عن «التحييد والاحتواء والتوظيف» بمناسبة ويكيلكيس
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

عن «التحييد والاحتواء والتوظيف» بمناسبة ويكيلكيس

 فلسطين اليوم -

عن «التحييد والاحتواء والتوظيف» بمناسبة ويكيلكيس

عريب الرنتاوي

تفضح وثائق ويكيليكس الأخيرة حالة «الهيمنة» و»الاحتواء» التي تعيشها «النخب» العربية من سياسية وإعلامية من قبل «حفنة» من الحكومات العربية المقتدرة، وتشفُّ عن مستوى التهافت والابتذال الذي تكشفت عنها العلاقة «الزبائنية» بين الفريقين ... مال كثير يُغدق بلا حساب، وجيوب فارغة أقرب ما تكون إلى «جراب الحاوي»، الذي تنطلق منه كل الحيل والخدع البصرية، وتنبعث منها روائح الصمت والتواطؤ والاستتباع. بين حدّي «التحييد» و»الاحتواء الناعم»، نشأت العلاقة بين الطرفين وتطورت ... الأكثر تقديراً للذات واعتداداً بالنفس من «النخبة» يلوذ بصمت القبور حيال حقبة البترودولار وارتداداتها المدمرة على حاضرنا ومستقبلنا ... أما الأكثر تهافتاً ونهماً، فيتصدرون الصفوف في معارك الذود عن أنظمة وحكومات، ينسب لها عادة، ما ليس منها ولا فيها ... لكأنهم «شعراء القبائل» في جاهلية العرب، لسان حالهم يردد قول دريد بن الصمّة:  «وهل أنا إلا من غزية إن غوت، غويت         وإن ترشد غزية أرشد». تعيدني وثائق ويكيلكيس إلى جريدة «الصريح» التي أصدرها هاشم السبع في يافا قبل النكبة، وهي جريدة فكاهية ساخرة، وقد أخبرني والدي -رحمه الله-، عن كاريكاتير انطبع في مُخيتله، يظهر خطيباً لوذعياً يلوح بيمناه بما ينسجم مع خطبته العصماء، أما يسراه، فكانت مفتوحة خلف ظهره، تتلقى الدراهم من شخصيات تشبه شخصيات ناجي العلي -رحمه الله-، التي تكرشت حتى عادت بلا رقبة على حد وصف مظفر النواب، هامسة في إذن الخطيب: «كلما زدت دفاعاً كلما زدناك دفعا». هي ذاتها الأطراف، التي تكاد تسيطر على أكثر من أربعة أخماس «سوق» الإعلام والصحافة والتلفزة والإذاعة والدراما والفنون وصناعة الكتاب في العالم العربي، تمد شبكتها الإخطبوطية، لتصطاد مئات وألوف السياسيين والمثقفين والصحفيين في العالم العربي، بمن فيهم أولئك الذين لم يندرجوا رسمياً على قوائم «الموظفين» في المؤسسات المملوكة مباشرة أو بصورة غير مباشرة، من قبل هذه الأطراف. «شراء الصمت»، هو مطلب الحد الأدنى، وإن كان المطلوب دائماً، هو الانتقال من حالة الصمت والحياد، إلى خنادق المواجهة والتصدي لكل خصوم الداخل والخارج ... ولقد رأينا انتقالات مؤسفة من هذا النوع، دفعت بمثقفين وكتاب من عيار ثقيل، للانتقال من «خنادق المقاومة» إلى «قصور الأمراء» .... رأينا ليبراليين، يتحينون الفرص لاستعراض مختلف أوجه صداقاتهم الحميمية و»البريئة» مع «طويلي العمر» ... رأينا أحزاباً مسيحية تسبح بحمد بلدان لا تسمح ببناء كنيسة لزوارها أو رعاياها ... رأينا معارضات، تتوزع على خطوط حروب الأدوار والوظائف بين دول مقتدرة ... رأينا ثواراً نزعوا بزة الحرب وارتدوا الغوترات»، سويسرية المنشأ. يأتيك من يتحداك: أنظر إلى أرشيف مقالاتي وأبحاثي، فلن تجد فيه سطراً واحداً يسبح بحمد هذه الدولة أو ذاك الحاكم ... انت تعرف ذلك وتصدقه من دون عودةٍ مضنيةٍللأراشيف ... لكن السؤال الذي يقفز إلى ذهنك فوراً: وهل هناك سطر واحد، أو كلمة واحدة، في نقد الحاكم أو الاعتراض (مجرد اعتراض) على سياسة تلك الدولة؟ ... ليس المهم ما نقول ونكتب، فما لا نقوله وما لا نكتبه، مهم أيضاً، وبالقدر ذاته، وربما أكثر. قبل سنوات، أنجزت مع زملاء، دراسة مسحية بعنوان «الاحتواء الناعم للصحافة والإعلام في الأردن»، أذهلتنا النتائج لكأننا نرى لأول مرة صورتنا القبيحة بالمرآة ... بعد ويكيليكس، تتضاءل انفعالاتنا وتتواضع تقديراتنا، فما يحصل لدينا ليس سوى «قطرة» في بحر «التحييد والاحتواء الناعم» الذي يدور على مرأى وسمع شعوبنا ومجتمعاتنا، ويميز حقبة في تاريخ منطقتنا، امتدت لأربعة عقود أو يزيد. يدهم الطولى، بطول الأصفار المتراصفة على يمين أرقام حساباتهم ... وصلت إلى عواصم الغرب التي تتغنى بحرية الصحافة واستقلالية وسائل الإعلام، وتغني ليل نهار، للمنظومة القيمية التي تتحلى بها دولهم ... قبل أقل من عام، فضحت النيويورك تايمز الأمريكية الطابق، ونشرت في تحقيق استقصائي، كيف «تورطت» مراكز أبحاث مرموقة ومعاهد يملأ صيتها الأرض والفضاء، في فضيحة «التحييد والاحتواء»، مراكز تتلقى ألوف وملايين الدولارات، لكي لا تتحدث عمّا يجري في هذه الدول، وتدرجها في قوائمها السوداء للأنظمة والحكومات المسكوت عنها ... ولا بأس بالطبع، إن تطوعت في «إرشاد» الإدارة الأمريكية حول أنجع الطرق والوسائل لمساعدة «الحلفاء» و»الأصدقاء» من دول الاعتدال، في مواجهة الأعداء المشتركين. ما عرفناه ونعرفه، ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، أما ما خفي فهو أعظم بكل تأكيد ... ولا أحسب أن سياسة «شيطنة» ويكيليكس، ستفلح في تبديد الصورة ... قد يكون مضمون برقية أو عدد من البرقيات غير دقيق، فالأخطاء البشرية تقع على أية حال، لكن حين تتراكم البرقيات بالمئات والألوف وعشرات الألوف، توثق وقائع يصعب على أي أحد تلفيقها بالكامل ... حين يترسم السياق العام ويتظّهر بكل هذا الكم من المعطيات، تصبح «الشيطنة» تعبيراً على البؤس واليأس من فرص النجاح في التصدي لطوفان المعلومات الفاضحة والوثائق الكاشفة. لم تكن دراسة الاحتواء الناعم الأردنية، سوى مرآة وضعناها أمام أنفسها، حوّلت ما نعرف ونسمع من معلومات وشائعات إلى جداول ورسومٍ بيانية وأرقام ونسب مئوية، ولم تكن وثائق ويكيليكس سوى برهان إضافي على ما نعرف ونسمع من معلومات وشائعات ... لكنهم يراهنون ذاكرة شعوبنا القصيرة، فهل من بيننا من لا يزال يتذكر فضائح «النفط مقابل الغذاء» التي زكمت الأنوف في حينها، وكشفت عن الأهداف الحقيقية لجيوش من «المتضامنين» و»المؤيدين»، الذين كانوا يزدادون دفاعاً كلما زادوهم دفعاً ... رحم الله أبي وهشام السبع. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «التحييد والاحتواء والتوظيف» بمناسبة ويكيلكيس عن «التحييد والاحتواء والتوظيف» بمناسبة ويكيلكيس



GMT 10:32 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 10:08 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ظالم ومظلوم

GMT 10:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد رحيم.. يرسم ملامح المطرب بالنغمة والإيقاع!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday