رحيل جيل
آخر تحديث GMT 06:05:23
 فلسطين اليوم -

رحيل جيل

 فلسطين اليوم -

رحيل جيل

بقلم : مصطفي الفقي

جيل يلملم أوراقه ويمضى إلى حيث لا يعود الناس، إن فلسفة الكون تفوق قدراتنا على الفهم ورؤيتنا عند التفكير، والمتأمل هذه الحياة لابد أن يهرع إلى حظيرة الإيمان مهما عظم قدره وزاد علمه وامتدت به الأيام، فلقد ودعتُ مؤخرًا اثنين من أقرب أصدقائى، أولهما الدبلوماسى المخضرم الذى عمل سفيرًا لـ«مصر» فى الهند والمغرب وبريطانيا، وأعنى به الراحل «عادل الجزار»، والآخر واحد من ألمع الاقتصاديين المصريين وهو أستاذ جامعى مرموق حرمته ظروف «مصر» من أن يتبوأ موقعًا يستحقه، فهجر البلاد والعباد إلى دولة «الكويت»، ولكنه ظل ملء السمع والبصر وأعنى به أ. د. «عمرو محيى الدين» الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة «القاهرة»، والشقيق الأصغر للمناضل المصرى الكبير «خالد محيى الدين» أطال الله فى عمره، ويهمنى هنا أن أطرح ما يلى حول هاتين الشخصيتين:

أولًا: إن «عادل الجزار» سليل عائلة عريقة من محافظة «المنوفية»، وعندما اجتاز اختبارات الخارجية وعين ملحقًا دبلوماسيًا جرى تجميده لعدة سنوات واستبقاؤه فى الديوان العام بقرار من لجنة تصفية الإقطاع، وانضممت إليه عام 1966 ملحقًا دبلوماسيًا فى إدارة «غرب أوروبا» التى كان يترأسها السفير الراحل «جمال منصور»، وهو من الضباط الأحرار وآباء الدبلوماسية المصرية، وقد خدم سفيرًا ورئيس بعثة فى سبع دول، وكان «عادل الجزار» فى ذلك الوقت شابًا مهذبًا أخرج معه كل يوم من المكتب ونتجه إلى منزله على شاطئ النيل بالقرب من وزارة الخارجية حيث توثقت علاقتنا بشدة ووجدت فيه دماثة الخلق وهدوء الأعصاب ورقى الشخصية، إلى أن أفرجت عنه الوزارة وجرى نقله إلى سفارتنا فى «أوتاوا» بـ«كندا»، وأتذكر أنه مرّ علىّ وقتها فى سفارتنا بـ«لندن» واستضفته فى منزلى ليلتين لم ننم طوالهما من الأحاديث والتعليقات، وعندما كان يتجه معى إلى مكتبى فى السفارة قابله السفير «محمود سمير أحمد»، وكان الرجل الثانى فى السفارة المصرية، فقال له: إلى أين أنت منقول يا «عادل»؟ فقال له: إلى «كندا»، فرد عليه تلقائيًا: لقد أخذت (صدر الديك)! ومضينا أنا و«عادل الجزار» نتندر بهذه العبارة، إذ كيف يستكثر البعض على شاب دبلوماسى أن يذهب إلى «كندا» بعد ثمانى سنوات من الاحتجاز فى الديوان العام لأسباب تتصل بعائلته ومكانتها فى «ريف مصر» ولا تتصل أبدًا بكفاءته وعمله الدبلوماسى فى وزارة الخارجية! وقد أدرك الجميع دائمًا أن «عادل الجزار» كان هو والسيدة قرينته من أكثر الأسر الدبلوماسية كرمًا وحسن ضيافة.

ثانيًا: لا أنسى للدكتور «عمرو محيى الدين» موقفه المشرف معى بعد حصولى على الدكتوراه وعودتى إلى «مصر» عام 1977، حيث أصر فى استماتة وحماسة على تعيينى مدرسًا فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وسعى مع الراحل د. «محمود خيرى عيسى»- عميد الكلية حينذاك- للحصول على الدرجة من الجامعة، ولكنى خذلتهما، فبعد أن تم كل شىء تقريبًا جرت ترقيتى إلى درجة سكرتير أول فآثرت البقاء فى الخارجية، خصوصًا أن أستاذى الدكتور «بطرس غالى» قال لى أيامها: إنك فى الخارجية تستطيع أن تواصل العملين الدبلوماسى والأكاديمى، أما فى الجامعة فإنك تقف على أرضية أكاديمية فقط، وأنا أنصحك بألا تترك الخارجية، خصوصًا أننى جئتها- يقصد ذاته- وزيرًا للدولة للشؤون الخارجية منذ أسابيع فقط، وأريد أن يكون حولى فى الخارجية تلاميذى السابقون فى الجامعة، بل تفضل وعرض علىّ- من خلال أستاذى د. «عبدالملك عودة»- أن أكون مديرًا لمكتبه، ولكننى قلت له إن مدير مكتب الوزير يكون سفيرًا وليس مجرد سكرتير أول، وتعاونت معه أنا وزميلى د. «محمود مرتضى» فى إعداد «الكتب البيضاء» الشهيرة التى بدأناها معه فى ذلك العام، وقد ظلت علاقتى بالدكتور «عمرو محيى الدين» علاقة وثيقة، أحترم علمه الغزير وثقافته الواسعة ورؤيته البعيدة وذكاءه الحاد، فضلًا عن عزوفه عن المناصب عندما اكتشف أنها تبتعد عنه، فهجرها بعيدًا وآثر العمل الأكاديمى من خلال أنشطة الصناديق العربية بعيدًا عن صراعات «القاهرة» وشائعات أهلها التى كانت ترميه بالتهم اليسارية وتحجب عنه ما يستحق. رحم الله الفارسين الراحلين، وعوض وطنهما وجيلهما خيرًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل جيل رحيل جيل



GMT 04:12 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

أنبياء "أورشليم"

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,08 آب / أغسطس

بناء الإنسان.. المصريون نموذجًا!

GMT 03:51 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

جوائز الدولة

GMT 12:40 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

الحرية والإبداع

GMT 05:39 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد النظم وتحديث الدول

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday