الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون

احتجّت الصين على وجود سفينتين حربيتين أميركيتين في بحر الصين الجنوبي بعد حادث وقع الأحد، في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين عدد من البلدان، ولم تكن صدفة أنه في غضون أيام من انسحاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مِن القمة مع نظيره الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، يتم الإبلاغ عن سفينتين حربيتين أميركيتيين مدججتين بالسلاح، وإثارة الجدل بشأنهما أثناء عبور بحر الصين الجنوبي.

الاعتراض على عبور سفينتين أميركيتين بحر الصين
وأثارت السفينتان "يو إس إس هيغينز"، وهي مدمرة من طراز بورك، والأخرى طراد القذائف الموجهة "يو إس إس" أنتيتام، ردا غاضبا من بكين، بعد عبورهما مسافة 12 ميلا بحريا من جزر باراسيل، وهي جزر واقعة في أرخبيل في بحر الصين الجنوبي، وتشكّل جزءًا من شبكة الجزر الصغيرة والمياه الضحلة والشعاب، التي كان الصينيون مشغولين باستعمارها خلال الأعوام الأخيرة.

وعلى الرغم من أن دولا أخرى في المنطقة، مثل فيتنام والفلبين وتايوان، تطالب بأحقيتها في المياه، ضغط الصينيون قدمًا ببناء عدد من القواعد العسكرية، في محاولة خرقاء لتبرير مطالبهم السيادية.

وقوبلت إجراءات الصين بمقاومة في واشنطن، التي ترفض مطالبة بكين بالسيطرة على مياه بحر الصين الجنوبي كافة، وتحقيقا لهذه الغاية، تقوم البحرية الأميركية بدوريات حرية الملاحة المنتظمة في المنطقة لإثبات حق جميع السفن العالمية في المرور بحرية، فضلا عن إظهار دعمها للمطالب الإقليمية المتنافسة لحلفاء الولايات المتحدة الإقليميين.

السبب الرئيسي وراء انسحاب ترامب من قمة سنغافورة
إن توقيت الخلاف الدبلوماسي في نهاية الأسبوع الماضي، مع وزارة الدفاع الوطني الصينية التي تقول إن السفن الحربية الأميركية انتهكت سيادة الصين بشكل خطير، تحتاج إلى النظر إليها، في سياق عدم رضا ترامب عن إلغاء اجتماع الشهر المقبل مع الزعيم الكوري الشمالي، في سنغافورة.

ورغم أنه لم يوجه اللوم إلى بكين مباشرة على قراره، أشار ترامب إلى أنه يعتقد بأن الصينيين لم يكونوا مفيدين أو ذا نفع في تعاملاتهم مع الكوريين الشماليين وراء الكواليس، وأشار الرئيس إلى اجتماع كيم مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في وقت سابق من هذا الشهر، وبعد ذلك، قال ترامب "كان هناك تغيّر بسيط في موقف وسلوك كيم جونغ أون، وبالتالي أنا لا أحب ذلك، لا أحب ذلك من وجهة نظر الصين".

وبدأ نمط متميز بالظهور حيث كلما وجدت إدارة ترامب نفسها تواجه تحديًا كبيرًا، تظهر بكين لتبني الموقف الذي يثير غضب الولايات المتحدة.

ترامب يعتقد بأن الصين تُشجّع كيم على معاداته
ويوجد الكثير من الأسباب التي تجعل ترامب لا يحب الموقف الصيني، وبخاصة مع وجود خلافات تجارية بين البلدين، فقد طالب ترامب بكين مؤخرا بتخفيض عجزها التجاري مع الولايات المتحدة بمقدار 200 مليار دولار في العامين المقبلين، وهي الخطوة التي ربما أقنعت السيد شي بأن يكون أقل تعاونا في تعامله مع الأزمة الكورية الشمالية، وبخاصة مثل بحر الصين الجنوبي، إذ تعتبر بكين بيونغ يانغ بأنها تقع تحت دائرة نفوذها، كما أن موقف الصين غير المفيد تجاه واشنطن يقتصر على القضايا المتعلقة بالفناء الخلفي الخاص بها.

الصين تُعادي الدبلوماسية الأميركية
وأطلقت بكين عددا من المبادرات الدبلوماسية في أجزاء أخرى من العالم تضعها على خلاف مع السياسة الأميركية، وعندما فرضت الولايات المتحدة، على سبيل المثال، عدداً من العقوبات العقابية على موسكو بسبب محاولاتها المختلفة لتقويض التحالف الغربي، ردت الصين بإطلاق عهد جديد من المشاركة الدبلوماسية والعسكرية والتجارية مع موسكو، مما دفع أحد كبار الدبلوماسيين الصينيين إلى التعليق، قائلًا إن العلاقات بين البلدين (روسيا والصين) الآن في "أفضل مستوى في التاريخ".

وتوجد حالة أخرى كان فيها الصينيون وضعوا أنفسهم في المخيم المعادي إلى واشنطن، حيث في أعقاب قرار إدارة ترامب بالانسحاب من الصفقة النووية الإيرانية، أعلنت بكين في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها ستستضيف الرئيس الإيراني حسن روحاني لإجراء محادثات بشأن تعميق التعاون الاقتصادي بين البلدين.

على الغرب الخوف من القوة العكسرية الصينية
ومنذ فترة طويلة، انطلق القادة الغربيون إلى بكين أملا في الوصول إلى ثروة الصين الاقتصادية الهائلة، ففي بريطانيا، يعني هذا أن الصين تمتلك الآن أجزاء كبيرة من بنيتنها التحتية الوطنية، وقد يكون من المفاجئ للصينيين، الذين كانوا دائما الخيار المفضل للمستشار السابق جورج أوسبورن، أن يأتي بنتائج عكسية، كما تقترح المبادرات الدبلوماسية الأخيرة لبكين، أن الصين وليس روسيا، عازمة على بدء حرب باردة جديدة، ومقارنة بروسيا، مع بنيتها التحتية العسكرية المتهالكة والمتداعية، تظهر الصين بسرعة كقوة عظمى عسكرية جديدة في العالم، كما تم إطلاق أول حاملة طائرات محلية الصنع في وقت سابق من هذا الشهر.

ولا يزال أمام الصين طريق طويل قبل أن تصبح قوة عسكرية من الرتبة الأولى، إذ إن عدم قدرتها على تحدي السفن الحربية الأميركية في بحر الصين الجنوبي يدل على ذلك، ولكن عندما يصل الصينيون إلى النقطة التي يمكنهم فيها دعم موقفهم الدبلوماسي المعادي للغرب بالقوة العسكرية العنيفة، فإنهم سيكونون بحق قوة يجب أن نؤمن بها.​