معاناة السكان في غزة من انقطاع الكهرباء

فيما صادقت الحكومة الأمنية المصغرة في إسرائيل على تقليص إضافي لكمية الكهرباء التي تزود بها قطاع غزة، تتواتر تعليقات محللين عسكريين بارزين في اليومين الأخيرين عن احتمال وقوع مواجهة عسكرية جديدة بين إسرائيل وحركة "حماس" هذا الصيف. وأعلنت الحكومة المصغرة في جلستها الأحد تقليص تزويد القطاع بالكهرباء بساعة أخرى بداعي أن الهدف من ذلك المس بالقواعد الإرهابية لحركة "حماس"، كما قال وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان للإذاعة العسكرية أمس مضيفاً أن "حماس اختارت طرق الإرهاب ضد مواطني إسرائيل". وتابع أن الحركة التي حصلت في الماضي على المال من قطر وقبل ذلك من دول أخرى، اختارت أن تستثمر هذه الأموال في البنى التحتية للإرهاب، والآن أخذ سكان القطاع يدركون الكارثة التي أنزلتها حماس بهم.

وذكرت صحيفة "هآرتس" أن الحكومة المصغرة قبلت بتوصية الجيش الإسرائيلي بـ "عدم التسهيل على حماس والعمل بموجب قرار الرئيس محمود عباس بخصم 40 في المئة من المبلغ الذي تدفعه السلطة لإسرائيل ثمناً للكهرباء لغزة". وقال موظف كبير للصحيفة إن قادة الجيش عرضوا أمام الوزراء وضعاً صعباً في القطاع، وأنهم أوضحوا أن أي مس إضافي بتزويد القطاع بالكهرباء سيسرع التصعيد على الحدود، مع ذلك فإنهم أوصوا بأن لا تتناقض سياسة إسرائيل مع سياسة عباس المتشددة تجاه حماس.

ورأى المعلق العسكري في "هآرتس" عاموس هارئيل أن الحدود بين إسرائيل والقطاع تقترب من درجة غليان في هذا الصيف، وأنه من دون أن تكون مصلحة لأي من الجانبين بأن التصعيد يخدمه، لكن يبدو أن إسرائيل وحماس تقتربان من مواجهة ممكنة، وبتشجيع مكثف من السلطة الفلسطينية. وزعم أن "قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيادة الضغط الاقتصادي على حكم "حماس" في القطاع هو السبب الرئيسي للتوتر الجديد، ويظهر أن عباس سئم تمويل خصومه السياسيين الذين يرفضون عمداً الاعتراف بأي رمز من رموز سيادة السلطة الفلسطينية في القطاع". وزاد أن العقوبات على القطاع بدأت بخفض ثلث الرواتب لموظفي السلطة في القطاع، ثم تقليص دعم عائلات الأسرى المحررين والتشويشات في تزويد الكهرباء، وهذا هو المركّب المصيري.

وأشار المعلق إلى أن الحكومة الإسرائيلية تبحث منذ أسابيع في أزمة الكهرباء في القطاع وخطر اندلاع مواجهة عسكرية بسببها، نتيجة قرار الرئيس عباس أن تخفض إسرائيل تزويد القطاع بالكهرباء بنسبة 40 في المئة، وخسارة "حماس" الدعم المالي الكبير من قطر المحاصرة، و عليه فإن التطورات الأخيرة قد تدفع حماس نحو حضن إيران.

وتناول الكاتب ما وصفها مؤشرات تصعيدية من "حماس" مثل حضها عرباً من إسرائيل على اغتيال ضابط إسرائيلي كبير وتشجيع غزيين على الاقتراب من السياج الحدودي للتظاهر وهو ما منعته سابقاً، فيما ينوي الجيش إقامة حاجز جديد لمحاربة الأنفاق، ما سيزيد الضغط على حماس وخشيتها من أن تفقد ما اعتبرته ذخراً استراتيجياً.

في غضون ذلك، أطلقت شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة "سما" تحذيرات من تداعيات تطبيق قرار تقليص كمية الكهرباء للقطاع معتبرة أنه بمثابة كارثة لن تكون عواقبها محسوبة، ولن يكون تأثيرها فقط داخل غزة وإنما في المحيط. وأكد مدير العلاقات العامة والإعلام في الشركة محمد ثابت في تصريح أن شيئاً لم نبلّغ به رسمياً بخصوص قرار التقليص الإسرائيلي كما أن كمية الكهرباء الآتية من الخطوط الإسرائيلية لم تُقلص بعد. وأضاف أن "غزة تعيش أزمة كهرباء مركبة وكارثية من دون هذا التقليص، وبالكاد تكفي كمية الكهرباء الآتية من الخطوط الإسرائيلية للعمل بجدول 4 ساعات وصل مقابل أكثر من 12 ساعة قطع، في ظل الأزمة الراهنة التي تسبّب فيها توقف محطة التوليد منذ فترة وتوقف الخطوط المصرية بين حين وآخر".

وتابع مدير العلاقات العامة في شركة الكهرباء: "حتى لو كان التقليص 1 أو 5 في المئة، فإن آثار أي كمية في ظل هذه الأزمة ستكون كبيرة جداً وستزيد العبء والتشويش على الشبكات والجداول كافة". ودعا ثابت الأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان إلى التدخل الفوري والعاجل للضغط على إسرائيل ومنعها من تنفيذ قرار التقليص، كونه يهدد الخدمات كافة وأوجه الحياة في شكل قياسي.