لماذا هناك ميل ورغبة داخل الرأى العام المصرى فى تصديق الأخبار السيئة بصرف النظر عن كونها صحيحة أو كاذبة؟
لماذا هناك استعداد نفسى وقبول تلقائى لتصديق كل ما هو سيئ حول الغير؟
نصدق أن سعد زغلول باشا كان يلعب القمار، وأن الإمام محمد عبده كان منضماً لتنظيم ماسونى، وأن حسن البنا كان عميلاً للسفارة البريطانية وأن الملك فاروق كان يعيش من أجل ملذاته الشخصية ومغامراته النسائية!
وصدقنا أن أم عبدالناصر يهودية، وأن أنور السادات كان عميلاً للمخابرات الألمانية، وأن حرب أكتوبر 1973 تم إبلاغ موعدها للإسرائيليين قبيل حدوثها.
وصدقنا أن اغتيال أنور السادات كان من أعوانه، وأن حسنى مبارك أمر بقتل المتظاهرين ولديه ثروة شخصية تبلغ الـ70 مليار دولار!
ومنذ ثورة 25 يناير 2011 ونحن لدينا قابلية مذهلة لتصديق وترديد أى معلومة سلبية حول أى إنسان كائناً من كان.
بهذا المنطق أصبح الجميع خونة ولصوصاً وعملاء وفاسدين ويتاجرون فى مصالح الوطن!
بهذا المنطق كلنا أشرار، وليس فينا أخيار.
بهذا المنطق لا يمكن أن يكون هناك رمز للطهارة أو النقاء، ولا يمكن أن تولد ظاهرة البطل داخل المجتمع المصرى.
بهذا المنطق لا يمكن أن يولد بداخلنا نموذج المثل الأعلى الذى يمكن أن نرى فيه مستقبل الوطن والأمل فى الإنقاذ.
إنه مرض نفسى اجتماعى لحالة من الإحباط العام وعدم الثقة فى الذات.
أصبحنا لا نحسن الظن فى بعضنا البعض ولا نقبل الأعذار أو نقدر الظروف الصعبة التى يواجهها صانع القرار.
أصبحنا ننتظر الخطأ على أحر من الجمر وأصبحنا نرفض قبول الإنجاز!
هذا كله يطرح السؤال الكبير المخيف الذى نضعه أمام كبار أساتذة علم الاجتماع السياسى: هل نحن مرضى إلى حد أصبحنا فيه نعيش حالة من الشعور بالعدم والعبث وعدم قبول النجاح؟
انظر حولك وتأمل كم حالة نجاح أحرزناها خلال شهر مضى؟
خلال هذا الشهر ضربنا التكفيريين فى ليبيا وأقمنا المؤتمر الاقتصادى وأصلحنا العلاقات مع السودان وإثيوبيا وعقدنا قمة عربية ناجحة!
هل نحن بحاجة إلى علاج جماعى؟