الدين والدولة العرب على الخريطة العالمية
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

الدين والدولة... العرب على الخريطة العالمية

 فلسطين اليوم -

الدين والدولة العرب على الخريطة العالمية

بقلم : عريب الرنتاوي

جاء في تقرير صدر حديثاً لمعهد "بيو" الأمريكي، أن غالبية دول العالم (106 من أصل 199دولة وإقليم)، لا تنص دساتيرها وأنظمتها الأساسية على دين أو مذهب معين، كدين رسمي أو دين مفضل (أولى بالرعاية) للبلاد، مقابل 43 دولة تتبنى ديناً معيناً بوصفه ديناً رسمياً للبلاد، من بينها هناك 27 دولة تنص على الإسلام بوصفه دين الدولة، و13 دولة تنص على المسيحية (منها 9 دول أوروبية)، ودولة واحدة تنص على اليهودية (إسرائيل)، ودولتان تتبنيان البوذية ديناً رسمياً للدولة (بوتان وكموديا).

وثمة 40 دولة في العالم، تحابي دساتيرها ديناً أو مذهباً معين، من دون النص صراحة على أنه دين الدولة الرسمي، وغالباً ما يأتي ذكر ذلك في سياق الإشادة بالدور التاريخي الذي لعبه الدين/ المذهب في تاريخ البلاد ... معظم هذه الدول، أشارت إلى طائفة معينة من الطوائف المسيحية، فضلاً عن بعض الدول الآسيوية، التي حابت وفضلت ديانات ومعتقدات معينة.

عشر دول، أورد التقرير أنها تتخذ مواقف معادية للدين عموماً، كل الأديان لا على وجه التحديد، من بينها الصين وكوبا وكوريا الشمالية وجمهوريات أوراسية سابقة استقلت عن الاتحاد السوفياتي القديم.

معظم الدول العربية "دسترت" الإسلام ديناً رسمياً لها ما عدا لبنان، سوريا اكتفت بالتنصيص على أن دين رئيس الدولة الإسلام، فيما المفارقة أن السودان الذي اشتهر بتطبيقاته للشريعة والطابع الإسلامي للحكم، تفادى رسمياً التنصيص على أن دين الدولة الإسلام، واكتفى بممارسة ذلك واقعياً.

الدراسة التي جُمعت معطياتها في أواخر العام 2015، شملت 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، هي جميع الدول الأعضاء في حينه، فضلاً عن ستة أقاليم، لم تكن تحضى بالعضوية الكاملة في المنظمة الأممية، هي: فلسطين، كوسوفو، ماكاو، هونغ كونغ، تياوان والصحراء الغربية.

معنى الأرقام المذكورة، أن أكثر من نصف عدد الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي (30 من أصل 57 دولة)، لا تتبنى الإسلام ديناً رسمياً، وهي تتبع أنماط حكم متفاوتة من حيث تبنيها لمبدأ الفصل بين الدين والدولة، وأن 19 دولة عربية من أصل 27 دولة إسلامية، تتبنى الإسلام ديناً رسمياً (70 بالمائة) ...  ما يطرح استطراداً سؤالين اثنين، متداخلين ومترابطين: الأول، لماذا الإسلام أكثر من غيره، يتصدر لائحة "الدين الرسمي" للدولة؟ ... والثاني، لماذا الدول العربية، أكثر من غيرها، مستمسكة بالتنصيص على دين رسمي للدولة، هو بالطبع الإسلام؟

في معرض الإجابة على السؤال الأول، نرى أن الإسلام من بين جميع الديانات الأخرى المعاصرة، أو على الأقل في طبعاتها الحديثة والمعاصرة، ما زال يُقَدّم على أنه "دين ودولة"، وأنه مولج لا بتنظيم العلاقة بين الإنسان وخالقه فحسب، بل وتدبير مختلف أوجه الفضاء العام وعلاقة الفرد بالدولة وشكل الحكم ومقاصد التشريع وغير ذلك.

أما الجواب المقترح على السؤال الثاني، فلا أراه بعيداً عن افتقار غالبية الأنظمة والحكومات العربية، إن لم نقل جميعها، للشرعية الانتخابية، شرعية صناديق الاقتراع، وبحثها المستميت عن مصادر أخرى للشرعية، ومن بينها الشرعية الدينية، وهذه الظاهرة هي جزء من الفشل الأكبر، وأعني به فشل مشروع بناء دولة/الأمة، على المستويين الوطني والقومي.

خلال العشريات الثلاثة أو الأربعة الفائتة، نجحت تيارات أصولية، من سلفية وإخوانية، في تقديم صور أكثر "شمولية" للإسلام، واستتباعاً أكثر تطرفاً، وطغى على السطح شعار "الإسلام هو الحل"، وتسللت مفاهيم السلفية حول دولة الإسلام والحاكمية وغيرها، مما جعل من الصعب على الحكومات والأنظمة، أن تُدخل تحديثاً أو تطويراً على دساتيرها، بل لقد أخضع النفوذ المتعاظم للقوى الأصولية، الحكومات والعلمانيين العرب على حد سواء، لأعلى درجات الابتزاز، ما جعلهم يكفون عن المطالبة بفصل الفضائين الديني عن السياسي، وتحول مطلب الدولة العلمانية الديمقراطية، إلى مطلب الدولة المدنية الديمقراطية.

أما الأنظمة العربية، وفي معرض صراعاتها مع معارضاتها، الإسلامية في غالباً، فلم تجد مندوحة عن الاستمساك بخطاب ديني، ومؤسسة دينية رسمية، تشكل ذراعاً أيديولوجيا لها، ودساتير تمنحها شرعية النطق باسم "الإسلام الصحيح"، في لحظة بدا معها، أن الصراع في الإسلام وعليه، هو الغطاء العام الذي يجلل كافة الصراعات الداخلية والإقليمية، والأرجح أن وضعية كهذا ستستمر لسنوات، وربما لعقود عديدة قادمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين والدولة العرب على الخريطة العالمية الدين والدولة العرب على الخريطة العالمية



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday