عماد الدين أديب
شاهدت تقريراً مصوَّراً فى قناة «الحرة» الأمريكية عن انقطاع المياه فى منطقة حى فيصل بالهرم أصابنى بحزن شديد واكتئاب عظيم.
جاء فى التقرير المصوَّر أن المياه منقطعة عن حى فيصل لمدة خمسة أشهر متتالية، وأنها تصبح متاحة لمدة ساعة واحدة فى اليوم على أقصى تقدير.
وجاء أيضاً فى التقرير، على لسان السكان، أنهم أصبحوا يشترون المياه من السوق السوداء، وأن ماكينات رفع المياه لم تعُد ذات فائدة للضخ.
وقال صاحب «قهوة» إنه يستورد المياه من مناطق أخرى، واشتكى «مكوجى» بأنه غير قادر على أداء وظيفته بسبب المياه، أما سيدات البيوت فقد وصلت بهن الحالة إلى أنهن وصفن حياتهن بأنها تحولت إلى جحيم.
وجاء فى نهاية التقرير أن متحدثاً باسم مصلحة المياه فى المنطقة قال إن سبب المشكلة هو انخفاض منسوب المياه فى المنطقة، مما جعل وصولها إلى المواسير والخزانات شبه مستحيل.
هنا تأتى المعضلة، ويأتى السؤال المذهل: كيف يمكن أن تحدث هذه الأزمة ومياه نهر النيل العظيم على بُعد خمسة كيلومترات من حى فيصل ومحافظة الجيزة؟
كيف يمكن أن تعطش مصر وفيها النيل؟
وكيف يمكن أن تقل المياه وهناك السد العالى؟
كيف يمكن أن يسكت الحكم المحلى والمحافظة وتسكت الحكومة على انقطاع المياه عن مواطنين أكثر من خمسة أشهر؟
لا تحدثنى عن ديمقراطية، ولا تحدثنى عن دستور، ولا تحدثنى عن تنمية، ولا تحدثنى عن إنجازات طالما أن هناك مواطناً يسعى للحصول على كوب ماء فى دولة من أكبر الدول المائية فى العالم؟
لقد قام سكان «فيصل» بالشكوى كتابة وشفهياً وإعلامياً ولم تتم الاستجابة.
وقام سكان «فيصل» بقطع الطريق العام من أجل إظهار احتجاجهم على تجاهل أجهزة الدولة لمشكلاتهم ولم يحدث شىء.
بالطبع لم ينتبه البعض إلى أن هذه المنطقة، بدءاً من «فيصل» إلى «العمرانية» إلى القرى والأطراف المحيطة بها هى من أكثر مناطق التطرف والعنف الدينى.
بالطبع أيضاً لم ينتبه البعض إلى أن معظم السكان الذين لا ينتمون لجماعات متطرفة يتحولون إلى بيئة حاضنة للاحتجاجات حينما تسوء أوضاعهم المعيشية.
كوب ماء قد يؤدى إلى استقرار وعدم وجوده قد يؤدى إلى فوضى.