حدود التوافق والاختلاف بـيــن واشنطــن وأنـقـــرة
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

حدود التوافق والاختلاف بـيــن واشنطــن وأنـقـــرة

 فلسطين اليوم -

حدود التوافق والاختلاف بـيــن واشنطــن وأنـقـــرة

عريب الرنتاوي

تحدثت الأنباء عن “اتفاق” امريكي – تركي، توجته (أو مهدت له) مكالمة هاتفية بين أوباما وأردوغان، أخذت بموجبه الولايات المتحدة “الحق” في استخدام القواعد العسكرية الأمريكية في تركيا، (أنجرليك) بالذات، ودخلت تركيا بمقتضاه الحرب الكونية على “داعش”، بعد أن ضمنت “حداً ما” من مطالبها وشروطها، على حد تعبير رئيس حكومتها أحمد داود أوغلو... بعض المراقبين والمحللين و”الأطراف السياسية” في المنطقة، ذهبت بعيداً في تناول الاتفاق بوصفه تجاوزاً لقضايا الخلاف بين الجانبين، فهل تعكس مثل هذه التقديرات والقراءات حقيقة الموقف؟
بمقياس الربح والخسارة، حققت واشنطن هدفين لطالما سعت لانتزاعهما من حكومة العدالة والتنمية من دون جدوى: الأول، ويتمثل في تمكين سلاح الجو الأمريكي من استخدام القواعد التركية القريبة من مسرح عملياته في سوريا والعراق ... والثاني، إدماج تركيا بما لها من ثقل ومكانة في التحالف الدولي المناهض للإرهاب، بدءاً بتقطيع طرق إمداد “داعش” بالمال والرجال والسلاح، التي تمر معظمها إن لم نقل جميعها، بالأراضي التركية، وتحت سمع وبصر وبموافقة وتشجيع من المؤسسة السياسية والأمنية التركية، وانتهاءً بالانخراط المباشر في العمليات الجوية ضد تنظيم الدولة.
في المقابل، حصلت أنقرة على بعض ما كانت تطلبه وتشترط الحصول عليه، للدخول على خط الحرب على “داعش” ... أول هذه الشروط، السماح لأنقرة بإنشاء منطقة عازلة “مصغرة” و”مشروطة” في شمال سوريا ... وثاني هذه الشروط، “غض طرف أمريكي عن استئناف الجيش التركي لحربه ضد حزب العمال الكردستاني.
واشنطن على ما تشير تقارير ومصادر معلومات، أعطت ضوءاً أخضر مشروطاً للمنطقة العازلة، منها أن تظل محصورة بنطاق جغرافي ضيق “نسبياً”، يلتقي مع الحد الأدنى من متطلبات الأمن و”الهواجس” التركية، بخلاف ما كانت تطمح له أنقرة من توسيع لهذه المنطقة، لتشمل حلب وتمتد بامتداد حدودها مع سوريا، وبعمق يتراوح ما بين 30 – 40 كيلومتراً ... المصادر تتحدث عن ضغوط أمريكية أوقفت محاولات تركيا التقدم صوب حلب وحماة والساحل، لأن المستفيد الوحيد من فراغ السلطة السورية أو انسحابها منها، هو القوى الأصولية المتشددة.
والولايات المتحدة التي ما زالت تدرج حزب العمال الكردستاني”PKK”، على لائحة المنظمات الإرهابية، ما كان لها أن تحول دون قيام أنقرة بتنفيذ عمليات “ضد الإرهاب الكردي” بالتوازي والتزامن مع دخولها على خط الحرب ضد الإرهاب السني المتمثل بـ “داعش” ... لكن واشنطن في ذات الوقت، حرصت على حض أنقرة على وجوب التمييز بين داعش والحزب الكردي، وإعطاء الأولوية للحرب على الأول بدلاً من تركيز النيران على الثاني.
تدرك واشنطن أن احتدام المعارك التي تخوضها أنقرة ضد أكراد تركيا، ستفضي حتماً إلى تأزيم علاقاتها (المتأزمة أصلاً) مع أكراد سوريا ... صحيح أن أكراد سوريا ظلوا خارج إطار “الاتفاق/ الصفقة” بين الجانبين، لكن نفوذ حزب العمال الحاسم في أوساط أكراد سوريا، يجعل من الصعب الفصل بين حرب أنقرة على أكرادها وحربها على أكراد سوريا الذين تنظر إليهم واشنطن بوصفهم حليفاً موثوقاً ومجرباً في الحرب على “داعش”، ولا تريد أن تفقد مكانتها وتحالفها معهم، إرضاء لرغبات السيد أردوغان، أو تلبية للشهية التركية المفتوحة لضرب عدة عصافير بحجر واحدٍ.
على الأغلب أن الاتفاق بين الجانبين، قادهما للالتقاء في نقطة في منتصف الطريق الفاصل بينهما ... والمؤكد أن كل فريق سيواصل سعيه لتوسيع هامش المكتسبات التي حققها بالاتفاق مع الفريق الآخر، وستنشأ عن ذلك، خلافات وتباينات، وجولات من الشدّ والجذب ... تركيا ستسعى لتوسيع المنطقة العازلة إلى أقصى حد ممكن، وستحرص على نقل قوات موالية لها من المعارضة السورية، لإدارة هذه المنطقة، المحظور على جيشها دخولها أو اختراق حدوده مع سوريا، والولايات المتحدة ستسعى في جعلها تتم في أضيق نطاق ممكن ... تركيا ستوسع دائرة المستهدفين بنيران طائراتها الأمريكية الصنع، والولايات المتحدة تريد لهذه الطائرات أن تركز حممها على مواقع “داعش” ومعسكراتها ... تركيا تريد أن تقضي على طموح أكراد سوريا بإنشاء كيانهم الخاص من ضمن سوريا فيدرالية، والولايات المتحدة تتحول مع تطور الأزمة السورية، إلى موقع “الراعي الرسمي” للمشروع الكردي في سوريا.
ماذا عن الأسد ومستقبل نظامه؟
عند هذه النقطة بالذات، يدرك أنقرة الصباح، وتتوقف عن الكلام المباح، لا حديث عن هذه المسألة من جديد ... كل ما يصدر عن حكومة العدالة والتنمية، لا يفصح عن مصائر شعار “إسقاط الأسد ونظامه”، وفي المقابل ليس ثمة ما يشي بإجراء مراجعة أو تغير في الموقف التركي، يرى في الأسد ونظامه، مشروع حليف في الحرب على “داعش”.
النظام في دمشق، ما زال على روابطه الوثيقة مع الحركة الكردية، ولا نقول “شعرة معاوية”، فما بين الجانبين أقوى من ذلك، أقله حتى الآن، لكن الخشية من قيام كيان كردي انفصالي على المدى الأبعد، ربما تشكل في قادمات الأيام، أرضية مشتركة لتلاقي تركي – سوري، كما أن الحرب على “داعش” تضع دمشق وأنقرة، في خندق واحد، بالرغم من استمرار التراشق بالاتهامات وحالة العداء التي تطبع العلاقات بين الجانبين.
انتقال تركيا من سياسة “غض الطرف” عن “داعش” إلى مواقع القتال ضد “خلافته”، حرّك مياه راكدة في الأزمة السورية، وأطلق ديناميكيات متسارعة، من المبكر التكهن بمصائرها ومساراتها والنتائج المترتبة عليها ... لكنه بالقطع، انتقال يستبطن تحولات استراتيجية في موازين القوى وخرائط التحالف، الخاسر الأول والأكبر فيه، هو “داعش” والإرهاب عموماً، بيد أنه لن يكون الخاسر الوحيد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدود التوافق والاختلاف بـيــن واشنطــن وأنـقـــرة حدود التوافق والاختلاف بـيــن واشنطــن وأنـقـــرة



GMT 10:32 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 10:08 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ظالم ومظلوم

GMT 10:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد رحيم.. يرسم ملامح المطرب بالنغمة والإيقاع!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday