عن المصالحة بلا إحباط ولا أوهام
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

عن المصالحة بلا إحباط ولا أوهام

 فلسطين اليوم -

عن المصالحة بلا إحباط ولا أوهام

بقلم : عريب الرنتاوي

ارتفعت رهانات الغزيين وتوقعاتهم مع حكومة رامي الحمد الله للقطاع والتئام مجلس الوزراء في غزة، لكن انتهاء "زيارة" الرئيس ومجلسه الوزاري من دون الإعلان عن خطوات جدية من شأنها معالجة المشكلات الضاغطة على القطاع وأهله، واكتفاء أعضاء الحكومة العتيدة بتسلم وزاراتهم في مراسيم بروتوكولية حميمة، خلق مناخات من "الفتور" حيال المصالحة حتى لا نقول اليأس منها تماماً.

والحقيقة أن الحكومة الفلسطينية، شأنها في ذلك شأن معظم الحكومات في العالم العربي، ليست "صاحبة ولاية"، وليس بمقدورها اتخاذ قرار استراتيجي، لا في السياسة ولا في الاقتصاد، دع عنك أمور الحرب والسلام والسياسات الدفاعية ... ولقد أخطأ من ظن أو توهم، أن القرارات الكبرى بخصوص المصالحة ومقتضياتها وموجباتها، يمكن أن يصدر عن اجتماع لحكومة الوفاق، سواء عقد في رام الله أو غزة ... قرارات مثل هذه، تصدر فقط عن "المقاطعة"، والرئيس عباس ليس بوارد المقامرة بتبديد أوراقه، قبل أن تلتئم جلسات الحوار في القاهرة، بالرعاية المصرية، ويعرف تمام المعرفة، ويتأكد على نحو لا لبس، مما تريده حماس وتسعى في الحصول عليه وتقديمه في المقابل.

والمفروض أنها مسألة أيام، قبل أن يتصاعد الدخان الأبيض أو الأسود من "مداخن" قاعات الحوار الوطني، الضيّق والموسع على حد سواء ... وأحسب أن الرئيس وصحبه، معنيون تماماً بالحصول على وجود "فاعل" وليس "شكلياً" في القطاع ... فتح والرئيس لا يريدان للسلطة أن تكون مجرد "طربوش" تتخفى من تحته سلطة الأمر الواقع في رام الله، والأهم أنهما يرفضان على نحو قاطع، أن تكون السلطة مجرد "صراف آلي" تعود إليه حماس وعشرات الأولوف من موظفيها نهاية كل شهر.

في هذا السياق، يبدو مهماً معرفة إلى أي حد ستسمح حماس بحرية الحركة والنشاط لفتح في القطاع، وإلى أي مدى ستسمح لأجهزة السلطة الأمنية بتولي مسؤوليتها، وكيف يمكن معالجة مسألة "ازدواجية السلطة" في القطاع، وما هو مصير شعار عباس "سلاح واحد وشرعية واحدة"، والذي ردّت عليه الحركة وفصائل أخرى وقيادات من فتح ذاتها بالقول: إن "سلاح المقاومة" ليس موضوعاً على مائدة التفاوض.

نحن كذلك لا نعرف إلى أي حد تصل الطموحات الخاصة بالرئيس فيما خص سلاح حماس وكتائبها، وما إذا كان يعني ما يقول عن "السلاح الواحد"، وكيف يمكنه تحقيق ذلك، وهل أمرٌ كهذا قابل للتحقيق أصلاً، أم أنه سيتعين على الفلسطينيين إعادة انتاج تجربة العلاقة بين "الدولة" و"المقاومة" في طبعتها اللبنانية، أم أن هناك صيغ أخرى مبتكرة، يجب التوصل إليها على موائد الحوار الفلسطيني والرعاية المصرية.

ثم، نحن لا نعرف إلى مدى ستصل حماس بطموحاتها على ساحتي الضفة الغربية ومنظمة التحرير، وما هي حدود "التمثيل" التي تدور بخاطرها، وهل سيقبل عباس بشريك حقيقي فاعل، هل سيقبل بالشراكة في اتخاذ القرار وصنع السياسات، وهل يحتمل مقتضياتها ومندرجاتها؟ ... مثل هذا الأمر، يحتاج لصولات وجولات من الحوار وبناء التفاهمات، نعرف أنها بدأت في القاهرة، بيد أننا لا نعرف متى تنتهي أو كيف وأين؟

وثمة ملفات تفصيلية أخرى تعيق المصالحة وتعوق اتخاذ إجراءات بناء ثقة بين الجانبين ... من بينها على سبيل المثال لا الحصر، قضية الدحلان ومصير التفاهمات التي أبرمتها حماس معه، كما أننا لا نعرف الموقف الحقيقي للوسيط المصري حيال هذه المسألة، هل طوي ملف الرهان على الدحلان؟ ... هل الرجل مطروح في سياق "سلة الفصائل" المدعوة لحوارات القاهرة اللائحة؟ .. هل أدخل الدرج بانتظار معرفة مآلات "مشروع ترامب و"صفقة القرن" التي يلوّح بها ... مثل هذه الأمور، ما زال يكتنفها كثير من الغموض، ونحن بانتظار أن تتكشف حقائق المواقف حيالها، وقبل ذلك، من المستبعد أن يذهب أي من طرفي الانقسام، بعيداً في تنازلاته وتقدماته.

ثمة حدود قصوى، أو خطوط حمراء، لا احسب أن أي من الطرفين يمكن أن يجتازها مهما عظمت إغراءات المصالحة أو تعاظمت مخاطر انفراط عقدها من جديد: عباس، لن يسمح لحماس بدور مهمين في منظمة التحرير تحت أي ظرف كان، والمؤكد أنه لن يعطيها كامل الحرية في الضفة الغربية، خصوصاً إن تعلق الأمر بالجانب الأمني والعسكري .... وحماس، لن تفرط بقوتها الضاربة في قطاع غزة، مهما بلغت الأثمان، فهذا احتياطيها الاستراتيجي، وورقتها النهائية حين تتبعثر مختلف الأوراق، وهي وإن قبلت بعودة السلطة إلى القطاع، فإنها لن تقبل بحكاية "السلاح الواحد"، جل ما يمكن أن تقدم عليه الحركة، هو تنظيم متفاهم عليه، أو "اتفاق جنتلمان"، لتنظيم وإدارة حالة "ازدواجية السلطة"، وهي لن تقبل بذلك بلا ثمن، أقله معالجة الإشكالية والتحديات، التي دفعتها لتقديم "تنازلات مؤلمة" لعباس والتعهد بـ "قطع رأس" كل من يقف في وجه المصالحة الوطنية.

تحت هذا السقف، وليس فوقه، ستدور المفاوضات وتتبلور التفاهمات، وفي ظني أن الأمر على صعوبته، يستحق المجازفة والمحاولة، بل ولا أطن أن هدفاً كهذا، عصي على التحقيق إن توفرت الحنكة والإرادة والظرف الموضوعي المناسب، وشريطة ألا نحلق عالياً في الأوهام والرهانات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن المصالحة بلا إحباط ولا أوهام عن المصالحة بلا إحباط ولا أوهام



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية

GMT 13:51 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

اللواء تيسير البطش يتفقد معبر بيت حانون
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday