أنتم يصد هؤلاء ويتحول إلى مصدر إلهام وأمل لنا جميعاً». و«منتدى العائلات الثكلى الفلسطيني - الإسرائيلي» تأسس سنة 1995 جمعيةً إسرائيلية ثم تحول إلى جسم مشترك مع الفلسطينيين، ويضم اليوم 600 عائلة ثكلى من الشعبين. ومنذ سنة 2005، بدأ المنتدى في إقامة حفل لإحياء ذكرى الأبناء الذين قُتلوا، وذلك في الوقت نفسه الذي تقيم فيه الحكومة الإسرائيلية طقوس أحياء ذكرى ضحايا الحروب الإسرائيليين، والذي يتحول عادة إلى منبر لإطلاق التهديدات العسكرية. وقد اختارت العائلات الثكلى إقامة هذا النشاط بغرض إطلاق نداءات السلام بدل التبجح بالتصريحات الحربية.

وفي السنوات الأخيرة تتعرض نشاطات المنتدى لحملة تحريض قاسية من قوى التطرف في المجتمع الإسرائيلي، لدرجة اتهامهم بالخيانة. وفي السنتين الماضيتين، منع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصول العائلات الثكلى الفلسطينية من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة إلى هذا النشاط في تل أبيب، فتدخلت المحكمة العليا وأجبرته على منح التصاريح لهم. وقام نشطاء اليمين بالتظاهر على مدخل القاعة وراحوا يشتمون العائلات الثكلى.

وفي مساء أول من أمس، أقيم المهرجان على الشبكات الاجتماعية، ولم يكن بمقدور أحد منعهم.

وقد تكلم في المهرجان 4 مندوبين عن العائلات الثكلى، والأديب اليهودي الدكتور سامي شطريت، الذي قال إن «أفراد الشعبين اللذين يبدوان بعيدين كليهما عن الآخر ومتنافرين، هم في الواقع باتوا أقرب ما يكون، خصوصاً في ظل (كورونا)». وأضاف: «قد تجد إسرائيليين في بلدتي سدروت وكذلك في رام الله، لا يحبون هذا النشاط. لكن من تعز عليه حياة الناس في الشعبين يرى في هذا اللقاء أملاً كبيراً بالسلام».

وتكلم يعقوب الرابي من قرية بيديا في ضواحي القدس الشرقية المحتلة، الذي كان قد فقد زوجته التي قتلها مستوطن يهودي في سنة 2018 عندما قذف حجراً على سيارتها فسقطت في واد قريب، فقال: «إنني أطلق من هنا نداء إلى الإسرائيليين والفلسطينيين من قلب جرحي العميق: الصراع بيننا هو من صنع البشر، ولذلك فالبشر يستطيعون إنهاءه. فهذه هي مصلحتنا جميعاً». وقالت طال كفير، وهي يهودية من القدس قُتلت شقيقتها ياعيل في سنة 2003 بعملية مسلحة فلسطينية، إنه «رغم كل التناقضات التي نعيشها، فإننا كلنا نعرف في قرارة نفسه أن السلام هو الحل الوحيد الذي يحمي أرواح أهلنا من الشعبين. وما ينقصنا هو قيادة شجاعة تقول بصدق ما يجب أن يقال للناس وهو أن هذه الحرب قذرة ولا بد من أن تنتهي».

ووجهت يسرى محفوظ، ابنة مخيم لاجئين قرب الخليل، والتي فقدت ابنها الطفل علاء الذي قتل برصاص الجنود الإسرائيليين سنة 2000، كلمتها إلى الأمهات قائلة: «إن دورنا كبير، كأمهات، في تربية أولادنا على روح السلام». وقال حجاي يويل من تل أبيب، الذي قُتل شقيقه الجندي إيال خلال اجتياح جنين سنة 2002، إنه يرفض اعتباره خائناً لشعبه بمجرد مشاركته في هذا النشاط. وعدّ أن هذه المشاركة هي الإخلاص الوطني الحقيقي.

قد يهمك ايضا : 

  ملادينوف يدعو إلى وقف فوري لإطلاق الصواريخ من غزة

  المبعوث الأممي إلى الشرق الأوسط يبحث مع "الرباعية" استئناف مفاوضات السلام