حين يكف الإعلام عن الإعلام
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

حين يكف الإعلام عن الإعلام !

 فلسطين اليوم -

حين يكف الإعلام عن الإعلام

عريب الرنتاوي

بلغ الاستقطاب بالصحافة ووسائل الإعلام والعاملين فيها وعليها، حداً لم يعد ممكناً معه التمييز بين “الخبر” و”الرأي”، لا أحد يكترث حقيقة بنقل أمين ودقيق ولو نسبياً لمجريات الوضع على الأرض ... حتى التطورات الميدانية، باتت تُقرأ من زاوية نظر من يغطيها، وهنا أتحدث مرة أخرى عن مجريات الوضع على الأرض، وليس عن “مغزى ودلالة” ما حدث ويحدث. أمس على سبيل المثال، انصرف الإعلام المناصر للنظام السوري وحلفائه، في شرح الأهمية الاستراتيجية الفائقة للتقدم الذي أحرزه الجيش وحزب الله في بلدة الزبداني، وصُرفت ساعات من البث الإذاعي والتلفزيوني، وأهدر الكثير من المِداد في تدبيج المقالات وتسطير التقارير صبيحة اليوم التالي، حتى أن المتابع لهذا الإعلام، يظن أننا أمام “نقطة تحول استراتيجي” في مسار الأزمة السورية برمتها، وليس على جبهة واحدة من جبهاتها. في المقابل، الإعلام المناهض للنظام، أصر على الذهاب في الاتجاه المعاكس، وبزاوية قدرها 180 درجة ... فما حصل في الزبداني، ليس سوى “لطمة جديدة على خد النظام وحلفائه”، وأن سير المعارك هناك، ينبئ كما على بقية الجبهات، بدنو أجل النظام “الآيل للسقوط” ... هذا الإعلام لا يكف يتحدث عن ثورة ومعارضة، وثوار ومعارضين، من دون أن يضيف “جملة مفيدة واحدة” تشي بهويتهم السلفية الجهادية أو انتماءاتهم للقاعدة ... وهذه المقاربة تسم تغطياته لكل الأحداث، وفي كل الساحات، بما فيها اليمن والعراق. نضطر للبحث في ركام “التحليلات” و”وجهات النظر” التي تسمى زوراً بالأخبار والتقارير الإخبارية، علّنا نعثر على الحقيقة أو ما يشبهها ... نضطر للبحث عن مصادر من خارج هذه القنوات والوسائل والصحف المستقطبة بالكامل، والتي لا تختلف نشراتها وتقاريرها الإخبارية عن البيانات الحزبية في غابر الأزمان، التي تقول كل شيء ولا تقول شيئاً. الصورة في اليمن تبدو أكثر تعقيداً ، ربما بسبب بعدها الجغرافي وطوبوغرافيا الحرب الجبلية الوعرة... أنت لن يكون بوسعك التعرف على صورة الوضع الميداني هناك، بمجرد مشاهدة وقراءة والاستماع لإعلام الأفرقاء المحتربين وداعميهم ... هذه “مهمة مستحيلة” ... المناهضون للحوثي وصالح، يتحدثون عن متمردين وميليشيات، لا تقتل إلا المدنيين، تتعرض لأفدح الخسائر في الأرواح والمعدات والعتاد ... فيما يجري إسدال ستار سميك من التعتيم على قاعدة الجزيرة في اليمن، ولا توصف المليشيات المقابلة، إلا باسمها الحركي “المقاومة الشعبية”، وهذه لا تصيب مدنياً واحداً برصاصها وقذائفها، فكل ضحاياها من المتمردين والمليشيات الذين لا يكفون عن التقدم وتحقيق الانتصارات (؟!)، وكذا الحال بالنسبة لطائرات التحالف، التي يجمع العالم على أنها لا تقتل إلا المدنيين، ولا تضرب سوى أهداف مدنية، بعد أن استنفدت “بنك الأهداف”، ومع ذلك لا بأس من “التغطية” بمعنى حجب الحقيقة أن عزّت “التغطية” بالمعنى الصحفي والإعلامي. قنوات الحوثيين وحلفائهم، تقارف شيئاً مماثلاً ... لا أحد من مقاتلي هذا الفريق يقتل برصاص الخصوم أو بقذائف الطائرات، جميع ضحايا الطرف الآخر من المدنيين ... لا وجود لمقاومة شعبية ولا لخصوم على الأرض ... القاعدة وحدها من يتصدى لهؤلاء، وهم وحدهم الذين يخوضون الحرب ضد الآخر ... إلغاء كامل ومتبادل، وحالة إنكار تلقي بظلالها على مختلف الأطراف. من منّا يعرف على سبيل المثال، كيف هو الحال في تعز أو عدن؟ ... من منا يعرف كيف هي الأوضاع على خطوط التماس الحدودية بين اليمن والسعودية ... من منا يعرف ما هي أحجام القوى المؤيدة للعدوان على اليمن أو المناهضة له؟ ... من منا يعرف بالضبط، كيف تسير الأمور على مسار الحراك السياسي أو المشهد الميداني؟ ... ببساطة، لا أحد بمقدوره أن يعرف اعتماداً على وسائل الإعلام هذه. ولأن لكل وسيلة إعلامية حزبها ومعسكرها الذي تنطق باسمه وتسبح بحمده، فإن لكل وسيلة كذلك، محلليها السياسيين وخبراءها الاستراتيجيين، المفصلين على مقاسها بالضبط، وعند حائك ماهر، أما الجمهرة العريضة من المحللين والخبراء والسياسيين والمثقفين، الذين ما زالوا يحتفظون بّذرة عقل وضمير، فلا مطرح لهم هنا أو هناك ... هؤلاء “لا مع سيدي بخير ولا مع ستي بخير كذلك”؟! حتى أكثر المذيعات أنوثة وعذوبة، بدأن يتصرف كما “النمرات الكاسرات” على الهواء مباشرة، عندما يخرج متحدث أو معلق عن المسار المرسوم، أو الصراط المستقيم... هناتبدأ المقاطعات والاختزالات، بل وأحياناً التصرف من دون كياسة مع الضيوف، الذين قرروا عدم تأجير عقولهم وأصواتهم، لهذه المحطة أو تلك. ضحايا الاستقطاب والإقصاء المتبادل كثيرة وفي ارتفاع مستمر ... وفي صدارة لائحة الضحايا، يقف الإعلام المهني والصحافة المستقلة والموضوعية. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يكف الإعلام عن الإعلام حين يكف الإعلام عن الإعلام



GMT 10:32 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 10:08 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ظالم ومظلوم

GMT 10:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد رحيم.. يرسم ملامح المطرب بالنغمة والإيقاع!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday