في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة

 فلسطين اليوم -

في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة

عريب الرنتاوي

تفتح حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ضد نشطاء من حماس، تزامناً مع تصاعد وتيرة العمليات ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه، أقول تفتح هذه الحملة الباب لجدل محتدم بين الجانبين، أقله ظاهر، كرأس جبل الجليد، ومعظمه غاطس في المياه العميقة.
حماس تقول، إنها تمارس حقها المشروع في مقاومة احتلال جاثم على صدور الفلسطينيين، ووحش استيطاني لا يَني يتوسع ويتمدد ملتهما كل ما يقع بين أنيابه الفولاذية الحادة، من أرض وحقوق و»ذاكرة» و»تاريخ» ... هي تُحمّل السلطة وفتح، المسؤولية عن «اختطاف» الضفة الغربية وتقليع أنيابها وأظفارها، خدمة للاحتلال وتبريراً لبقائها واستمراريتها، وترجمةً أمينة لأهداف التنسيق الأمني، الذي تعده الحركة مبرر وجود السلطة وسبب بقائها حتى الآن.
السلطة بقيادة فتح، ترد بقول آخر: حماس تسعى في تقويض السلطة في الضفة تحت ستار المقاومة ... هي تستهدف جنوداً ومستوطنين، لكن عينها على رام الله ... استتباب الأمن (مع ما يقتضيه من تنسيق أمني مع الاحتلال)، مصلحة فلسطينية، فيما مصلحة حماس في الضفة، تتمثل في إشاعة الفوضى، فهي وحدها طريق حماس للانقضاض على السلطة، وبأي ثمن ... السلطة تقول: كيف يمكن لمن يسعى في سبيل «التهدئة المستدامة» في القطاع أن يعمد إلى تصعيد المقاومة في الضفة، فمن باب أولى أن تقاتل حماس من حدود «القطاع المحرر».
حماس ترفض نظرية «التماهي» بين مصلحة فتح والسلطة من جهة ومصلحة الشعب الفلسطيني العليا من جهة ثانية ... هي ترى في التنسيق الأمني، كارثة على الشعب والقضية والمقاومة، لا يفيد منها سوى رجال السلطة وقادتها ومنظومة مصالحهم و»تسهيلاتهم» المنتفخة ... حماس، وقبل «الربيع العربي» تسعى في «تثوير» الضفة الغربية، ولقد ناقشت ذلك مع رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل في دمشق ذات يوم، عارضاً أن يتم ذلك في إطار وطني، ومن خلال الوحدة الوطنية، وبالانفتاح على مختلف الأطراف والمكونات، حتى لا نُدخل «المقاومة» في لعبة الصراع على السلطة وتقاسم النفوذ و»ثنائية فتح وحماس» وديناميكيات الانقسام الداخلي.
السلطة تتحدث عن مخطط إقليمي أكبر من حماس، وهنا يأتي الجزء الغاطس من جبل الجليد، تنخرط فيه الحركة كجزء من جماعة الإخوان المسلمين، هدفه تثبيت «التهدئة» في قطاع غزة، وإبراز قدرة حماس على الوفاء بالتزاماتها، في مقابل إشعال الفوضى في الضفة الغربية، للبرهنة على عجز السلطة وفتح، عن القيام بواجباتهما، حتى يطلع من يقترح في قادمات الأيام: «تعميم تجربة حماس في غزة على الضفة الغربية» ... في هذا السياق، تشير السلطة همساً إلى دور قطري – تركي، ويجري الحديث فلسطينياً، وبالأخص إسرائيلياً، عن دور خاص للقيادي الحمساوي المقيم في تركيا، صالح العاروري الذي تتهمه إسرائيل بالإشراف على مسلسل العمليات في الضفة، وهو شخصية مؤسسة في حماس، وبالأخص جناحها العسكري، وبه ترتبط كثير من أنشطة الحركة كما تقول التقارير الأمنية الإسرائيلية المسرّبة لوسائل إعلام عبرية.
حماس تسخر من كل ذلك، وترى فيه تناقضاً مع ما يكيله الطرف الآخر في مناسبات أخرى، من اتهامات لتركيا وقطر بالتآمر مع إسرائيل والتطبيع معها، في الوقت الذي يُتهم فيه البلدان، باحتضان «غرفة عمليات» المقاومة في الضفة الغربية ... وهي تؤكد أن هدف «تثوير» الضفة الغربية، وتسريع مَقدَم «الانتفاضة الثالثة»، هو هدف معلن للحركة، لا داعي لتجشم عناء البحث في «الزواريب» والدهاليز» للاهتداء عليه والتأكد منه.
الجدل الحمساوي – الفتحاوي، لم تعد الضفة الغربية ساحته الوحيدة، بل ولم يعد مقتصراً على الفصيلين الفلسطينيين ... ثمة أطراف عربية وإقليمية ترقب هذا الجدل بالرغم من انشغالاتها الضاغطة بملفات أخرى وأزمات أشد خطورة ... الأردن ينظر بعين القلق لـ «مشروع تثوير الضفة» وتسليحها الذي تحدثت عنه حماس، وتحدث عنه حزب الله وإيران إبان الحرب الأخيرة على غزة، وهو يخشى مقدماته وتداعياته، فالتسليح سيمر حتماً بالأردن (تخزيناً وتهريباً)، و»التثوير» ستكون له ارتداداته الأمنية والديموغرافية والسياسية غير الخافية على أحد.
تركيا بين نارين: فهي من جهة لا تخفي انحيازها لمشروع الإخوان المسلمين الأكبر في الإقليم، ومن ضمنه حماس ... لكنها وهي المتهمة بدعم «داعش» وتسهيل إمدادها بـ «المجاهدين» والسلاح والإتجار معها بالنفط وكل السلع الممكنة ، تدرك أن اللعب بـ «نظرية الأمن الإسرائيلية» مكلف للغاية، وهي عموماً بصدد المضي في خطابها المزدوج حيال إسرائيل: انتقادات حادة في الخطابات والحملات الانتخابية لاستجرار الأصوات والمصوتين، وتجارة نشطة وتطبيع علاقات واتصالات رفيعة المستوى تحت الطاولة (لقاء روما بين دوري غولد ونظيره التركي فريدون سينيرلي)
قطر، الشريك الإقليمي الثاني، المتهم بتبني حماس، من ضمن المشروع الإخواني الأكبر، تعرف أن لها حدوداً لن تجرؤ على تخطيها، فهي قد تكون شريكاً في مشروع «التهدئة» في القطاع، لكن من المستبعد أن تكون شريكاً في مشروع «التثوير» في الضفة الغربية.
مصر، المعنية قلباً وقالباً بخطط «التهدئة المستدامة» في القطاع، والتي تتجه لتحسين علاقاتها مع حماس، تدرك تمام الإدراك، أن مخطط «تثوير» الضفة، سينعكس على القطاع، وقد يودي بمشروع «التهدئة» قبل أن يرى النور ... في ظني أن حماس تدرك هذا بدورها، ما يطرح سؤالاً أو أسئلة، حول المدى الذي يمكن أن يبلغه مشروعا «التهدئة» و»التثوير»، وأين يمكن لحماس أن تصل بكل منهما، سيما وأنهما باتا خاضعين لديناميكيات الانقسام الفلسطيني الداخلي، أكثر من خضوعهما لموجبات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة



GMT 10:32 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 10:08 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ظالم ومظلوم

GMT 10:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد رحيم.. يرسم ملامح المطرب بالنغمة والإيقاع!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday