استخراج الغاز

أكد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الثلاثاء بالجزائر العاصمة لدى رئاسته لمجلس مصغر أن عمليات الحفر التجريبية التي تمت بعين صالح "ستنتهي في القريب العاجل" و أن "استغلال الغاز الصخري" ليس واردا في الوقت الراهن.

وأشار رئيس الجمهورية إلى أنه في حال تبين بأن استغلال هذه الموارد الوطنية الجديدة يشكل "ضرورة ملحة" لتحقيق الأمن الطاقوي لبلدنا على المدى المتوسط والطويل فإنه يتعين على الحكومة "السهر بصرامة" على "ضمان احترام" المتعاملين المعنيين للتشريع من أجل "حماية صحة المواطنين والحفاظ على البيئة".

و لإزالة "سوء الفهم والمخاوف" التي تسببت فيها "التجارب الأولية" في مجال الغاز الصخري أعطى الرئيس بوتفليقة أوامر للحكومة بهدف مباشرة "نقاش واسع و شفاف مع الكفاءات المعترف بها و إشراك المجتمع المدني و تقديم المزيد من الشروحات حول "واقع و رهانات و أبعاد الأعمال" التي باشرتها الدولة في جميع المجالات.

ويتعلق الأمر بالبحث عن وفاق وطني من خلال انتهاج مسعى منتظم عقلاني و تدريجي يرمي إلى "تمكين الجميع من فهم المعطيات المتعلقة بالمحروقات غير التقليدية التي تمثل واقعا وثروة جديدة بالنسبة لبلدنا".

ويتمثل الرهان الحقيقي في التكيف مع التحول الجذري و الدائم لأسواق النفط العالمية و الذي يقتضي الاقتصاد في الطاقة و تنويع المزج الطاقوي الذي يتعين على الجزائر اللجوء إليه في المدى المتوسط.

ويشمل الرهان أيضا الطاقات المتجددة التي تعتبر التجارب الأولى الخاصة بها في الجزائر واعدة (الطاقة الهوائية و الشمسية) و كذا الطاقات غير المتجددة (مصادر الطاقات الحفرية) التي يجب استغلالها بشكل أكثر اقتصادا و تحويلها جزئيا بفضل تطور البيتروكيمياء.

الغاز الصخري: احترام البيئة و الحفاظ على صحة السكان

يتمثل الهدف الرئيسي من هذا المسعى في الاستجابة على المدى المتوسط  والطويل للطلب الوطني على الطاقة الذي يشهد ارتفاعا مستمرا (لا سيما على الغاز حيث يوشك الطلب عليه أن يعادل ذلك المسجل في الدول المتقدمة) و من ثمة تخصيص الفائض للتصدير.

وفي سياق التحولات الجيوطاقوية الكبرى التي يحفزها أقوى المتعاملون الدوليون من شأن التطور التكنولوجي أن يغير لوحده معطيات معادلة مصادر الطاقات الحفرية و المتجددة.

وبخصوص الغاز الصخري و موازاة مع إرسالها لإشارات بتوفرها على إمكانيات هامة تبنت الجزائر منذ تعديل قانون المحروقات سنة 2013 مبدأ الاحتراز الذي يفرض على كل شركة نفطية وطنية كانت أم أجنبية السهر بصرامة على احترام البيئة و الحفاظ على صحة المواطنين.

و في هذا السياق تم استبعاد إحدى الشركات النفطية الدولية التي لم تحترم هذه الشروط من عمليات الاستكشاف و الاستغلال التجريبية التي تمت مباشرتها في السنوات الأخيرة.

ومع استباق توقع نتائج التحولات الكبرى لمصادر الطاقات الحفرية يسهر متعاملو قطاع النفط الجزائريون على متابعة التطور التكنولوجي الذي من شأنه إحداث ثورة نوعية في شروط استخراج هذه الطاقات.

في المخابر و على مستوى حقول النفط و الغاز بالولايات المتحدة الأمريكية و الصين و دول مجموعة ال7 يتم تجريب تقنيات جديدة أقل خطورة على البيئة و هو الحال بالنسبة لضخ غاز ثاني أكسيد الكربون بهدف تحفيز "ارتفاع" مستوى الغاز الصخري  وهي التقنية التي قد تسمح باستخراج الغاز الصخري دون استعمال المياه الجوفية.

و في حال ثبوت جدوى هذه التجارب على الصعيد الصناعي قد يتم استرجاع البروبان في حوض موازي و معالجته لاستعماله مجددا في غاز البروبان المميع.  

التأكيد مجددا على احترام مبدأ الاحتراز

إن التطور التكنولوجي مهما كانت درجته يقتضي آجالا تجريبية تدوم على مدى سنوات (ليس أقل من 4 إلى 5 سنوات وفق درجة التحكم في التكنولوجيا و التي هي حاليا تحت تصرف بعض الشركات النفطية الكبرى فقط).

و لمباشرة الاستغلال مهما كانت الطريقة أو التقنية المستعملة يجب المرور عبر مرحلة إنجاز منشآت معقدة و مكلفة كما أن قرار استغلال الحقول على نطاق واسع يكون دائما متبوعا بفترة زمنية تقدر ب10 إلى 15 سنة لتفعيله ناهيك عن كل المسائل الأخرى المتعلقة بالتحكم في التكنولوجيا و التقنيات و التسويق.

كما أن وجود العديد من المتعاملين المستعدين للاستثمار في إنتاج و تصدير المحروقات من الغاز الصخري جعل الجزائر "تفصح" دون أن تتخذ قرارا نهائيا عن الإمكانيات و الطاقات التي تتوفر عليها و كذا قدرتها في التحكم بالمسار بأقل تكلفة.

و تتوفر الجزائر على ميزة هامة أخرى تتمثل في مرافق النقل الهائلة التي تمتلكها بما فيها أنابيب نقل الغاز العابرة للبحر الأبيض المتوسط و التي تقربها من الأسواق الأوروبية باعتبارها الأكثر استيرادا عكس الولايات المتحدة الأمريكية ناهيك عن شبكتها للتحالفات الدولية و التعاون في كل من آسيا و أمريكا اللاتينية.

إن كل قرار يتخذ في ظل احترام مبدأ الاحتراز الذي أكده رئيس الجمهورية مجددا يأخذ بعين الاعتبار كل هذه المعايير إضافة إلى المسألة الجوهرية التي تم التطرق إليها في الاجتماع المصغر: ما العمل فيما يخص الغاز الصخري  "الواقع الجديد و الثروة التي تزخر بها الجزائر" حسب تصريح الرئيس بوتفليقة لا سيما و أن هذا التحدي الجديد يخص أراضي شاسعة من الصحراء الجزائرية التي يشهد جوارها  مع الأسف وضعية لا استقرار خطير بما في ذلك على أمن بلدنا".