ملاحظات أولية على «خطبة الوداع»
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

ملاحظات أولية على «خطبة الوداع»

 فلسطين اليوم -

ملاحظات أولية على «خطبة الوداع»

بقلم : عريب الرنتاوي

بدا الرئيس الفلسطيني محمود كمن أراد أن يقول كل شيء، دفعة واحدة، أمام الجلسة الافتتاحية للدورة الـ 28 للمجلس المركزي الفلسطيني، لكأن الرجل يخشى في داخله، ألا تتاح له الفرصة مرة ثانية، للقاء هذا الجمع من الشخصيات الفلسطينية، أعضاء المجلس وضيوفه، وهو ألمح إلى ذلك على أية حال، في معرض حديثه عن “كلفة القرار الوطني المستقل”، و”ثمن” التصدي لمشروع الدولة الأعظم المكرس لخدمة مصالح الدولة المارقة/ المدللة، “ ....

لكأننا كنا في الاستماع إلى “خطبة الوداع”.الخطاب بدا طويلاً، بل ومملاً في جزئه الأخير، حين شرع في سرد منجزات حكومة السيد رامي الحمد الله... لكن، وبخلاف ما يعتقده كثيرون، فإن جزأه الأول، التاريخي، لم يكن ضرباً من “تقطيع الوقت” أو الهروب إلى الوراء، إلى بطون الكتب، ولا أظنه جاء عفو الخاطر، فالرئيس أراد أن يعيد الاعتبار لـ”السردية الفلسطينية” التي غابت أو بالأحرى غُيبت عن المشهد طوال سنّي ما بعد أوسلو، والرئيس مسؤول جزئياً عن هذا الغياب والتغييب، وربما أراد أن يمهد لخطوات لاحقة تتصل بإعادة النظر في الاتفاقات المبرمة مع إسرائيل في سياق هذه العملية، وسحب الاعتراف بها، بعد أن أخفقت في الاعتراف بشعب فلسطين وحقه في تقرير مصيره بنفسه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وهو ما سنعرفه ونتعرف عليه، في ختام اجتماعات المجلس.وربما لهذا السبب بالذات، توقفت صحافة الاحتلال مطولاً عند “السردية التاريخية” التي استبطنها الخطاب، ورأت فيها سعياً فلسطينياً حثيثاً لنزع “الشرعية” عن “دولة اليهود”، وتأكيداً متكرراً على عدم اعتراف الفلسطينيين بـ “حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره” و”العودة إلى دولته اليهودية” ... عباس أماط اللثام مجدداً، ونفض الغبار بقوة، عن “المشروع الصهيوني” بوصفه رأس حربة لمؤامرة استعمارية - إمبريالية متكررة ومتعاقبة، ضاربة في قدم التاريخ، وتعود بواكيرها إلى خمسمائة عام خلت، وبهدف السيطرة على هذه المنطقة من العالم، وأن لا صلة لها لا باليهود، شعباً وأتباع ديانة، ولا بتطلعات مزعومة للاستقلال وتقرير المصير، والمؤكد أنها منبّتةٌ عن حكاية “الحق الديني والإلهي” وكافة الأساطير المؤسسة للرواية الصهيونية.قد يقول قائل: وما حاجتنا لتذكيرنا بما نعرف وما نشأنا عليه في بيوتنا ومدارسنا، جيلاً بعد جيل ... والحقيقة، أن مسار مدريد – أوسلو، أفضى إلى طمس “الرواية” الفلسطينية – العربية للصراع العربي – الإسرائيل، حتى أننا انتقلنا بخفة، من الاعتراف بدولة إسرائيل، إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، وصولاً إلى تجريب الاعتراف بـ”يهودية الدولة”، وأسقطنا عن إسرائيل صفتها كمشروع استعماري – عنصري – اقتلاعي، بدلالة تواطؤنا مع “شرط” إلغاء القرار الأممي الذي يقيم تماثلاً بين الصهيونية والعنصرية ... عباس جاء في خطابه الأخير، ليصحح خطأ قارفه وقارفناه وقارفه كثيرون في هذه المنطقة، وليس من السياسة في شيء، القول: لا جديد في الخطاب، وأن الرجل هرب إلى دروس التاريخ لكي يتهرب من طرح أسئلة المستقبل.والخطاب من أوله إلى آخره، تميز بنبرة وطنية شديدة الحساسية لاستقلالية القرار الوطني الفلسطيني، بعد أن تكاثرت محاولات بعض “العربان” و”الغربان” وفقاً لتعبير الصديق محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العربية في كلمته أمام المجلس، .نبرة السخرية في الخطاب، مكنت الرئيس عباس من اجتياز الكثير من الخطوط الحمراء التي اعتاد الوقوف عندها، في نقده للسياسات الأمريكية المعادية لحقوق شعب فلسطين وللمواقف العربية المتساوقة معها والممهدة لها ...

وهو أمر فهمه فرسان “السوشيال ميديا” على غير حقيقته، فكثفوا انتقادهم لعبارات الترحم على بن غوريون وتشيرتشل وغيرهما، وسخروا من إشارته “كعب نيكي هيلي العالي” في حين أن من أصغى للخطاب ووضع الأمور في سياقها ونصابها، رأى نقيض ذلك تماماً.عباس كان جريئاً في استعراضه لمحطات مهمة في تطور العلاقة الفلسطينية – الأمريكية، وكان أجرأ في نقده للمواقف الاستفزازية للرئيس ترامب وبعض أعضاء فريقه (سفيره في تل أبيب وسفيرته في نيويورك)، الأمر الذي حدا بإحدى صحف لبنان المحترمة الناطقة بالإنجليزية، لاختيار عنوانٍ لتغطيتها: Shame on you: Abbas rebukes U.S. president””، وأحسب أن هذه الجرأة، في زمن التهافت والهرولة العربية صوب واشنطن وتل أبيب، تحسب لعباس لا عليه، ومن نافل القول، إنها أقل ما يمكن أن يقال في وصف السياسة الأمريكية حيال فلسطين والفلسطينيين، بلا غرور ولا مغامرة، وفقاً لتعبير عباس ذاته.الخطاب، على ما فيه وعليه، نجح في خلق مناخات اعتزاز وطني، وقطع مع “صفعة القرن”، ورسم تخوماً سيجد “العرب” أنفسهم مضطرين للوقوف عندها، أقله إلى حين من الوقت ... وحول الخطاب المذكور، على ما فيه وعليه، ستدور مقررات المجلس المركزي وحركة المنظمة والسلطة وحراكهما في المرحلة المقبلة، ما يستدعي العودة مرة ثانية لتقييم مضامين الخطاب السياسية، وتحليل قراءة الرئيس لعناوين المرحلة وسبل المواجهة وملامح الاستراتيجية الفلسطينية المنتظرة، وغداً يوم آخر.

نقلًا عن جريدة الدستور

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملاحظات أولية على «خطبة الوداع» ملاحظات أولية على «خطبة الوداع»



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday