فانتازيا المحللين والخبراء الاستراتيجيين
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

"فانتازيا" المحللين والخبراء الاستراتيجيين

 فلسطين اليوم -

فانتازيا المحللين والخبراء الاستراتيجيين

بقلم : عريب الرنتاوي

تتطاير السيناريوهات الأكثر سوءاً في سماء لبنان والمنطقة برمتها، ويتبارى "محللون وخبراء استراتيجيون" في التكهن بمساحة الحرب المقبلة وساحاتها والأطراف المنخرطة فيها والنتائج المترتبة عليها، بعضهم يتحدث عن سيناريو "اجتياح متزامن لكل من لبنان وقطر"، بعضهم الآخر قال أن الحرب ستشمل إيران ولبنان، مروراً بسوريا والعراق، وأن المنتصر فيها سيملي إرادته بالكامل على الأطراف الأخرى، فيما مصير المهزوم، الزوال والتقسيم و"التقاسم" ... حرب تتخطى حروب "الوكالة" إلى حروب "الأصالة"، وتنخرط فيها دول الإقليم مباشرة، من إيران وحتى إسرائيل، مروراً بالسعودية وربما تركيا والولايات المتحدة وروسيا.

ولا شك أننا أمام قدرٍ عالٍ من "الفانتازيا"، والتحليلات التي تليق بجمهور "الفيسبوك" الراغب في الإثارة والتشويق، لا أكثر ولا أقل، وإن كنت ظننت أنني سأجد مطار بيروت يصفر للريح، وأن شوارع المدينة خاوية على عروشها، فقد ذهلت بحجم الحركة في المطار والشوارع، ودرجة الاكتظاظ في المقاهي والمطاعم ... القلق يساور اللبنانيون، نعم ... لكنه لا ينجح في تبديل أو تغيير رزناماتهم اليومية.

المؤكد أن درجة التوتر والتصعيد، بالذات بين إيران والسعودية غير مسبوقة على الإطلاق، ولا شك أنها تتغذى بأشد الحملات العدائية ضد إيران تنطلق على نحو منسق ومتزامن، وغير مسبوق أيضاً، من واشنطن وتل أبيب ... ونعرف جميعاً حكاية "الحلف الإقليمي الجديد" التي قيل بشأنها الكثير في واشنطن والرياض زمن القمة الأمريكية – الإسرائيلية، فيما تصريحات نتنياهو عن تطور غير مسبوق في علاقات إسرائيل المضمرة والمعلنة مع دول عربية، ما زالت تصم الآذان وتزكم الأنوف.

والحملة على لبنان بشكل خاص، انطلاقاً من مواقف شديدة العداء لحزب الله، غير مسبوقة أبداً ... ولغة التهديد والوعيد ضد هذا البلد الصغير، لا تليق به، ومن باب أولى، لا تليق بأصحابها ... واستدعاء الجاليات وقرارات حظر السفر تثير قلقاً من نوع معين، حتى أن المرء يظن للوهلة الأولى، أن الحرب باتت مسألة ساعات لا أيام، وهذا غير صحيح، ويندرج في باب التطيّر.

كيف يمكن "تأديب" لبنان وتأليبه على حزب الله؟ ... استقالة الحريري أو إقالته، أحدثت مفاعيل عكسية تماماً ... البيئة السنيّة، لم تنشغل في تعداد "المصائب" التي تسبب بها حزب الله لبنان كما كان يؤمل، وكما ورد في رسالة الاستقالة المعدة سلفاً التي ألقاها سعد الحريري مرتبكاً وممتقعاً ... البيئة السنية انشغلت بمسألة واحدة فقط: عودة الحريري إلى لبنان، باعتبارها مسألة كرامة وسيادة قبل أن تكون أي شيء آخر، واللبنانيون على اختلاف مشاربهم وولاءاتهم الموزعة على عواصم الإقليم، يتقاسمون اليوم، كما لم يحدث من قبل، مشاعر التضامن والتعاطف مع رئيس حكومتهم.

ولولا أصوات "نشاز" قليلة، لقلنا أن استقالة الحريري طائعاً ام مرغماً، وحدت اللبنانيين بدل أن تقسمهم، وباتت كثرتهم الساحقة، تطالب بحفظ الأمن والاستقرار، وعدم الانزلاق إلى الفتنة، وعبارات من نوع "قطع الطريق" و"تفويت الفرصة" وغيرهما من تعابير ومصطلحات تذهب في اتجاه معاكس لمرامي الاستقالة/الإقالة، باتت الأكثر شيوعاً على ألسنة السياسيين والمارة في الشوراع ورواد المقاهي.

كيف يمكن استئصال حزب الله، ومن الذي سيقوم بهذه المهمة، وهل هي مهمة ممكنة في المقام الأول والأخير؟
ليس في لبنان قوة منفردة أو حتى قوى مجتمعة قادرة على القيام بهذا الدور من منظور توازن القوى وموازينها، ولم يعد اللعب بورقة "السلفية الجهادية"، من نصرة وداعش وما شاكلهما وارتبط بهما وسار على هديهما من حركات ومسميات، أمراً يسيراً في ظل انحسار البيئة الحاضنة لهذه التنظيمات من جهة، وبالنظر لحساسية دعم جماعات إرهابية من جهة أخرى، مع أن واشنطن والغرب، لم يُسلّما بعد، ونهائياً، بعدم جواز "توظيف" هذه الجماعات لأغراض سياسية، وإن بطرق غير مباشرة.

ولن يكون هناك "تحالف عربي" ضد لبنان أو حزب الله، على طريقة التحالف العربي ضد اليمن والحوثيين ... مصر قالت موقفها المزلزل في هذا المجال، والأردن الذي لم يتحمس لحرب اليمن من قبل، لن يتحمس للحرب على لبنان من بعد، والاتحاد الأروبي "غرّد" في الاتجاه المعاكس لحملات التجييش على لبنان والعبث بأمنه واستقراره، وروسيا فعلت الشيء ذاته... وحدها واشنطن ما زالت تقبع في المنطقة الرمادية، فهي لا تريد للبنان أن ينفجر ولا تريد لحزب الله أن يبقى، وهي حائرة بين الأولويتين.

ثم، من قال ان تحالفاً عريباً عجز عن إنجاز نصر حاسم على الحوثي وصالح بعد ثلاث سنوات من حرب لم تبق ولم تذر، سيكون بمقدوره أن يكسب حرباً على لبنان وحزب الله، مع كل ما لدى الحزب من ميزات تفضيلية على الحوثي من حيث الخبرة والتسليح والتدريب و"خطوط الإمداد" وغيرها .... من قال أن مغامرة كهذه سيكتب لها النجاح، ولن تنقلب على أصحابها وحلفائهم وأصدقائهم.

تبقى إسرائيل، التي تتحرق شوقاً لإبادة حزب الله وتدمير طهران، وهذه قصة عمرها ربع قرن على الأقل، وهي جربت قبل النووي وبعده، دفع واشنطن للقيام بهذه المهمة نيابة عنها، وفشلت ... وهي جربت استئصال حزب الله وخاضت ضد سلسلة من المعارك والحروب والاغتيالات والعمليات، خرج بها جميعها، أكثر قوة وعدة وعدداً ... ثم، من قال أن "جيش الدفاع الإسرائيلي" سيقبل أن يضبط عملياته وتوقيتاتها، بناء على أجندات عربية أو خليجية، من قال أنه سيقبل القيام بدور "الحرس الوطني" لهذه الدولة أو تلك ... إسرائيل معنية بشن حرب ذات يوم على لبنان، لإبعاد تهديد حزب الله، وهي دعمت النصرة على جبهة القنيطرة والجولان المحتل، استناداً لنظرية تقول أنها أقل سوءا من حزب الله، لكن إسرائيل ستفعل ذلك، حين تقرر فعل ذلك، وفقاً للتوقيت المحلي لمدينة القدس، وليس لأي عاصمة أخرى، وخدمة لأجندة إسرائيلية، وليس لأية أجندة أخرى.

تصعيد، نعم .... استقطاب وتوتير، نعم ... تحشيد وتعبئة وعقوبات وحصار، نعم .... سحب الغطاء الإقليمي والمحلي عن حزب الله، نعم ... رغبة في قصقصة أجنحة طهران وأذرعها، نعم ... حروب بالوكالة تصعد وتهبط، نعم ... حرب شاملة ومباشرة، لا أحد يريدها، لا ضد لبنان أو إيران، ولا ضد قطر التي فرغت للتو من إبرام أحدث صفقة سلاح مع واشنطن، فلماذا كل هذا التطيّر، ولماذا كل هذه "الفانتازيا"؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فانتازيا المحللين والخبراء الاستراتيجيين فانتازيا المحللين والخبراء الاستراتيجيين



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday