ذكرى حرب السويس
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

ذكرى حرب السويس

 فلسطين اليوم -

ذكرى حرب السويس

بقلم : مصطفي الفقي

فى مثل هذه الأيام، منذ واحد وستين عامًا، وقف «جمال عبدالناصر» ليعلن من فوق منبر «الأزهر الشريف» أننا سنقاتل ولن نستسلم، وكان ذلك ردًا على مؤامرة السويس التى تمثلت فى إنزال قوات بريطانية وفرنسية فى «بورسعيد» مع زحف إسرائيلى فى «شبه جزيرة سيناء»، ولعل التاريخ يذكر جيدًا أن «حرب السويس» كانت واحدة من أكثر الأحداث تأثيرًا فى مجريات الأمور، فهى الحرب التى يجرى التوقيت بها، فيقال ما قبل حرب السويس وما بعدها، لأنها كانت نقطة فاصلة فى استراتيجيات المنطقة وأهمية دولها والأوضاع القادمة إليها، إنها الحرب التى جرى فيها التآمر البريطانى الفرنسى الإسرائيلى، كلٌّ لأسبابه ودوافعه، وذلك ردًا على تأميم «مصر» لـ«قناة السويس» قبل ثلاثة عشر عامًا من انتهاء اتفاق الامتياز الخاص بتلك الشركة، كما أن كل دولة كانت لها أجندة مختلفة، فرئيس وزراء بريطانيا «أنطونى إيدن» كان يضمر كراهية عميقة لـ«عبدالناصر» وثورته و«مصر» ونظامها الجديد، خصوصًا أن قوات بلاده كانت قد غادرت «مصر» قبل ذلك بشهور قليلة وفقًا لاتفاقية الجلاء بين «مصر» و«بريطانيا»، أما «جى مولييه» رئيس وزراء فرنسا فقد كانت لبلاده أسباب أخرى، فى مقدمتها دعم «القاهرة» لـ«الثورة الجزائرية» فضلًا عن العلاقات (الفرنسية- الإسرائيلية) التى كانت متنامية فى ذلك الوقت على المستويين التكنولوجى والعسكرى، خصوصًا أن «فرنسا» هى راعية المشروع النووى الإسرائيلى فى بدايته، كما أن «فرنسا» كانت الدولة الراعية لمشروع حفر القناة منذ أيام «ديليسبس»، وبالتالى فقد كان تأميم الشركة بمثابة لطمة على وجه تلك الفترة من الدور الفرنسى فى المنطقة، أما «إسرائيل» فقد كان لها عشرات الأسباب فى أن تلحق بالمؤامرة وأن تمضى مع المتآمرين، فقد كان الشعور بالقلق فى «تل أبيب» شديدًا تجاه الضابط الثائر الشاب البكباشى «جمال عبدالناصر»، إذ إن ذلك الكولونيل المصرى كان يتوعد المد الأجنبى فى المنطقة ويناهض بضراوة الوجود الصهيونى فيها، فكان من الطبيعى أن تتحمس «إسرائيل» لتوجيه ضربة له ولنظامه، وهكذا التقت إرادة الدول الثلاث على هدف خسيس واحد، وربطتها مؤامرة تعتبر واحدة من أشد المؤامرات انحطاطًا فى التاريخ الحديث، ولقد واجهت «مصر»- ومعها دعم سوفيتى حينذاك وحماس دولى أيضًا- تلك المؤامرة، وتمكنت من تحويل الهزيمة العسكرية إلى انتصار سياسى، ولقد انطلقت شعبية «عبدالناصر» من «حرب السويس» والظروف المحيطة بـ«العدوان الثلاثى» إلى جانب الحماس القومى الذى شد الملايين نحو «القاهرة» تأييدًا لـ«عبدالناصر» ودعمًا لرفاقه، وأتذكر الآن عندما دعتنى «كلية الدراسات الشرقية والأفريقية» فى «جامعة لندن»، حيث حصلت على الدكتوراه منها عام 1977 لإلقاء محاضرة تتضمن ملاحظات جديدة حول الشخصيات المطروحة على الساحة مع اهتمام خاص بـ«حرب السويس» ونتائجها الدولية والإقليمية وتأثيرها على مسار العلاقات الدولية المعاصرة، وقد كان من بين الحضور وزراء ومسؤولون كبار وأكاديميون ورجال إعلام من «بريطانيا» ودول «الشرق الأوسط»، وكان من بينهم وزير خارجية «مصر» الراحل «أحمد ماهر السيد»، وعندما دعيت لإلقاء كلمتى فى الكلية التى تخرجت فيها أمام حشد متميز فى ذكرى مضى نصف قرن على «حرب السويس»، طالبت صراحة باعتذار رسمى من الحكومة البريطانية عن جريمة تلك الحرب، بل أضفت إليها ما جرى قبل ذلك بمائة عام أخرى، وأعنى بها مأساة «دنشواى»، وكان ذلك فى غمار موجة اعتذارات دولية عن جرائم تاريخية وفقًا لـ«الفلسفة اليابانية» فى تقديم الاعتذار إذا ما اقتضى الأمر، خصوصًا أن «إيطاليا» كانت قد اعتذرت لـ«القذافى» عن جريمة إعدام «عمر المختار» والمعاملة الوحشية ضد قيادات الحركة الوطنية الليبية، ولقد جرى تسجيل جلسات تلك الندوة التاريخية متضمنة كلمتى التى أشرت إليها بما تضمنته من انتقادات حادة للسياسات الاستعمارية التى دفعنا ثمنًا غاليًا لها، وها نحن نعيد التذكير بها فى ذكرى العدوان الثلاثى عام 1956.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكرى حرب السويس ذكرى حرب السويس



GMT 04:12 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

أنبياء "أورشليم"

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,08 آب / أغسطس

بناء الإنسان.. المصريون نموذجًا!

GMT 03:51 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

جوائز الدولة

GMT 06:21 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

رحيل جيل

GMT 12:40 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

الحرية والإبداع

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday