منظمة التحرير الفلسطينية

أعلنت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي أن اللجنة ستعقد اجتماعا لها الخميس برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبحث عدة ملفات أبرزها المبادرة الفرنسية. وقالت عشرواي في تصريحات إذاعية إن الاجتماع سيبحث ملفات داخلية تتعلق بالمصالحة الفلسطينية، والانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، وسياسية خارجية تتعلق بالمبادرة الفرنسية. وأوضحت عشراوي، أن المبادرة الفرنسية هي "تغيير لنمطية آليات الوصول إلى تسوية سياسية بمعني الخروج من نفق المفاوضات الثنائية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بإشراف أمريكي بحيث يكون هناك مؤتمرا دوليا يضم الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا ودول عربية" . وشددت على أن الجانب الفلسطيني "بحاجة إلى هذا التغيير، ولكن طالبنا بإعطاء المبادرة مزيدا من التفاصيل فيما يتعلق بتحديد الأهداف"، مشيرة إلى أن "المرجعية يجب أن تكون على أساس القانون الدولي واتخاذ خطوات عملية من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 ضمن سقف زمني محدد". وأكدت عشراوي على أن الجانب الفلسطيني "يريد ترجمة المبادرة الفرنسية فعليا وعمليا على أرض الواقع بحيث تصبح أداة للتدخل والتغيير بشكل واضح" .

 

وقالت عشراوي، إن "غياب الجانب الأميركي عن الساحة السياسية في المنطقة أفسح المجال لدخول دور فاعل لدول أخرى خاصة أوروبية وهذا ما نريده"، متوقعة أن الإدارة الأمريكية "ستحاول ثني الجانب الفرنسي عن مثل هذه المبادرة". وأضافت المسؤولة الفلسطينية "إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية لا تريد أن تلعب دورا باستثناء دعم إسرائيل الأعمى فلابد أن يكون هناك دورا فاعلا لدول أخرى خاصة دول أوروبية".

 

وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أعلن يوم الجمعة الماضي أن بلاده ستعيد سريعا تحريك مشروعها لعقد مؤتمر دولي "لإنجاح حل الدولتين" فلسطين وإسرائيل وعلى إثرها رحبت الرئاسة الفلسطينية بالإعلان. وقال فابيوس خلال حفل التهاني بالعام الجديد للدبلوماسيين الفرنسيين إنه إذا فشلت هذه المبادرة "علينا تحمل مسئولياتنا من خلال الاعتراف بدولة فلسطين".

 

واعتبرت إسرائيل أن التلويح الفرنسي بالاعتراف بدولة فلسطين حال فشل مبادرتها، "يشكل حافزا للفلسطينيين على إفشال المفاوضات السلمية"، في وقت أعربت فيه الإدارة الأمريكية عن تحفظها إزاء الإعلان الفرنسي، وقال مسئول كبير في الإدارة الأمريكية، وفق ما نقلت عنه الإذاعة الإسرائيلية، إن واشنطن تعتقد بأن المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين هي التي ستؤدي إلى اتفاق بين الجانبين. وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في النصف الأول من عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية من دون أن تسفر عن تقدم لإنهاء النزاع المستمر بينهما منذ عدة عقود.

 

في سياق متصل قالت وزارة الخارجية إنه ومنذ إنطلاق مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، تبنت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية خيار المفاوضات كمسار إجباري للوصول إلى إتفاق حول قيام دولة فلسطينية تحظى بإعتراف دولي، هذا المسار الإجباري إلتزمت به القيادة الفلسطينية على إمتداد محطات التفاوض بأشكالها وتسمياتها وأطرها المختلفة، وفي مراحل مبكرة من حلقات التفاوض وصلت القيادة الفلسطينية إلى قناعة بأن الطرف الإسرائيلي يتبع أسلوبا قائمًا على إضاعة الوقت، والدوران في حلقات مفرغة، والتفاوض من أجل التفاوض فقط، وهو ما حذرت منه القيادة الفلسطينية مرارًا وتكرارًا، مؤكدة على أن فرص نجاح المفاوضات بهذه الطريقة معدومة، أمام عدم جدية الطرف الإسرائيلي، وأن خيار حل الدولتين آخذ بالإبتعاد في ظل الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب. وبالرغم من تحذيرات القيادة الفلسطينية واصلت الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية وغيرها تمسكها بهذا المسار الإجباري كشرط للإعتراف فيالدولة الفلسطينية.

 

وأضافت أن نتنياهو الذي يجيد لعبة " إضاعة الوقت "، والدخول في حلقات تفاوضية لا نهاية لها، والهروب المستمر من مرحلة الحسم وإتخاذ القرارات الشجاعة، استظل بموقف الدول التي تمسكت بالتفاوض كطريق للإعتراف في دولة فلسطين، واثقًا بقدرته على إفشال المفاوضات دون عقاب أو مساءلة من المجتمع الدولي، ومطمئنًا بأن الدولة الفلسطينية لن تقوم من خلال المفاوضات، ولهذا السبب صُدم نتنياهو من مضمون المبادرة الفرنسية التي دعت إلى ضرورة الإلتزام بالمفاوضات، مؤكدة بوضوح على أن فرنسا ستعترف بالدولة الفلسطينية في حال فشل مؤتمر السلام المقترح، وهذا يشكل فاتحة لإعادة توجيه المسار التفاوضي بإتجاهات جدية وملزمة، تعطي المفاوضات المضمون الحقيقي والطابع العملي الذي كانت تفتقده، ويعكس قناعة دولية بأن الطرف الإسرائيلي يتحمل المسؤولية عن إفشال جهود السلام، وأن الإفشال الإسرائيلي المتكرر لفرص نجاح المفاوضات سيقابله المجتمع الدولي بمواقف أكثر حزمًا، وبإجراءات وخطوات ملموسة من أجل إنهاء الإحتلال وقيام دولة فلسطينية. كما يكشف رد نتنياهو ومكتبه على المقترح الفرنسي أنه لم يقرأ منه سوى هذه النقطة التي تسقط الإستراتيجية التفاوضية الإسرائيلية وتفضحها، متجاهلًا الرغبة الفرنسية الصادقة لتحريك وحشد الجهد الدولي الهادف إلى تحقيق السلام والأمن والإستقرار في الشرق الأوسط.

وذكرت الوزارة مجددًا على ترحيبها بالمبادرة الفرنسية وبالجهود الفرنسية الصادقة التي تبذلها القيادة الفرنسية لإحياء عملية تفاوض جدية وحقيقية، وتدعو جميع الدول إلى دعم ومؤازرة المبادرة الفرنسية.