كيب تاون - جاد منصور
تعد النائبة العامة في جنوب أفريقيا تولي مادونسيلا، واحدة من أكثر الشخصيات المحبوبة في البلاد. وكان تم تعيين مادونسيلا في منصبها في عام 2009، ولكن خلال الاسابيع المقبلة تنتهي فترتها غير القابلة للتجديد، ومن المقرر أن يختار برلمان جنوب أفريقيا من يحلَّ محلها الأسبوع المقبل.
وكانت جلسات استماع البرلمان قد حظيت بتغطية كبيرة حيث أن هناك جدلاً حول خليفة مادونسيلا. "من سيحمينا؟" كان هذا عنوان صحيفة "صنداي تايمز". ومنصب النائب العام قد تم استحداثه في نهاية عهد الفصل العنصري بواسطة الدستور الجديد للبلاد. ويملك النائب العام صلاحيات واسعة لمحاسبة السياسيين والمسؤولين وغيرهم نيابة عن الضعفاء، الفقراء، الجهلة أو الغاضبين.
وقال محللون سياسيون في جنوب أفريقيا إن تعيين نائب عام جديد سيكون واحداً من أهم قرارات البرلمان. "ولأن المخاطر في الواقع كبيرة، يجب أن تكون الأهمية للشخص الذي يشغل المنصب وليس المنصب نفسه"، قال الخبير في معهد دراسات الأمن في بريتوريا، غاريث إيفانز.
ووصفت الباحثة القانونية، بينيلوبي أندروز منصب النائب العام بأنه "مقياس الدولة الديمقراطية الدستورية في جنوب أفريقيا". وكانت لائحة المرشحين الطويلة قد ضمت نائب مادونسيلا، واثنين من قضاة المحكمة العليا، محامي يبلغ من العمر 77 عاماً، ولاعب كمال الاجسام هاوي وناشط. والآن تم تقليص عدد المرشحين الى خمسة.
ووصفت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" مادونسيلا بأنها نيلسون مانديلا الجديد، مطالبينها بالترشح للرئاسة. وكان ابرز تحقيق قامت به مادونسيلا هو تحقيقها حول انفاق الرئيس جاكوب زوما لأموال الدولة لتجديد منزله. وعلى الرغم من الضغط الهائل من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم والحكومة، اعلنت مادونسيلا أن الأموال العامة قد أسيء استخدامها وقامت بقراءة تقريرها كاملاً في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون. هذا التحقيق اثار أزمة دستورية، ولكنها في النهاية فازت بمعركتها وتم الزام زوما برد الأموال.
وتعرضت مادونسيلا بعد هذا التحقيق لسوء معاملة واتهمها مسؤول في حزب المؤتمر الوطني الافريقي بأنها جاسوسة أميركية، بالاضافة الى تلقيها تهديدات بالقتل. نشأت مادونسيلا في منزل صغير من دون ماء أو كهرباء في ضاحية في جوهانسبرغ خلال أصعب فترات الفصل العنصري في جنوب افريقيا، وكانت تنام على أرضية المطبخ الصغير مع ستة أشقاء.
نجحت مادونسيلا في الحصول على منحة لتمويل دراستها للقانون في جامعة كبرى، وفي عام 1994 رفضت منحة دراسية في جامعة هارفارد من أجل المساعدة في مشروع دستور جنوب أفريقيا الجديد والذي حاز على إعجاب العالم لمبادئه الليبرالية. عملت مادونسيلا بعد ذلك في وزارة العدل قبل أن تقوم بإنشاء شركتها القانونية الخاصة المتخصصة في مجال حقوق الإنسان والقانون الدستوري.
وتتطلع مادونسيلا بعد تركها منصبها إلى حياة أكثر هدوءاً، حيث قالت: "سوف أستغل اوقات فراغي في الكتابة والدراسة، كما انني سأعود الى عملي القانوني بالاضافة لكوني ناشطة في المجتمع المدني للدفاع عن الدستورية وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية".
أرسل تعليقك