واشنطن ـ يوسف مكي
سيتسلم دونالد ترامب في أول أيام منصبه، "البسكويت النووي" وهي بطاقة صغيرة تحتوي على الرموز التي يحتاجها للتحدث إلى غرفة الحرب في البنتاغون وللتأكيد على هويته في حال وقوع أزمة أمنية وطنية. ويختلف تعامل رؤساء الولايات المتحدة مع " البسكويت النووي"، فقد اختار بعض الرؤساء الاحتفاظ بها معهم، وتبيّن أن هذا غير مأمون على الإطلاق، حيث نسيها جيمي كارتر في ملابسه عندما أرسلها إلى التنظيف، وكانت في محفظة بيل كلينتون مع بطاقات الائتمان، وفقدت المحفظة تماماُ. لذا اختار البعض الآخر الاحتفاظ بالبطاقة مع أحد مساعديه لحفظها في الحقيبة، المعروفة باسم "كرة القدم النووية"، والتي تضم لائحة بجميع الأهداف المعرضة لضربة نووية ومواقع الملاجئ التي سيختبئ فيها الرئيس في حال اندلاع حرب نووية بالإضافة إلى" البسكويت النووي" أو البطاقة الصغيرة التي تحمل رموزا لتأكيد هوية الرئيس.
ويمثل "البسكويت" و "كرة القدم" القوّة الرهيبة، سيتسلمها ترامب في 20 يناير/ كانون الثاني. التي يكون لها استخدام فقط في لحظات نادرة جدًا حيث الأزمات الشديدة، ولكن قدرة الرئيس الأميركي على إدارة الأزمات في جميع أنحاء العالم هي ما تساعد في تحديد ما إذا ستكون شديدة الخطورة أم لا، فهناك الكثير من المواقف التي تتعلّق بالبسكويت النووي واستخدامه، فهناك ملفات بالفعل تنتظر على مكتب ترامب، أولها في شبه الجزيرة الكورية، حيث النظام الكوري الشمالي يقوم بتطوير صاروخ نووي طويل المدى بسرعة. وملف آخر يمكن أن ينفجر في أي وقت مع روسيا، التي تحلّق على مقربة متزايدة من طائرات وسفن حلف شمال الأطلسي في لعبة عالية المخاطر من يبدأ الحرب أولا. وأما الملف الثالث، مع إيران، حيث قد يلجأ ترامب إلى "البسكويت" بالفعل إذا استمر في قراره بوقف اتفاق العام الماضي مع إيران بشأن وقف برنامجها النووي في مقابل تخفيف العقوبات.
وفي هذا السياق، قال جيمس أكتون، المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي "ليس لدي أي فكرة عما سيفعله، ولا أظن، أنه أيضا يعرف ". وأضاف: "دعونا لا نخدع أنفسنا بأن لديه سياسات لهذه القضايا. فهو حتى الآن لا يملك الفريق الذي يدرس بعمق هذه المسائل ". فيما قد وقّع 10 ضباط سابقين، كانوا مسؤولين عن إطلاق الأسلحة النووية الأميركية، والذين كانوا يشرفون على مخازن الصواريخ ويملكون المفاتيح اللازمة لتنفيذ أمر إطلاق الصواريخ خلال الحملة الانتخابية على خطاب ينص على أنه لا يمكن لترامب أن يضع "يده على زر الإطلاق" بسبب مزاجه، فهو غير معتدل المزاج. فيما ذهب آخرون إلى أنه في الواقع، لن يكون وقت اتخاذ القرار قصير. فالولايات المتحدة في الحقيقة لديها الكثير من الخيارات – مثل الصواريخ الجوية والبحرية وكذلك القاذفات. لذا سيكون هناك مزيد من الوقت لترامب للتفكير وطلب المشورة.
الأزمة مع كوريا الشمالية
يسارع كيم جونغ أون بإجراء التجارب على الأسلحة النووية والصواريخ، ويعتقد معظم المحللين أنه سوف يصل إلى تصنيع رأس حربي مصغرة يمكن أن توضع على صاروخ بالستية عابرة للقارات قادرة على الوصول إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة خلال الفترة الأولى لرئاسة ترامب. وقال داريل كيمبل، المدير التنفيذي لرابطة مراقبة الأسلحة أن بيونغ يانغ يمكنها انتهاز فرصة انتقال الرئاسة لاختبار همة ترامب. فيما أبدى ترامب قبوله لإجراء محادثات مع كيم، واختراق الجمود السياسي الذي قطع كل مشاركة تقريبا مع النظام. لكن هذه الخطوة من جانب واحد قد تُقلق حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، الذين أغضبتهم بالفعل تصريحات ترامب خلال الحملة الانتخابية.
الأزمة مع إيران
هدّد ترامب بوقف الاتفاق النووي للقوى الست الكبرى مع إيران العام الماضي، والذي يُحجّم من قدرات إيران بشأن برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية. وقد جادل هو وغيره من الجمهوريين بأن الولايات المتحدة كانت من الممكن أن تحصل على مزيد من التنازلات إذا أعادت تطبيق العقوبات. وقال أكتون: "إن هذا القرار كارثي" "حيث إن الأطراف الأخرى في هذه الصفقة لا تزال تعتبر نفسها ملزمة به، فإذا انسحبنا، فإن الإيرانيين لهم الحق في المطالبة بالتعويض، كما أن الأطراف الأخرى لن تكون متعاطفة معنا، فإذا كنت ترغب في ممارسة الضغط على إيران تحتاج للقيام بعقوبات متعددة الأطراف.
الأزمة مع روسيا
يزعم ترامب أنه سيحسّن العلاقات مع روسيا، وعلى وجه الخصوص مع فلاديمير بوتين شخصيا، الأمر الذي من شأنه نزع فتيل التوتر على أوكرانيا وسورية. ومثل هذه الصفقات يمكن أن تكون جيدة بالنسبة إلى شعوب تلك البلدان، ولكن يمكن أن تقلل من فرص التوصل إلى نهاية كاملة للسيطرة على الأسلحة والعودة إلى سباق التسلّح النووي المكلف والخطير. ويشير هانز كريستنسن، الخبير النووي في اتحاد العلماء الأميركيين (FAS)، إلى أن أكبر تخفيضات في الترسانات النووية تحققت من قبل الإدارات الجمهورية.