بقلم عماد الدين أديب
انشغل البعض طويلاً فى الحديث والمناقشة حول هوية النظام السياسى، الذى سوف يتبعه الرئيس عبدالفتاح السيسى عقب ثورة 30 يونيو عام 2013.
وفى مؤتمر الشباب، كرر الرئيس السيسى بما لا يدع مجالاً للشك: «إننا نريد لمصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة».
هذا المثلث: المدنية - الديمقراطية - الحديثة.. هو الهدف النهائى لأقوال وأفعال الرجل منذ أن دفعت به الأحداث إلى سدة الحكم.
هذا الهدف النبيل أمامه 3 تحديات رئيسية:
1- تحدى الموروث القديم لإخفاق مشروع 23 يوليو والذى مر عليه 65 عاماً.
2- تحدى الهزات الزلزالية التى تعرض لها مشروع الدولة منذ 2011 حتى 30 يونيو مما كاد يطيح بمشروع الدولة الوطنية فى ظل مخاطر أمنية من الداخل مدعومة إقليمياً.
3- أما التحدى الثالث الأخطر، فهو الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد المصرى التى تهدد بشكل يومى الأمن الاجتماعى والاستقرار للبلاد وللعباد على حد سواء.
ولعل الرئيس السيسى كان محدداً حينما أكد أن أكبر المخاطر التى تهدد مصر الآن هى الإرهاب وزيادة السكان.
وفى رأيى أن زيادة السكان أكثر خطراً فى آثارها من الإرهاب وأعقد وأشد صعوبة فى التعامل معها.
إن زيادة السكان الهائلة تؤدى بشكل ممنهج إلى تآكل موارد الدولة وإضعاف قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية وتوفير الرعاية الاجتماعية للملايين من غير القادرين والمهمشين.
وزيادة السكان فى مصر مسألة معقدة، فهى مزيج تتداخل فيه ملفات التعليم والثقافة والوعى الدينى والإعلام والبطالة واستخدام الأطفال كعمالة رخيصة.
سكان مصر يزيدون مليوناً ومائة ألف نسمة -على الأقل- كل عام مما يشكل ضغطاً هائلاً على اقتصاد مأزوم وموارد محدودة وفاتورة رعاية اجتماعية ودعم غذائى لقرابة 95 مليون نسمة.
هذا كله يضع مشروع الدولة المدنية - الديمقراطية- الحديثة أمام معوقات هائلة تسعى لكى توجه إليه ضربة هائلة وقاضية.
ويبدو أن معضلة مصر التاريخية منذ عهد محمد على باشا حينما أسس دولته الحديثة كانت وما زالت وستظل لفترة هى الصراع بين الحلم والواقع والمساحة الفارقة بين الرغبة والقدرة!