تستعد وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2016، في وقت تصدرت فيه منذ فترة لعاصفة من الجدل بعد الكشف عن أنها كانت تستخدم حسابًا شخصيًا للبريد الإلكتروني عندما كانت وزيرة للخارجية.
وكشف عن ذلك عندما أصدرت لجنة التحقيق في مجلس النواب، المعنية بالتحقيق في الهجوم على القنصلية الأميركية، في بنغازي في ليبيا في 2012، مذكرة لتفقد بريدها الإلكتروني.
ويبدو أن عاصفة الجدل الأخيرة، قد تجعل من وصولها إلى أكبر منصب دبلوماسي في البلاد، لمدة أربع سنوات، حلم بعيد المنال، ويبدد ماتبقى لها من آمال للوصول إلى البيت الأبيض في عام 2016، بناءًا على تاريخها الحافل بالإنجازات السياسية.
وبدى ذلك جليًا خاصة في اجتماع الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، فكانت هيلاري كلينتون لاتزال تلعب دور السفير الدولي بجدارة، في إطار سعيها الحثيث لتعزيز تمكين المرأة أمام جمهور من النشطاء و الدبلوماسيين، ولكن الصحافيين في الردهة، كانوا يتهافتون على طرح السؤال الذي كان محط حديث مختلف الصحف ووسائل الإعلام لأكثر من الأسبوع: "ماذا حدث لرسائل بريدها الإلكتروني؟".
كانت كلينتون، قد أكدّت أنها استخدمت حسابًا شخصيًا للبريد الإلكتروني فقط "لدواعي السهولة"، وأنها قد حذفت حوالي 31830 رسالة من البريد الإلكتروني، التي كانت تعتبرها شخصية، وهو المبرر الذي أثار مزيدًا من غضب منتقديها.
وأثارت هذه الأسئلة الاستقصائية غضب كلينتون بوضوح، ليس فقط بسبب وقاحة من تجرأوا على سؤالها في أمور تتعلق بالنزاهة الشخصية، ولكن أيضًا بسبب الإستهانة القوية بلا هوادة، التي تظهرها وسائل الإعلام الحديثة، التي تفضل دائمًا السعي لمعرفة المزيد من الحقائق، خاصة في عالم السياسة.
وتكمن هنا واحدة من أكبر المشاكل التي تقف عقبة في طريق كلينتون، لخوضها غمار الإنتخابات الرئاسية في عام 2016.
وتبدو كلينتون، غير قادرة على إخفاء عدائها للذين يريدون تحديها وانتقادها، أكثر من أي وقت مضى، فبالرغم من تاريخها السياسي الحافل لسنوات، تعاونت فيه مع رؤساء ورؤساء وزراء الولايات المتحدة، إلا أن أدنى استفزاز لها من وسائل الإعلام والسياسيين، يتسبب في ردود أفعال شائكة من جانبها.
وسُئلت من قبل الكونغرس في عام 2012 بشأن طريقة تعاملها كوزيرة خارجية، مع الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي التي أسفرت عن مقتل سفير الولايات المتحدة أنذاك، وأجابت: "ماهو الفرق الذي قد يحدثه تعاملي مع المشكلة أنذاك؟"، مما أضعف موقفها.
وتكرر تسرعها في الإجابة على أسئلة شائكة، في جولتها الأدبية لتوقيع كتابها في العام الماضي، "زمن القرارات" الذي يروي السنوات التي أمضتها كوزيرة خارجية، وذلك عندما أثيرت أسئلة حول ثروتها الشخصية التي تقدر بـ 250 ألف دولار، حينها أجابت بسخرية شديدة أثارت عاصفة من الضحك: "لا أريد تذكر ذلك، فلقد خرجنا من البيت الأبيض ليس فقط مفلسين، بل متثاقلين بالديون".
على الرغم من أنها حاولت محاربة الاندفاع والتسرع في الإجابة، إلا أنها فعلت ذلك مرة أخرى هذا الأسبوع في مؤتمر صحافي لها، وحاولت أن تبدو لطيفة قدر المستطاع، ولكن سرعان ما تحولت لهجتها إلى لهجة دفاعية عنيفة عند سؤالها عن سبب حذف رسائل البريد الإلكتروني الشخصية، قبل أن يتم مراجعتها.
وتعتبر ردود أفعال كلينتون مفهومة بشكل جزئي، كقامة سياسية تحملت بقدر المستطاع كثير من الإنتقادات على مر السنوات الماضية، وفي استخدام البريد الإلكتروني الشخصي، قالت إنها لم تفعل شيئًا، لم يفعله وزراء الخارجية السابقين مثل مادلين أولبرايت، وكولن باول وكونداليزا رايس، ولكن لم يتهمهم أحد بالتكتيم والتستر، مطالبة الجمهور بوضع الثقة فيها، كما وضعوها في هؤلاء الوزراء.
وتكمن المشكلة الثانية، لهيلاري كلينتون، إذ من الواضح، أن العديد من الأميركيين لا يثقون بما يكفي في كلينتون، خاصة وأن الكثير منهم من الجمهوريين، ولكن المتشككين في سياسة كلينتون يشملون الكثير من ممثلي "وسائل الإعلام الليبرالية"، الذين اتهمهم الجمهوريون بأنهم سهّلوا من مهمة الرئيس الأميركي باراك أوباما في السنوات الست الأخيرة.
أرسل تعليقك