العبادي بين تفويضين طـــهــران والنــجــــف
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

العبادي بين تفويضين: طـــهــران والنــجــــف

 فلسطين اليوم -

العبادي بين تفويضين طـــهــران والنــجــــف

عريب الرنتاوي

لم تطل غيبة رئيس الوزراء العراقي الأسبق عن بغداد، نوري المالكي عاد إليها بعد أقل من أسبوع على مغادرتها، برغم التكهنات والأقاويل التي تحدثت عن زيارة قد تطول، وقد تصبح إقامة في المنفى، لتفادي المحاكمة على “الإهمال” المتسبب بسقوط الموصل... عاد المالكي وفي جعبته خطة عمل طارئة، قيل إنها تدور حول محورين: الأول، إصلاحي شامل، وتلكم هي سخرية القدر، والثاني: وهو الأهم، والمتصل بترتيب شؤون “البيت الشيعي السياسي” من الداخل.
ونقول سخرية القدر، لا لأن المالكي مسؤولٌ وحده عن استشراء ظاهرة الفساد في صفوف الدولة والأجهزة والمؤسسات العراقية في مرحلة “ما بعد صدام حسين”، بل لأنه المسؤول الرئيس عن تفشي هذه الظاهرة وشمولها مؤسسات الأمن والقضاء والجيش وكل مكان بلغته أذرع “اخطبوط المحاصصة” الطائفية والمذهبية... وهو المتهم الرئيس بالتسبب في سقوط ثاني مدن العراق، والاستنكاف عن اتخاذ التدابير اللازمة لمحاسبة المتورطين في “الكارثة” بعد وقوعها.
والمفارقة أن عودة المالكي بجعبة ثقيلة، استدعت اجتماعات على مستوى القمة لقادة وممثلي “البيت الشيعي السياسي”، امتدت لساعات طوال وستتواصل على مدى الأيام القادمة، تزامنت مع صدور موقف تحذيري لافت عن المرجعية الشيعية الأهم في العراق، طالبت فيه بمحاربة “لا هوادة فيها” للفساد، واستئصال الظلم و”المطلوميات” وإشاعة العدالة الاجتماعية، محملة الفساد المسؤولية عن سقوط معظم العراق في أيدي تنظيم الدولة “داعش”، ومحذرة من احتمال تقسيم العراق إن ظل الفساد والظلم منفلتان من عقاليهما.
نحن إذن أمام تفويضين متباينين وأولويتين مختلفتين: تفويض “المرجعية الإيرانية” التي جاء المالكي مدججا به، وتوصي بـ”ترتيب البيت الشيعي” من الداخل، وحفظ وحدة هذا المكوّن، وصرف نظر عن حكاية “الإصلاح”، وفي أحسن الأحوال، العمل بدءا من اليوم، وعفا الله عمّا مضى، حتى وإن أفلت المقصرون والنهّابون والفاسدون طوال السنوات الماضية، من المساءلة والمحاسبة ... وبهذا يعود المالكي وصحبه إلى مزاولة أعمالهم وأدوارهم كالمعتاد لكأن شئياً لم يكن، ودائماً تحت شعار لا مصلحة تعلو فوق مصلحة الطائفة، ولا صوت يعلو على صوت “المقاومة”، مع كثيرٍ من الاستدعاء والتوظيف لشبح داعش الماثل على أبواب بغداد، لتحقيق أغراض أخرى، أقلها ضمان هيمنة فريق من العراقيين على السلطة، واستتباعاً إبقاء العراق حديقة خلفية للنفوذ الإيراني.
أما التفويض الثاني، فجاء من النجف الأشرف، وعلى لسان مرجعية السيستاني، وقد مُنح للدكتور حيدر العبادي من قبل، ولا ندري ماذا سيفعل به من بعد، ويقضي بجعل محاربة الفساد مدخلاً ومقدمة لحفظ وحدة العراق، وشرطاً للانتصار على الإرهاب، ووسيلة لمنع انزلاق البلاد إلى سقطات جديدة كتلك التي حصلت في الموصل والرمادي ... حديث السيستاني عن مسؤولية الفساد في ضياع قسم العراق، يحمل اتهامات صريحة لنوري المالكي، صاحب أطول ولاية في حكم “عراق ما بعد صدام حسين”، وتحذيره من مخاطر تقسيم العراق إن استمر الظلم والفساد، يحمل توجيهاً للعبادي وحكومته بالمضي في طريق الإصلاحات، بل وتجذيرها ... هنا يبدو اختلاف الأولويات واضحاً من بين طهران والنجف.
لم يكن مشوار العبادي في حكم العراق معبداً بالورود... جاء الرجل إلى موقعه كما يقول أصدقاؤه وخصومه، بنوايا طيبة ومشروع حميد، استحق معه دعم فئات عراقية عديدة، من داخل البيت الشيعي ومن خارج طائفته كذلك، وحظي بتأييد إقليمي ودولي تعذر على سلفه الحصول عليه ... لكن الرجل ظل مقيداً بالصراعات داخل “البيت الشيعي”، وظلت يداه مكبلتين بقيود ثقيلة من داخل حزبه وائتلافه، إلى أن جاءت “ثورة الكهرباء والخدمات” من داخل “البيئات الشعبية” للتحالف الشيعي، مدعومة بتأييد صريح من مرجعية النجف، لتزيح عن كاهل الرجل بعض الأثقال التي أعاقت حركته وأحبطت مشروعه.
لكن الرجل، وما أن شرع في تطبيق “الوجبة الأولى” من إصلاحاته الإدارية والمالية والسياسية والأمنية، حتى بوغت بالهجوم المضاد، يأتيه من طهران هذه المرة ومن “ثغرة دفرسوار” قوامها الحزب والكتلة، ليجد نفسه بين نارين: نار التحركات الشعبية المطالبة بالإصلاح والعدالة مدعومة بموقف مرجعية السيستاني، ونار الضغوط الإيرانية المحكومة بحسابات طهران الإقليمية وأولوياتها.
قد يقال في معرض تفسير أو تبرير “الهجوم الإيراني المضاد” إن الأولوية المطلقة الآن، يجب أن تُعطى لمحاربة الإرهاب، فلا صوت يجب أن يعلو على صوت محاربته، وهذا صحيح، وهذا لم يغب عن بال وتفكير المتظاهرين في شوارع المدن العراقية أو المرجع الشيعي الأعلى ... لكن الحرب على الإرهاب، خاسرة لا محالة، إن لم ينجح النظام العراقي في التخفف من آفة الفساد واستئصال الفاسدين واستعادة العدالة والتوازن المفقودين، وبصورة تجعل من المعركة ضد الإرهاب، معركة العراقيين جميعاً، لا ضد “داعش” فحسب، بل ومن أجل عراق مدني – ديمقراطي موحد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العبادي بين تفويضين طـــهــران والنــجــــف العبادي بين تفويضين طـــهــران والنــجــــف



GMT 10:32 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 10:08 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ظالم ومظلوم

GMT 10:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد رحيم.. يرسم ملامح المطرب بالنغمة والإيقاع!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday