حين تقترب لحظة تبديد الالتباس في العلاقة بين دمشق والأكراد
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

حين تقترب لحظة تبديد "الالتباس" في العلاقة بين دمشق والأكراد

 فلسطين اليوم -

حين تقترب لحظة تبديد الالتباس في العلاقة بين دمشق والأكراد

بقلم : عريب الرنتاوي

ما أن أعلنت واشنطن وقوات "قسد" عن استعادة الرقة من قبضة داعش، حتى بادرت دمشق، إلى إعلانها مدينة "محتلة"، طالما أن الجيش والقوى الأمنية السورية لم تدخلها بعد ... وقد ردد علي أكبر ولايتي صدى هذا التصريح، وبصورة أكثر عزماً ووضوحاً، عندما قال بأن الجيش السوري وحلفائه، سيتوجهون إلى الرقة لتحريرها.

أمس، كان الرئيس السوري بشار الأسد، يجدد التزام بلاده بمحاربة "التقسيميين" بعد أن فرغت أو تكاد، من محاربة "التكفيريين" ... وهو الموقف الذي ردت عليها قوات "قسد" بتأكيد استعدادها لمحاربة الجيش السوري إن اقترب من مناطق سيطرتها في دير الزور... التصريحات السورية والكردية، تزامنت مع تقدم أحرزته قوات الطرفين على الأرض، على حساب "داعش". يبدو أن مرحلة "ما بعد داعش" في سوريا، محملة بالتحديات، شأنها في ذلك شأن مرحلة "ما بعد داعش" في العراق.

ووفقاً لمصادر متعددة وتقارير إخبارية متطابقة، يبدو أن الوضع في الجزيرة ووادي الفرات ومناطق شمال شرق سوريا، يقترب من لحظة تبديد "الالتباس" الذي خيّم على العلاقة بين الأكراد والنظام طيلة سنيّ الأزمة السبع العجاف ... فقد ظلت هذه العلاقات تتفاعل في المنطقة "الرمادية"، ويبدو أن كل تقدم يُسجل على طريق الخلاص من داعش، يقرّب لحظة الحسم و"تظهير" المواقف.

وكما هو معروف، فإن العلاقة بين دمشق والأكراد، وقعت دائماً في مربع الالتباس... المعارضة السورية، طالما اتهمت الأكراد بالتواطئ مع النظام والتنسيق معه، وأحياناً، العمالة له، عن قناعة بذلك أو مجاراة لموقف "الراعي" التركي شديد العداء للحركة الكردية ... أما النظام وإن نظر بقدر من "الريبة" لسلوك الحركة الكردية وتحالفاتها ونواياها، إلا أنه لم يصدّرها على رأس أولوياته ومقدمة حساباته، فقد كان معنياً بإحكام السيطرة على "سوريا المفيدة"، ومن ثم، مطاردة داعش في البوادي الشرقية، والآن يقترب من لحظة تحديد الموقف من هؤلاء.

الكرد في المقابل، مارسوا "لعبة مزدوجة"، ميدانياً سعوا في تثبيت مواطئ أقدام لهم، وحققوا نجاحاً مكّنهم من تخطي "مواطئ الأقدام" إلى الانتشار على أكثر من ثلث مساحة سوريا .... أما سياسياً، فقد مارسوا لعبة ابتزاز النظام والمعارضة، يحصلون على "عرضٍ" من هذا الفريق، فيفاوضون الفريق الآخر للحصول على عرض أفضل، إلى أن كانت لهم "روج آفاما" بوصفها إدارة مدنية شبه مستقلة، تعيد انتاج سيرة إقليم كردستان العراق بصورة أو بأخرى.

مثل هذا الوضع لن يدوم طويلاً، فالأكراد السوريين، أكثر من كرد العراق، يثيرون غضباً أكبر وقلقاً أعمق لدى تركيا، وإيران لن تكون في يوم من الأيام إلى جانبهم، خشية من أكراد بلادها أولاً، وتضامناً مع حليفها الدمشقي ثانياً ... أما سورياً، فقد رسم وليد المعلم، سقوف المفاوضات والتسويات مع أكراد بلاده: حكم ذاتي في إطار السيادة السورية، ومن ضمن سوريا واحدة موحدة، وهو أمرٌ لا يعجب الأكراد تماماً، وهو يمارسون اليوم استقلالاً فعلياً، مثلما مارسه أشقاؤهم العراقيون من قبل.

درس كرد العراق لا شك طازجاً وماثلاً في عقول وأمام أنظار أكراد سوريا، وهم باتوا اليوم على بينة أكبر من المآلات الصعبة التي يمكن أن تفضي إليها سياسة الاستعجال و"اختطاف الاستقلال" في لحظة ضعف المركز أو انشغاله ... وأكراد سوريا، يعرفون أن المناطق التي تمددوا عليها، ليست من النوع "المتنازع عليه" أبداً، فهي مناطق عربية، ولم يعرف التاريخ أنها كانت موطناً للأمة الكردية ... واكراد سوريا ليس ككرد العراق، فنسبتهم أقل من مجموع السكان، وتواصلهم الجغرافي والديموغرافي ليس قائماً، وجزء مهم منهم، ليسوا أصلاً من أكراد سوريا، بل لاجئين من تركيا والعراق، لذا عليهم أن يكونوا أكثر تواضعاً في مطالبهم، إن هم أرادوا الحصول على نوع من الحكم الذاتي، حتى لا يخسروا "الجمل بما حمل" كما حصل لأشقائهم العراقيين، بعد مغامرة مسعود البرزاني وكنتيجة لها.

ثم أن أكراد سوريا، أو قوتهم الضاربة، بخلاف أشقائهم العراقيين، تدين بالولاء لـ"سجين أميرلي" عبد الله أوجلان، والمصنف وحزبه "بي كا كه" تنظيماً إرهابياً، حتى في بعض العواصم الغربية ... وإن كانت بعض دول الغرب قادرة على تسويق وتسويغ تحالفها معهم اليوم، فهيهات أن تقدر على ذلك مستقبلاً، وثمة ما يشي بأن علاقة واشنطن بهم، لا تتخطى سقوف "زواج المتعة" المحددة شروطه بعقد قصير الأجل، ولخدمة غرض محدد.

لن تسمح سوريا وحلفاؤها للأكراد بالاستقرار على ثلث خريطة سوريا الجغرافية ... والأرجح أن دمشق، ستجد في هذا المنحى، دعماً قوياً من أكبر قوتين إقليميتين: تركيا وإيران، إن لم يكن بشكل مباشر كما في الحالة التركية، فبشكل غير مباشر ... ومن مصلحة سوريا والسوريين، عرباً وكرداً، أن يهرعوا إلى موائد المفاوضات في سوتشي ودمشق والقامشلي والرقة، بدل أن يذهبوا إلى الخنادق وصناديق السلاح.

موسكو تنبهت لهذا السيناريو مبكراً، وسعت في تحويل "حميميم" مكاناً للتلاقي بين دمشق والأكراد، وهي وجهت الدعوة لكل القوى الكردية للمشاركة في "سوتشي 1"، وعلى الأكراد أن يستجيبوا للدعوة، والأهم أن يذهبوا إلى هناك، بعقل بارد، وبقدر عالٍ من المرونة والاستعداد لتقبل عروض واقعية، بدل الانجراف وراء وعود زائفة من بعض عواصم الغرب والعرب، ثبت بالملوس، أنهم أول من يخرقها ويتخلى عن الموعودين بها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تقترب لحظة تبديد الالتباس في العلاقة بين دمشق والأكراد حين تقترب لحظة تبديد الالتباس في العلاقة بين دمشق والأكراد



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية

GMT 13:51 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

اللواء تيسير البطش يتفقد معبر بيت حانون
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday