من بغداد إلى بيروت جذوة الربيع العربي لم تنطفئ
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

من بغداد إلى بيروت... جذوة الربيع العربي لم تنطفئ

 فلسطين اليوم -

من بغداد إلى بيروت جذوة الربيع العربي لم تنطفئ

عريب الرنتاوي

قد تنجح الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في كل المدن العراقية واللبنانية في تحقيق مراميها، وقد لا تنجح، لكن الدرس البليغ الأبرز الذي يمكن تعلمه من تجربة البلدين هو أن جذوة الربيع العربي لم تنطفئ بعد، وأن جمر البوعزيزي ما زال متّقداً تحت الرماد، وأن الخيبات والهزائم وعودة الديكتاتوريات والأنظمة السلطوية والدول العميقة، لن تفتّ في عضد الشعوب العربية التي غادرت مربعات الخوف والاستكانة، ولن تعود إليها.
وعلى الذين أوغلوا في هجاء الربيع العربي، وسارعوا إلى نعيه واستصدار شهادات وفاته، أن يراجعوا مواقفهم وتقديراتهم الموغلة بالشماتة والتشاؤم، وكذا الحال بالنسبة للذين عاودوا مزاولة هواياتهم القديمة بالنوم على حرير أوهامهم وفائض اطمئنانهم ... فما يحدث في شوارع بيروت وبغداد، قابل للتكرار في مدن أخرى ودول أخرى... بصرف النظر عن اختلاف الظرف والشرط والسياق.
هي انتفاضة شعبية عفوية، بلا قيادة أو تنظيم، شأنها في ذلك شأن مختلف ثورات الربيع العربي، اندلعت ضد الطوائفية وأمراء الحروب والمذاهب وشيوخ الطرق وعائلات الاقطاع السياسي، لتعيد الاعتبار لمفهوم دولة المواطنة المدنية الديمقراطية، بعيداً عن المحاصصة والكوتات، وتقاسم السلطة والثورة بين فئة محدودة من المتنفذين، وهي إعلان صريح وبصوت مدوٍ، بأن الطائفة والمذهب، ليسا بديلاً عن الدولة، وأن المواطنة ستظل منقوصة، طالما ظلت متبوعة بلون ديني أو مذهبي معين، وأنها قد تكون بقرة حلوب للمتنفذين وحدهم، وعلى حساب الأغلبية الكاسحة من أبناء الطائفة وبناتها، الذين يعتصرهم شظف العيش وشح الموارد ونقص الخدمات.
في العراق، انطلقت الانتفاضة ضد اللصوص والسرّاق وإمراء الطوائف والمذاهب والحروب، من داخل بيتهم وبيئتهم، خرجت الألوف المؤلفة إلى الشوارع في صيف بغداد القائظ، غير آبهة أو لاوية على أحد أو شيء، يريدون الماء والكهرباء في بلد أنفق مئات مليارات الدولارات هدراً، إن لفساد في الإدارة أو في نفوس وضمائر القائمين عليها.
وفي لبنان، خرج ألوف الشبان والصبايا من كل الطوائف، وضد الطائفية التي عجزت عن رفع أكداس القمامة من الشوارع والأزقة، وأدخلت البلاد والعباد في نفق لا ضوء في نهايته، عنوانه نقص الخدمات والثمرات... كل واحد من المتظاهرين كان يعرف تمام المعرفة، أن جيوب أمراء الحرب والطوائف قد انتفخت بأكثر مما ينبغي، بالمال المُحصّل باسم المذهب والطائفة والقبيلة، أما هم، فليس لهم سوى شظف العيش ونقص الخدمات والمضي في رحلة البحث عن مهاجر بعيدة وقريبة.
في العراق، تتربع عوائل الاقطاع السياسي السني والشيعي والكردي على رأس هرم السلطة والثورة، وكل زعيم من هؤلاء في حزبه وجماعته وبين أتباعه، مشروع ديكتاتور، لا يقبل بأقل من “الولاية المفتوحة”، ولأنجاله من بعده... وفي لبنان، تتوارث البيوتات السياسية المناصب والمواقع والثروات، كابراً عن كابر ... هذا أمين الجميل الذي ورث الزعامة عن جده وأبيه وشقيقه، يورثها إلى نجله سامي، وتيمور ينتظر تنحي وليد بيك، لتسلم راية طائفة الموحدين من بني معروف التي رفعها “أبو وليد” ... وطوني سليمان، ابن طوني سليمان فرنجية، يستعد لاستلام موقعه ومعقده، فيما راية التيار الوطني الحر، تنعقد بعد ميشيل عون إلى صهره بعد أن انسحب زوج ابنته من المنافسة، أما عن الحريرية السياسية فحدث ولا حرج، وكذا الحال بالنسبة لبقية البيوتات السياسية من مختلف الطوائف والمذاهب والأقوام، فماذا عن بقية اللبنانيين، أو بالأحرى كل اللبنانيين المتروكين للهجرة وانسداد الآفاق ونقص الخدمات وتآكل الأجور وارتفاع قمم جبال النفايات؟
هو الإحساس بالتهمش وانسداد الأفق وانعدام الجدوى، ما يحرك المعذبون في أوطانهم، للثورة والانتفاض، ولقد فعلها العراقيون واللبنانيون من قبل، وها هم يفعلونها ثانيةً الآن، تآسياً بما أقدم عليه أشقاء لهم في مصر وتونس وليبيا واليمن... والأرجح أن استلهامهم لشعارات الميادين في زمن الربيع العربي، إنما ينهض كدلالة على أن ذاك الربيع ما زال مورقاً ومزهراً.
قد لا تنتهي هذه الاحتجاجات بما يريده المنتفضون وتشتهيه أشرعة سفنهم، وقد ينجح أمراء الطوائف في احتوائهم أو الانقضاض عليهم أو تفريغ احتجاجاتهم من مضامينها، لكن الأمر الذي لا جدال فيه ولا مراء، هو “أن الشارع العربي” ما زال لاعباً مهماً، يجب أن يُحسب له ألف حساب، حتى وهو في ذروة السكون والسكينة والاستكانة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من بغداد إلى بيروت جذوة الربيع العربي لم تنطفئ من بغداد إلى بيروت جذوة الربيع العربي لم تنطفئ



GMT 07:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:34 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:20 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 07:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 07:04 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday