النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني

 فلسطين اليوم -

النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني

بقلم : عريب الرنتاوي

لطالما سكنني الاعتقاد بأن لبنان «نسيج وحده»، وأنه الاستثناء للقاعدة العربية ... ليس فقط لأن الراحل الكبير محمود درويش نسج من حروف ثلاثة «حكاية» لبنان بأسرها: بحر وحرب وحبر وربح، بل لأن هذا البلد الذي جعل من ضعفه قوة ذات يوم غابر، أحال في العشرية الأخيرة من السنين، قوته الفائقة إلى ضعف وهشاشة.

لبنان هو البلد العربي الذي سطر معجزتين اثنتين في عامين متلاحقين، سرعان ما تبخرت نتائجهما وكأنها لم تكن ... الأولى؛عندما نجحت مقاومته في الخامس والعشرين من أيار عام 2000 في كنس الاحتلال الإسرائيلي عن أراضيه، من دون معاهدة، وبلا قيد أو شرط، ليكرس بعد سنوات ست «ميزان رعب» مع الجيش الذي لا يقهر، وليخلف «عقدة» ضاربة في عمق الوعي الجمعي والفردي للإسرائيليين اسمها جنوب لبنان وحزب الله.

والثانية؛ عندما خرج أكثر من ربع سكانه المقيمين، أكثر من مليون شاب وفتاة إلى الشوارع في انتفاضة 14 آذار 2005، أو ما أسمي لاحقاً بـ «ثورة الأرز» مطالبين بالحرية والكرامة والتحرر من الهيمنة السورية، وقبل أن تعرف الشوارع والميادين العربية بعد ست سنوات، ربيعها وثوراتها المليونية.

كلتا المعجزتين تبددت نتائجهما وثمارهما على مذبح الانقسام المذهبي والطائفي القاتل ... تحول «نصر المقاومة والتحرير» إلى اصطراع مذهبي قاتل، ونشأت في مقابل ثورة الأرز، اصطفافات أعادت أمراء الحرب والطوائف إلى سابق عهدهم ومكانتهم على رأس نظام المحاصصة المذهبية والطائفية، لكأن الأرض لم تتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، والشعب لم ينعتق من الهيمنة السورية.

لم يقف الحال عند هذا الحد، ففي العامين الفائتين تكررت حكاية لبنان مع «المعجزات» وإن بأحجام أصغر ودرجات أقل من الإبهار والإعجاز ... نجح حزب الله في طرد جبهة النصرة من جرود عرسال والحدود الشرقية، ممهداً طريق الجيش اللبناني لاستكمال المهمة في جرود راس بعلبك والقاع، وبدل أن يكون هذا الإنجاز نصراً للبنان ونعمة له، تحول إلى سبب إضافي للاحتراب ونقمة تنذر بالويل والثبور وعظائم الأمور.

على خط آخر، كان شباب الرابع عشر من آذار يتجددون ويجددون حضورهم في الحراك المدني الذي بدأ بشعار «بدنا نحاسب» و»طلعت ريحتكم» وصولاً إلى تهديد زعامات الإقطاع السياسي في الانتخابات البلدية و»بيروت مدينتي» ... استنفر أمراء الحرب من جديد، والغريب أنهم توحدوا في مواجهة هذا التهديد، وتبددت مفاعيل الحراك المدني، مثلما تبدد نصر الجرود على مذبح الانقسامات المذهبية والطائفية، وتحولت النعمة إلى نقمة من جديد.

في ميادين المقاومة المسلحة ومقارعة الاحتلال، كان لبنان رائداً ... وفي ميادين المقاومة الشعبية والمدنية والحراك الشبابي السلمي، كان لبنان طليعياً، لكن لبنان «المعجزة» غير مسموح له على ما يبدو أن يستفيء بنعمه ومنجزاته، ونظامه السياسي أعجز من أن يترجم طاقات أبنائه وإبداعاتهم وجرأتهم وتضحياتهم، إلى نتائج مستدامة، وفي أي حقل من الحقول.

لا نريد أن نحمل لبنان وحده، وزر الفشل في ترجمة الريادة و»الطليعية»، فثمة إقليم من حوله ومن حولنا، يضيق ذرعاً بكل هذا وذاك وتلك، فللمحاور والمرجعيات رأي آخر ومصالح مغايرة .... لا مجال معها لا لترجمة النصر على إسرائيل ولا لتكرس الاستقلال عن سوريا ... لا مطرح في لبنان إلا لأمراء الطوائف، لأنهم رؤوس الجسور للنفوذ الإقليمي في لبنان وعليه ... ولأنهم، وهذا هو الأهم، فرسان حروب الوكالة وصراعات الأدوار والنفوذ، في لبنان، ومؤخراً في عموم الساحة المشرقية ... لبنان «الاستثناء» منكوب بـ»القاعدة» العربية والإقليمية، والقاعدة هنا تقول أنه يحظر على هذا البلد، أن يكون نموذجياً وطليعياً ومبادراً، فحريته محرجة للآخرين، وتحرره يذكرهم بقيودهم وأغلالهم وعجزهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday