تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن
آخر تحديث GMT 06:05:23
 فلسطين اليوم -

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

 فلسطين اليوم -

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

يستعد التونسيون لاستقبال رئيس الوزراء العاشر في جمهوريتهم الثانية، متوسط أعمار حكومات ما بعد الثورة في تونس، لا يزيد على «المتوسط التاريخي» لأعمار الحكومات الأردنية خلال المئوية الأولى من عمر الدولة. تونس تزاحم الأردن على صدارة قائمة الدول الأكثر تبديلاً لحكوماتها ورؤساء وزرائها.

حالة عدم الاستقرار الحكومي في تونس مفهومة، فالأحزاب تتشظى، ومستويات الثقة بها تتآكل. حتى «النهضة» ذات المرجعية الإسلامية، والتي تصدرت قائمة الأحزاب في آخر انتخابات، فقدت خلال هذه العشرية، أكثر من ثلثي طاقتها التصويتية، بيد أنها وبسبب تشظي أحزاب «التيار المدني» و»أحزاب العهد القديم»، نجحت بالاحتفاظ بالموقع الأول.

ثمة أسباب داخلية وأخرى خارجية، تضافرت مجتمعة لتشكيل حالة «عدم الاستقرار» وإطالة أمدها، تعود في مجملها إلى الفسيفساء الحزبية التي يتوزع عليها التونسيون (أكثر من 200 حزب سياسي)، وعدم كفاية سنوات الانتقال العشر لانتقال تونس من سيولة «التعددية الحزبية المنفلتة» إلى مأسسة «النظام الحزبي القار»، صراعات السلطة بين تيارات تتباين في مرجعياتها ورؤاها وبرامجها، وبعضها «أقصوي/ إلغائي»، وقلة درايتها في تدبير الشأن العام، فضلاً عن «الجائحة الاقتصادية» التي لا يبدو أن التونسيين نجحوا في احتوائها، حتى أن مشروعاً إستراتيجياً واحداً في تونس، لم يجر تدشينه منذ سقوط نظام زيد العابدين بن علي.

إن صَحّت الاتهامات لحركة النهضة، أو لأجنحة منها بالمسؤولية عن اغتيال النائب محمد البراهمي والقائد اليساري شكري بلعيد، فمعنى ذلك، أن ثمة فريقاً استئصالياً في النهضة، أشد خطورة من الجماعات الإقصائية والاستئصالية العلمانية، التي تبدي شوقاً وحنيناً لعودة النظام القديم ودولته العميقة. معنى ذلك، أن «اعتدال» النهضة و»حداثتها» أخفقا في منع مفاعيل «نظرية التمكين» و»الجهاز السري»، وتقديم الجماعة على الدولة، والأمة (الإسلامية) على الأولويات الوطنية للبلاد والعباد.

ثمة إرهاصات يتكشف عنها السجال التونسي، دالّة على حدوث ما يمكن وصفه بـ»الانتكاسة» في خطاب النهضة وسلوكها السياسيين، ربما مدفوعة بالنجاحات التي تحققها تركيا الأردوغانية في كل من سورية والعراق وشرق المتوسط وليبيا وباب المندب. النهضة واكبت في خطابها الحداثي (المدني) مرحلة صعود «العدالة والتنمية» في تركيا، واعتماده مقاربات تصالحية بين الإسلام والديمقراطية - (العلمانية)، و»صفر مشاكل» في السياسة الخارجية، فهل ستواكبه وهو ينتقل من «الأدوات الناعمة» إلى «الأدوات الخشنة»، ويعظم من حضور المكون الديني – المذهبي في خطابه (آيا صوفيا آخر مثال)، وتدمير قلاع العلمانية في تركيا، والميل لنظام رئاسي مطلق الصلاحيات بديلاً عن النظام البرلماني الذي ظل قائماً طوال سنوات وعقود مديدة؟

لكن فهم الأزمة في تونس، لا يكتمل بمعزل عن رؤية الصورة الأكبر لصراع المحاور الإقليمية المتناحرة في الإقليم، فليست «النهضة» وحدها من تتشجع بنجاحات محور إقليمي بعينه، وتتلقى العون المالي والمعنوي والإعلامي من أركانه. هناك قوى وأحزاب، محسوبة على التيار المدني العلماني، تتغذى عبر «حبال سُريّة» من محور إقليمي آخر، وتستند إلى شبكات دعم مالي ومعنوي وإعلامي توفره دول ذاك المحور كذلك.

معركة الرئيس قيس سعيّد، لاستنقاذ الدولة، وإبعادها عن «حروب المحاور»، وتدوير الزوايا الحادة في خطابات وممارسات قوى محلية أقصوية متنازعة، لا تبدو معركة سهلة على الإطلاق، سيما في مناخات الاستقطاب الإقليمي. لقد لوّح بإجراءات (ضد «النهضة» كما فهم) وانتقد تعطيل البرلمان من قبل جماعة «الدستوري الحر»، وضرب هنا وضرب هناك، ولهذا تلقى الضربات من مختلف الجهات، وآخرها «التيار الإخواني» العربي، الذي بات مقتنعاً على ما يبدو، بأن رهانه على ابتلاع «الرئيس المنتخب» أو الاستظلال بظلّه، لم يكن رهاناً في محله.

قد يهمك أيضا :  

  «الآن هنا، أو شرق المتوسط مرة أخرى»

  "حل الدولتين": في نقد التفكير الرغائبي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday