لماذا ينجح الأكراد و يخفق العـرب سـوريـا نـموذجــاً
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

لماذا ينجح الأكراد و يخفق العـرب.. سـوريـا نـموذجــاً

 فلسطين اليوم -

لماذا ينجح الأكراد و يخفق العـرب سـوريـا نـموذجــاً

عريب الرنتاوي

أول هزائم داعش كانت في عين العرب / كوباني، المدينة السورية ذات الغالبية الكردية، وعلى يد وحدات الحماية الشعبية ... وآخر هزائمها تتجسد في هذه اللحظات في محيط تل أبيض وجوارها، حيث تلحق الوحدات الكردية، أفدح الخسائر في التنظيم الذي نجح في إلحاق نكسات وهزائم بعدة جيوش عربية جرارة... داعش لم تندحر حتى الآن، عن أي مدينة سورية احتلتها، ذات غالبية عربية سنيّة، الأمر الذي يتكشف عن مفارقة ويطرح سؤالاً عن الأسباب. الجواب المباشر يأتيك مباشرة من قنوات الفتنة والتحريض: لولا الدعم الأمريكي لما نجح الأكراد ولسقطت كوباني ... دعم واشنطن ودول التحالف كان من دون شك، حيوياً في تمكين الأكراد من الصمود والثبات، توطئةً لطرد داعش من المنطقة برمتها، وتكبيدها خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات والعتاد ... ضغوط واشنطن على أنقرة، سمحت للأكراد بالحصول على ما يبتغون من أسلحة ثقيلة، وفرتها لها قوات البيشمركة في إقليم كردستان، مروراً بالأراضي التركية ... لكن قصة نجاح الأكراد، لا تعود للعامل الخارجي فحسب، فهناك عوامل جوهرية وراء هذا النجاح، لا تقل أهمية، بل وأكثر أهمية من حكاية الدعم الخارجي. من أهم هذه العوامل، أن الأكراد حملة مشاعل “قضية وطنية” تندرج في سياقات الحقوق القومية وتقرير المصير ... وهي قضية جمعية جامعة، تأتي بالكردي العلماني والمسلم، السني و الشيعي، إلى الخندق ذاته ... ولأنها كذلك، فقد كانت كافية لبعث روح كفاحية عند الأكراد، ليست متوفرة لدى أقرانهم من العرب ... وربما لهذا السبب بالذات، رأيناهم يقفون صفاً واحداً في مواجهة التهديد الذي يطاولهم جميعاً، مع أننا نعرف تمام المعرفة أن “واقع حالهم” يجسد الآية الكريمة “تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى”. من حسن طالع الأكراد، أن القوى الرئيسة التي تشكل العمود الفقري للحركة الوطنية الكردية، تنتمي لمدارس سياسية مدينة وعلمانية ووطنية في الغالب، لديها القدرة على تحسس مواطن الحذر والتحفظ لدى المجتمع الدولي، وتمتلك مهارة تقديم نفسها بوصفها حاملة مشروع حضاري، يقف بصلابة ضد الاستبداد والإرهاب ... وهذا ما لا يتوفر لكثيرين من العرب، الذين انساقوا وراء خطاب أصولي وسلفي وديني تفتيتي وليس جامعاً، يحفل بالمفردات والدلالات المثيرة لمخاوف الغرب وحذره. والحقيقة أن قصة نجاح الأكراد، تتخطى ميادين القتال وجبهاته، إلى تحصين مناطقهم وأماكن انتشارهم، فقد أجروا انتخابات، وشكلوا برلمانهم ومجالسهم المحلية وإدارتهم المدنية بطرق “شرعية” تماماً، وبمشاركة نسبة وازنة من أصحاب الحق في الاقتراع ... ولقد أتيح لكاتب هذه السطور، أن يقرأ على عجل، صفحات من ميثاقهم الوطني، الذي حمل اسم “العقد الاجتماعي”، وأحسب أن هذه الوثيقة “الدستورية” تستحق الاسم الذي حملته، إذ أنه يؤسس على نظرية “المواطنة المتساوية” منظومة كاملة من الحقوق الفردية والجماعية، وينصف النساء ولا يغبن الأقليات حقوقها. وبهذا المعنى، أحسب أن أكراد سوريا، إنما قرروا وضع تجربة إقليم كردستان نصب أعينهم، فأخذوا بمحاكاة ما يفعله الإقليم، استلهاماً لتجربته وسعياً للحاق بدروبه المفضية لا محالة إلى “الاستقلال/ الانفصال” عن الوطن العراقي الأم ... مع أن أكراد سوريا، بخلاف أكراد العراق، لا يبوحون بأية نوايا انفصالية، وإنما يتحدثون عن حقوق ثقافية واعتراف بهويتهم القومية في إطار سوريا الفيدرالية الموحدة. وبفعل هذه المكتسبات على جبهتي الحدود والبناء الداخلي، بات “الإقليم قيد التأسيس”، يشكل مصدر قلق وتحسب لتركيا، الجارة القوية النافذة، حيث أن “انبعاث” الكيانية الكردية، بات أمراً مقلقاً لها، دفعها للمبادرة إلى بذل كل مسعى وجهد في سبيل “شيطنة” الحركة الكردية، واتهامها بما فيها وما ليس فيها أو منها. السيد أردوغان، وفي الخطاب الذي “كسر به صيامه عن الكلام” إثر صدمة انتخابات السابع من حزيران، حمل عليهم، بل ونعتهم بـ “الإرهابيين الأكراد”، وشن حملة انتقادات لاذعة للغرب والتحالف الدولي بقيادة واشنطن، على خلفية ما أسماه “قصف العرب والتركمان، ودعم الإرهابيين الأكراد”... أما قنوات الفتنة والتحريض، فما زالت على “بثها المباشر” عن الأحوال المتردية للعرب وغير الأكراد، في مناطق سيطرة الحركة الوطنية الكردية، وتركيز لا يستد إلى أسس صلبة عند الحديث عن “تطهير عرقي” وتهجير جماعي للعرب من قراهم وبلداتهم. الأكراد ينفون حكاية “التطهير العرقي” جملة وتفصيلاً ... وهم يقدمون رواية أقرب للدقة، وتقع على ما يبدو، في “منزلة بين منزلتين” مفادها أن مطاردة داعش والحرب على الإرهاب، قد تسفران عن سقوط ضحايا مدنيين، سيما في البيئات الحاضنة لها، والتي هي في الأساس ذات غالبية عربية -سنية... كما أن الحرب تسفر في العادة عن أخطاء وخطايا وتدفع بالأهالي إلى الهجرة، وليس التهجير المنهجي المنظم ... لكن “زرّاع” الفتنة يأبون إلا أن ينفثوا في نار الخلافات والحساسيات المذهبية والطائفية والقومية والعرقية، الكثير من سمومهم. لم تظهر المدن والحواضر العربية السنية بخاصة، شيئاً من هذا قبيل ما فعله الأكراد ونجحوا فيه، لم تقاوم زحف داعش والإرهاب، حتى أن بعضها تحوّل إلى حواضن لها، والأهم، أنها عجزت عن بناء إدارات مدنية بديلة، تملأ فراغ غياب السلطة، وبقيت نهباً لصراعات لصوص المليشيات وأمراء الحرب وزعماء الحارات ... هي قضية نجاح كردية تقابلها قصة فشل عربية، ومع ذلك ترى من يبحث دوماً عن أسباب وذرائع لتسويق الفشل وتسويغه، خارج حدود موقعه وموقفه ومسؤولياته. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا ينجح الأكراد و يخفق العـرب سـوريـا نـموذجــاً لماذا ينجح الأكراد و يخفق العـرب سـوريـا نـموذجــاً



GMT 10:32 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 10:08 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ظالم ومظلوم

GMT 10:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد رحيم.. يرسم ملامح المطرب بالنغمة والإيقاع!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday