عماد الدين أديب
أدعو نفسى وأدعو الجميع للتدقيق الشديد فى اختيار المصطلحات السياسية المستخدمة فى حواراتنا هذه الأيام.
اللغة هى أمر بالغ الأهمية فى التحليل السياسى العلمى، لأنها تحدد المفاهيم والدلالات للأشياء.
لذلك حينما نرفع شعار: القضاء على الإرهاب، أو القضاء على الفقر أو القضاء على البطالة نهائياً، فإننا فى حقيقة الأمر نحمل أنفسنا ما لا نطيق وما لا نقدر عليه بسبب استحالة المنطقية فى القضاء المبرم على مثل هذه الأمور.
وزير الخارجية الأمريكى، وهو وزير خارجية أكبر وأقوى دولة فى العالم لا يستخدم مصطلح القضاء على التوتر، ولكنه يتحدث عن تخفيض التوتر.
رئيس الوزراء البريطانى، ديفيد كاميرون يتحدث عن مكافحة الإرهاب لكنه لم يعد المواطنين البريطانيين، ولم يعد قاعدته الانتخابية بالقضاء عليه.
وما أثيره اليوم ليس مجرد مسألة فلسفة أو تنظير، لكنه موضوع عملى للغاية، لأنك حينما تحدد هدفاً فلا بد أن تكون لديك القدرة على تحقيقه، لكن حينما تتحدث مع الغير عن سقف عالٍ من الوعود والأهداف، فإنك تدخل منطقة الخطر حينما تعجز عن تنفيذه أو الوفاء بالوعود التى تطلقها.
تعالوا نرَ كيف تصرف أحد أهم سياسيى العصر السير ونستون تشرشل حينما واجه أهم تحدٍّ فى حياة بريطانيا فى زمن مواجهة النازية.
لم يعد تشرشل شعبه بالقضاء على هتلر، ولا بالفوز المؤكد فى الحرب، لكنه قال عبارته الشهيرة: «لا يوجد لدىّ من الوعود سوى أن أعدكم بالدم والعرق والدموع».
وانتصر تشرشل، وانهزم هتلر الذى وعد شعبه بإدارة شعوب العالم كله بالقوة تحت علم المشروع النازى.
لا بد من مخاطبة الناس بشكل واقعى يعد بالأمل والحلم القابل للتحقيق فى المدى الزمنى الذى يتناسب مع القدرات والمعطيات الواقعية.
حلمنا بأن نتناول عام 1967 الإفطار فى تل أبيب والذى حدث أن ضاعت القدس وتم احتلال أراضى 4 دول عربية.
تحدث صدام حسين عن قصم إسرائيل نصفين وانتهى به المطاف فى حفرة.
لذلك استخدموا عبارات قابلة للتحقيق.