رام الله ـ كمال اليازجي
تشهد اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني جدلًا ساخنًا حول قائمة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وحركة "فتح" لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في وقت شنّ قادة الدولة العبرية هجومًا ضد الرئيس محمود عباس على خلفية تصريحات له اعتبروها "معادية للسامية"، ووصفتها واشنطن بـ "مؤسفة للغاية ومثيرة للقلق"، والاتحاد الأوروبي بـ "غير المقبولة".
واحتدم الجدل داخل المجلس الوطني بعدما أعلن المسؤول السابق في حركة "فتح" نبيل عمرو عزمه الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية، ما يُلزم المجلس إجراء انتخابات مفتوحة، وبالتالي يُهدد عددًا من أعضاء قائمة الرئيس و "فتح".
وعادة ما يتم اختيار أعضاء "التنفيذية" بموجب توافق وطني بين القوى الرئيسة. وقالت مصادر داخل المجلس، الذي يواصل أعماله منذ مساء الإثنين الماضي، إن النقاش الأكبر يتناول المرشحين المستقلين الذين يحتلون ستة مقاعد. وتضم اللجنة التنفيذية 18 عضواً، بينهم ستة مستقلين، والباقون يمثلون الفصائل والأحزاب المنضوية تحت لواء المنظمة. وعادة ما يتم التوافق بين القوى على قائمة موحدة تضم ممثلاً عن كل فصيل، وثلاثة ممثلين عن الحركة الأكبر وهي "فتح"، والمستقلين، لكن هذه المرة ظهر خلاف واسع بين أعضاء المجلس حول المستقلين الذين ضمتهم القائمة ولم تكن أسماؤهم مقنعة للكثيرين.
وكشفت مصادر مطلعة أن قيادة "فتح" قررت تغيير مرشحين لا يحظون بشعبية، خشية سقوطهم المدوي في الانتخابات، في حين تجري اتصالات مع عدد من المرشحين لإقناعه بعدم الترشح، لتجنب إخضاع القائمة للتنافس الانتخابي. ومن الأسماء التي ضمتها القائمة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمدالله، ونائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، وعضو اللجنة التنفيذية حنان عشراوي، ورئيس الصندوق القومي رمزي خوري، ورئيس صندوق الاستثمار الدكتور محمد مصطفى.
وألقى عمرو كلمة في المجلس حمَل فيها بشدة على أداء "فتح"، وقال إن الحركة تتبنى النضال الشعبي السلمي، لكن أياً من قادتها لم يَظهر في أي تظاهرة ضد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل".
وفي تطور لافت، هددت "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" بالانسحاب من المجلس الوطني في حال اعتماد قرار يقضي بوقف تمويل قطاع غزة وبتبني مبادرة عباس للحل السياسي. وقال نائب الأمين العام للجبهة فهد سليمان في كلمته: "يجب أن يتخذ المجلس قراراً فورياً بإنهاء العقوبات المتخذة ضد أهلنا في غزة... وعلينا أن نبحث عن استراتيجية تخرجنا من مرحلة أوسلو، كما يجب أن نتصدى لحال القمع والتعرض للحريات التي تتزايد في الضفة والقطاع". ومن المقرر إجراء انتخابات اللجنة التنفيذية اليوم، لكن مصادر أشارت إلى احتمال تمديد أعمال المجلس يومًا إضافيًا.
وصعدت إسرائيل حملتها ضد الرئيس عباس، على خلفية قوله في خطابه أمام المجلس إنه "تم اضطهاد وقتل اليهود في أوروبا ليس لأنهم كانوا يهودًا، إنما لأنهم عملوا في مجال الأموال والقروض بفائدة". واتهمه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بأنه "معادٍ للسامية"، وأن تصريحه ينمّ عن "جهل ووقاحة"، وقال: "يبدو أن مُنكر المحرقة سيبقى منكراً لها".
واستغل السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان هذا التصريح ليلقي مجدداً مسؤولية غياب السلام على الفلسطينيين، وكتب في حسابه على "تويتر" أن "أبو مازن بلغ حضيضاً جديداً عندما نسب المجازر التي لحقت باليهود إلى تصرفهم الاجتماعي المتعلق بالمصارف والفوائد".
واعتبر المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، أنه "لا يمكن بناء السلام على هذا النوع من الأسس"، واصفاً تصريحات عباس بأنها "مؤسفة للغاية ومثيرة للقلق للغاية"، ودعا إلى التنديد بها في شكل "غير مشروط من الجميع".
وانضم الاتحاد الأوروبي إلى المنددين بتصريحات عباس "غير المقبولة"، وقال الناطق باسم الجهاز الديبلوماسي في الاتحاد في بيان، إن "مثل هذا الخطاب لن يفيد سوى هؤلاء الذين لا يرغبون في حل الدولتين الذي دعا إليه عباس مراراً". كما وصفتها الأمم المتحدة بأنها "غير مقبولة ومقلقة جداً"