بائعو الأكاذيب والأوهام
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

بائعو الأكاذيب والأوهام

 فلسطين اليوم -

بائعو الأكاذيب والأوهام

عريب الرنتاوي

يجادل كثيرون، بأن “داعش” ما كانت لتأخذ شمال شرق سوريا ملاذاً آمناً لها، لو أن واشنطن بادرت إلى حسم الموقف عسكرياً مع النظام السوري، وفي وقت مبكر من عمر الأزمة السورية، وقبل أن يستفحل خطر “الدولة” و”النصرة” ومن لفّ لفهما من الفصائل المتشددة ... فهل هذا الافتراض صحيح؟ ... والأهم، هل ما زال الباب مفتوحاً أمام “حسم عسكري” أمريكي يجهز على “داعش” ويطيح بـ “الطاغية”، كما يردد البعض من الذين تفوقوا على أنفسهم، في إثارة الأوهام، وتصديق الأكاذيب التي أطلقوها هم أنفسهم؟
لدينا نموذجان “طازجان” للتدخل العسكري الأمريكي في المنطقة العربية، الأول في العراق والثانية في ليبيا، فكيف جاءت نتائج التدخل العسكري الأمريكي، ولماذا يفترض بعضنا بأن سوريا كانت لتواجه مصيراً مغايراً لو تكرر التدخل العسكري للمرة الثالثة في غضون عشر سنوات.
واشنطن “فبركت” أدلة على تورط نظام صدام حسين في روابط وعلاقات مع القاعدة، كانت ثاني مبرر لحربها الكونية على العراق في 2003، المبرر الأول، تجلى في أسلحة الدمار الشامل العراقية، بعد 11 سنة من الغزو والاحتلال، ثبت بالملموس، كذب الرواية الأمريكية – البريطانية ... لكن الأهم، أن العراق دخل منذ الغزو، في مرحلة مديدة من الفوضى والاقتتال والحروب الأهلية، وتحوّل طوال سنيّ ما بعد الحرب إلى ملاذ أمن وحصين للإرهاب، و”تطيّفت” حياته السياسية و”تمذهبت” كما لم يحصل من قبل، وهو اليوم، عرضة للتقسيم والتفتيت، وبدعم من نصف سكانه على الأقل (الأكراد والعرب السنة)، دع عنك تحوّله، إلى ملعب خلفي لكل الفاعلين الإقليميين والدوليين ... دع عنك خرابه الاقتصادي والاجتماعي وانهيار منظومة الخدمات والتعليم، وتفشي الفقر والبطالة والفساد، وانقطاع الماء والكهرباء، إلى آخر ما في قوائم الفشل من إخفاقات وإحباطات.
أما في ليبيا، وبعد ثلاثة أعوام من الإطاحة بالدكتاتور، على يد قوات “الناتو” وسلاح الجو الأمريكي، فإنها تعيش واحدة من أسوأ صفحات تاريخها القديم والحديث ... باتت ملاذاّ للإرهاب وموئلاً للسلاح والجهاديين ... عرضة للتقسيم، أو هي مقسمة واقعياً إلى دويلات وإمارات ... برلمانان وحكومتان، ومليشيات منفلتة من عقالها ... مكاناً طارداً للدبلوماسيين والإعلاميين والعرب والأجانب ... عشائر ومليشيات متناحرة قضت على البقية الباقية من ليبيا ... مصدر تهديد لأمن جيرانها في مصر وتونس والجزائر والتشاد، ومن هم أبعد من ذلك ... هذه ليبيا التي كنتم فيها توعدون.
لماذا يعتقد البعض، حد الجزم، أن الوضع في سوريا، لو حصل التدخل والحسم الدوليين، كان سيكون أفضل حالاً مما هو عليه في العراق وليبيا ... سوريا فسفيساء مذهبية وطائفية وقومية، شأنها شأن العراق، وبما يفوق ليبيا ... سوريا تتوفر على قاعدة نفوذ واسعة للإسلام السياسي والمسلح، بأكثر مما هو عليه في البلدين ... للجغرافيا السورية، قدرة مدهشة على اجتذاب التدخلات الإقليمية والدولية ... سوريا واعدة بالنفط والغاز والثروات ... سوريا مشتبكة مع ملف الصراع العربي – الإسرائيلي بما يجعلها هدفاً لكل أشكال التآمر ... سوريا مشتبكة مع كثير من ملفات المنطقة، ما يجعلها قاعدة للتأثر والتأثير بها جميعها .... مرة أخرى، لماذا كانت سوريا ستواجه مصيراً مغايراً فيما لو قرر الأطلسي وواشنطن أن يحسما الموقف عسكرياً مع النظام؟
إن كانت “داعش” تستولي على ربع أو ثلث مساحة سوريا اليوم، فيما “النصرة” مبثوثة في غير محافظة وصعيد، فإن هذين التنظيمين كانا بلا شك، سيقاتلان ويقتتلان في ساحات دمشق واللاذقية وحلب ... ولكنا رأينا المشانق تنتصب على رؤوس جبال العلويين والدروز، ولكان مسيحيو سوريا، قد سبقوا نظرائهم العراقيين إلى عالم المنافي والشتات، ولَزَادت أعداد اللاجئين السورية من مختلف المذاهب والطوائف والمشارب، عن الثلاثة ملايين لاجئ الذين تحدث عنهم آخر تقرير للأمم المتحدة.
على أية حال، نحن لا نتحدث عن تاريخ مضى وانقضى، نحن نتحدث عن مستقبل ما زالت بعض الأطراف، تملأه بالأوهام والرهانات الخاسرة ... فإذا كانت واشنطن مترددة في حربها على “داعش”، فكيف يُطلب إليها خوض معركة على جبهتين: “داعش” و”النظام” ... ومن قال إن الأسباب التي حالت دون قيام واشنطن بشن الحرب على النظام من قبل، قد زالت الآن، وباتت طريقها مفتوحة لشن حرب مؤجلة على “الطاغية”، أين روسيا من كل ذلك، وهي التي تتصرف كالنمر المجروح في عرينه الأوكراني.... أين إيران التي تدرك أن ما يجري في سوريا والعراق وامتداداً حتى لبنان وغزة، هي حرب على دورها ونفوذها وتطلعاتها؟ ... إين حلفاء هذا المحور وأتباعه، الجاهزين لحرق الأخضر واليابس في معركة الدفاع عن الوجود، لا عن الأدوار فحسب؟
السيناريو الأكثر تفاؤلاً، هو ذاك الذي يفترض حرباً أمريكية على “داعش” منسقة مع النظام السوري ... السيناريو الأقل تفاؤلاً، هو أن تشن واشنطن هذه الحرب، بمعزل عن النظام ومن دون تنسيق معه أو مشاركة منه ... أما سيناريو الحرب الأمريكية على “داعش” و”النظام”، فلا أحسب أنه مدرج على جدول أعمال أحد، غير أولئك الذين قضوا ثلاث سنوات ونصف السنة من عمر الأزمة السورية، في بث الأوهام والترويج لها، و”انتظار غودو”.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بائعو الأكاذيب والأوهام بائعو الأكاذيب والأوهام



GMT 11:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 11:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 11:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 11:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 11:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 11:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 11:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 11:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday