السلطة إذ تعيد تشكيل الحركة
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

السلطة إذ تعيد تشكيل الحركة

 فلسطين اليوم -

السلطة إذ تعيد تشكيل الحركة

بقلم :عريب الرنتاوي

ستتحول سلطة الأمر الواقع في غزة، إلى أداة جبارة لإعادة صياغة حركة وتشكيلها، طالما أن الاحتفاظ بهذه السلطة، بات أولوية لا تتقدمها أية أولوية أخرى ... وسنرى طوابير الصقور من قادة الكتائب والأسر المحررين، يلتحقون تباعاً بأسراب الحمائم ... وسيصبح التنقل بين دمشق والضاحية الجنوبية والدوحة والقاهرة وطهران، وربما أبو ظبي في قادمات الأيام، أمراَ شرعياً تماماً... حتى اللقاء مع عدو الحركة وخصمها اللدود، العقيد المنشق محمد دحلان، سيكون أمراً جائزاً ومحبذاً، وقد تدعمه "هيئة كبار العلماء المسلمين" الجاهزة دوماً لإصدار الفتاوى الشرعية حول الشيء ونقيضه.

وبدل أن تنجح الحركة في تحويل السلطة أوسلو إلى سلطة مقاومة، رأينا السلطة تحول الحركة من حركة مقاومة إلى "حزب سلطة" لا يستطيع أن يفارقها، ويبتني لنفسه وقادته منظومة من المصالح التي يصعب التخلي عنها، مادياً ومعنوياً ... رأينا السلطة تعيد تشكيل الحركة، بدل أن تنجح الحركة في إعادة تشكيل السلطة.

حين كان "التمكين" يقتضي التحالف مع طهران ودمشق وحزب الله، كانت حماس ركناً ركيناً في "محور المقاومة والممانعة"، وعندما هبّت رياح "الربيع العربي"، ومالت الكفّة في غير صالح دمشق، غادرها مكتب الحركة السياسي إلى غير رجعة، ولم يتردد رئيسه عن التدثر بـ "علم الثورة السورية" والتلويح به مهرجانات إسطنبول، وصارت الدوحة وأنقرة هما فرسا الرهان الأساسين، والرافعة الكبرى للتمكين وإدامة سلطة الأمر الواقع... ومرة أخرى، لا بأس من إجراء كثير من التغيرات والتعديلات على برنامج الحركة وطروحاتها، وفقاً لمقتضيات الحلف الجديد، التي ينبع بعضها من حساباته الخاصة، وأكثرها من حسابات الشركاء الدوليين للدولتين الراعيتين لحماس.

اليوم، تبدو قطر في أضيق الزوايا وأحرجها، وأياً كان "سيناريو المخرج" الذي سينهي الأزمة بين الإمارة الصغيرة وشقيقاتها الكبريات، في مجلس التعاون وخارجه، فإن من المؤكد أن قطر الغد، لن تكون أبداً مثل قطر الأمس ... حتى أن رئيس وزراء الإمارة الأشهر، ووزير خارجيتها الأسبق والمعروف بغطرسته، بات يتحدث بلغة الاستعطاف ويستحضر مفردات العلاقة بين الشقيقة الكبرى والشقيقة الصغرى، فيما وزير خارجيتها الحالي، لا يمل من تكرار استعداد بلاده لتفهم مخاوف ومصالح "الرباعي العربي" الذي يشن حرباً شعواء وغير مسبوقة ضد قطر.
هنا والآن، يبدو أن الحركة بصدد تلمس مواقع خطواتها للمرحلة المقبلة ... لا مكان مريح لقيادتها في الخارج، انقضت سنوات اللجوء في دمشق، حيث تحول الضيف إلى مضيف... وسنوات اللجوء ذي الخمسة نجوم في الدوحة، يبدو أنها في طريقها إلى نهايتها الحتمية كذلك ... يحدث ذلك، قبل أن يتمكن "الابن الضال" من العودة إلى أحضان أمه، في محور طهران – دمشق – الضاحية، لأسباب تتعلق بمخاوفه من تبعات هذه النقلة، وانعدام ثقة حلفاء الأمس، بالشريك الذي لا يعرف الاستقرار في خندق واحد، والذي يتصرف في بعض الأحيان، كالموظف المستجد في شركة صغيرة الحجم، والذي يبدأ منذ اليوم الأول لتسلمه مهام وظيفته، بإرسال سيرته الذاتية إلى شركات أكبر بحثاُ عن وظيفة بشروط أفضل.

هنا والآن، تبدو الحركة على أتم الاستعداد للتفكير بالانضواء تحت رايات محور جديد، قد يكون القاهرة – أبو ظبي هذه المرة ... أسبابها في ذلك، تعود إلى اختناقها بغزة واختناق غزة بها، أما بوابتها إليه فتتمثل في عدو الأمس، محمد الدحلان ... فالتفاهمات التي أبرمت بين الجانبين في طريقها للتنفيذ، والأنباء تتحدث عن زيارة وفد من الحركة للإمارات، ظاهرها اللقاء مع الدحلان، وباطنها تفتيح قنوات اتصال مع رعاته وداعميه.

إن كان الترياق المطلوب لإسالة بعض الدماء في شرايين سلطة الأمر الواقع المترنحة والفاشلة، سيأتي من هذا المحور، فالأرجح أن الحركة لن تتردد عن طرق أبوابه، حتى وإن كانت فاتورة هذا الانتقال باهظة للغاية ... هنا لا نستطيع القول إن حماس قد تنقل بندقيها من كتف إلى كتف، فلا بنادق في الدوحة وأبو ظبي لحماس وخيار المقاومة ... هنا ستدخل الحركة على خط التأهيل وإعادة التأهيل، التكيف والتواؤم، مع مقتضيات "مرحلة ما بعد سقوط حكم الإخوان في مصر" والتي تكاد تكون متلازمة مع مرحلة ما بعد دمشق، مع فاصل زمني قصير للغاية.

إدامة حكم حماس في غزة هو متبدأ جملتها وخبرها، وهو الحافز الأكبر لإصدار ميثاق الحركة الجديد، والانفتاح على أعداء الأمس ... لكن أنظار حماس لا تبتعد عن الضفة الغربية، ورهانها على الحلول محل السلطة والمنظمة وفتح وعباس لا ينقطع، ولكن من بوابة التكيف والتأهيل هذه المرة، وليس من بوابة "المقاومة والممانعة"، والتي قد تنهي حكم حماس في غزة، بدل أن تفتح لها أبواب الضفة في الظرف الإقليمي والدولي الراهن ... وإن لم تفز حماس بالضفة والمنظمة، ظفرت بالقطاع، وهذا أضعف الإيمان ... وإن تعثر مسار انهاء احتلال الضفة ومسار انهاء الانقسام، فإن من المؤكد أن حماس ذاهبة للانفراد بإمارتها في غزة، مهما كلف الأمر، ودائماً تحت ستار كثيف من دخان الشعارات الكبيرة والبراقة.

كنّا نظن أن انخراط حماس في النظام السياسي الفلسطيني وتبنيها لخطاب واقعي أمرٌ قد يقرّب الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه وبناء مؤسساته واستعادة وحدته، لكن ما غاب أن أذهاننا ورهاناتنا وقراءاتنا، أن هذه الحركة، شأن كثير من الحركات، وامتداداً لفلسفة الجماعة الأم، مسكونة بنظرية "التمكين"، وأن شغفها بالسلطة، لا يقل إن لم يزد، عن شغف فتح وقيادتها بالسلطة، أو بتعلق النظم العربية القائمة بها، بمن فيها الأنظمة التي طالما حملت الحركة عليها ودعمت خصومها ومعارضيها، كما جرت عليه الأحوال في سوريا ومصر على وجه الخصوص.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلطة إذ تعيد تشكيل الحركة السلطة إذ تعيد تشكيل الحركة



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية

GMT 13:51 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

اللواء تيسير البطش يتفقد معبر بيت حانون
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday